( أُهبـــش قـد ما تقــدر تهبــش )
بسم الله الرحمن الرحيم
( أُهبـــش قـد ما تقــدر تهبــش )
بقلم: الأستـاذ عبد الكريـم فضلـو عقـاب العـزام
مِـن المُـؤسف جداً، و مِمَّا يُدمِي القلب رؤيتنا لبعض النواب في السنوات الأخيرة، كيف أنهم و منذ اليوم الأول لدخولهم تحت القبة، نجدهم يُفكِّرون بكيفية استرداد ما أنفقوه في حملاتهم الانتخابية، و بكيفية جمع كل ما يقدرون على جَمعه من مكاسب لهم ولأبنائهم و أقاربهم، و بكيفية ( تكويش ) و هبش كل ما تطوله أيديهم من راتب خيالي، و تقاعد يجعلهم دائماً يتربَّعون على عرش سليمان حتى تأكل دابة الأرض منسأتهم.
لم نسمع أنَّ مجلساً تحدَّث و عمل بصلاحياته لمصلحة المواطنين، أو مصلحة الموظفين العاملين و المتقاعدين و قبل كل شيء مصلحة من يلبسون الفوتيك على اللحم و يتكحَّلون برمال الصحراء. هؤلاء لا يشغلون لهم بالاً و إذا ذكروهم في المجلس فيذكرونهم للمزاودة على أصواتهم في المستقبل.
أختصر مقالتي لأنَّ الحديث يحتاج لمجلَّدات، و لكن أطرح مجموعة من الأسئلة على النواب أتمنى الإجابة عليها.
- هل كان وصول الكثير من النواب عن جدارة و استحقاق؟ وهل كان للمال دور في شراء كرسي النيابة.
- هل قدَّم النائب الخدمة المرجوَّة منه للوطن والمواطن بكفاءة واقتدار.
- كم من الوقت أعطى النائب لعمله النيابي على مدار السنوات الأربع؟
- كم كلمة و كم جملة تفوَّه بها النائب على مدار السنوات الأربع؟ و يمكن عمل إحصائية لها، و إذا تكلَّم فكم كلمة كانت مُثمرة و نافعة؟
- كم من النوَّاب عمل موظفاً عامَّاً في الدولة و أنهى عمله ولم يترك أثراً؟ و لم يستطع المنافسة على أدنى الوظائف في دائرته؟
الأسئلة كثيرة وكلها تكف يد المتسابقين على الهبش من أموال الشعب. و تجعلهم يغمضون أعينهم حياءً عمَّا يكيدون له من مال و مكاسب ليست من حقّهم.
وحتَّى يتعرف من لايعرف أصحاب الأتعاب في هذا البلد، الذين يفخرون أنهم قدَّموا الصِّحَّة والعمر و حتى الحياة للوطن دون مِنَّة، هم يعيشون الآن تحت خط الفقر، و هم كُثر و كثيرون جداً و إليكم المثال التالي لموظف ما زال حيَّاً أعرفه: خدم 40 سنة في وزارته قضى أكثر من نصفها مسؤولاً يعمل من الساعة السادسة والنصف صباحاً و حتى الساعة الثامنة مساءً و قد يطول العمل أكثر من ذلك تقلَّد خلالها الكثير من المناصب القياديَّة و كان مشهوداً له بالتميُّز أينما حلَّ و هو اليوم يتقاضى راتباً مقداره (501) ديناراً.
أتمنى على النوّاب أن يُقارنوا أنفسهم بهذا النموذج الذي منه الكثير مِمَّن يعرف الوطن جهدهم و عملهم.
أعتقد أنَّه كفى طمعاً، و أنَّه كفى طبقيَّة و تمييزاً، و ليتذكَّر كل شخص مسيرة حياته و يُقرّ بما أنجز و قدَّم من خدمة، وأن يتذكَّر أنه لا يجوزلشخص أن يفخر بما أنجزه له الآخرون سواءً أكان مالاً، أو شراء ذمم، أو جرَّاً بالأيدي والحبال.
ولنتذكَّر أنَّ الحق الذي شرَّعه مُشرِّعون مُحايدون هو ما يقرُّه الشعب لا ما يُشرِّعه المشرِّعون لأنفسهم، ليُثبتوا مقولة القائل ( هذه جمعة مشمشيَّة أُهبش قد ما تقدر تهبش ).
ولنعلم جميعاً أننا ما زلنا نقرأ عن عمر بن عبدالعزيز الذي كان يُشعل قنديل بيته عندما كان يعمل عمله الخاص و قنديل الدولة عندما كان يعمل العمل الرسمي.
ولنعلم جميعاً أنَّ هناك من قدَّموا بمقدار عمل مجلس النوَّاب كاملا، و هم الآن يقبعون في زوايا بيوتهم لا يجدون شيئاً لأنَّهم لم يهبشوا و لم يُحاولوا الهبش.
الكاتِــب:الأستـاذ عبـد الكريــم فضلـو عقـاب العـزام