0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

وزارة طوارئ

 
 لقد كتبت سابقا وكتب غيري حول هذا الموضوع سابقا وفي ظروف صعبة مرّت على البلد ولم يتم تأسيس مثل هذه الوزارة حتّى الآن واعتقد ان الاسباب عديدة اوّلها ثقافة التفرّد الوظيفي وان جميع الوزارات والمؤسسات والدوائر والاجهزة المختلفة تقوم على اساس انّها بمقدورها القيام بواجباتها على احسن وجه وهذا سبب تشدّق مسؤولي وكبار موظّفي تلك الجهات بان مؤسساتهم على جاهزيّة واستعداد لمواجهة كل الإحتمالات والظروف ودائما تثبت انّهم ليسوا بالقدر الكافي من الادارة والجاهزيّة والاستعداد للتعامل مع ظروف غير عاديّة .
إنّ هذه الثقافة متأتية من عدم وجود امن وظيفي للموظفين من الدرجات العليا واي مسؤول اوّل في جميع تلك الجهات كما اي منهم يخشى ان يفقد اي ميزانيات مرصودة للتجهيز لتلك الاستعدادات اللازمة لظروف الطوارئ وهناك مثال حي على هذا التخوّف وهو فشل الحكومة بتأسيس مختبرات مركزيّة للدولة الاردنيّة وخلال الاجتماعات لمختلف الجهات ذات العلاقة قبل سبع سنوات او قبل ذلك تبيّن ان وزارة الاشغال متمسّكة بمختبراتها وكذلك دائرة الجمارك ترفض فكرة المختبرات المركزيّة وكذلك وزارة المياه ووزارة الزراعة وكذلك الجمعية العلمية الملكية ومنطقة العقبة الاقتصاديّة الخاصّة وغيرها وكان التبرير الظاهري المزعوم هو التخصّصية لكل جهة ولكن السبب الفعلي هو فقدان الجهة للرسوم التي تجنى او الزعامة الواهية ولم تؤخذ مطالب مؤسسة المواصفات والمقاييس ومصلحة الوطن بالحسبان .
ولكن الايام البيضاء التي حلّت على البلاد هبة وغيثا من رب العباد تلك الايّام اثبتت النتائج السوداء لتعامل الجهات الرسميّة مع الازمة وتبيّن ذلك من عناء المواطنين الذي تمّ تحميلهم مسؤوليّة خروجهم واللعب بالثلج او التجوّل بالشوارع مما اعاق في الغالب عمل الاليات ومع اننا لا نبرّر للمواطنين تلك التصرّفات إلاّ اننا بنفس الوقت نلوم الجهات الرسميّة لثلاث اسباب اوّلها قلّة التوعية المسبقة حول تلك الاخطار وثانيها عدم كفاية الاليات والمعدات والكوادر لتلبية احتياجات المواطنين ومنها فتح الطرق بالسرعة اللازمة وثالثها عدم فرض غرامات وعقوبات ورسوم على المواطنين المخالفين كنوع من العقوبات الرادعة اي ان اليكسا هو السبب الرئيس للأزمة ولكن الحكومة والمواطنين سهّلوا بحدوث الخسائر .
ومن الجهات التي اثبتت فشلها شركات توزيع الكهرباء وكذلك وزارة المياه لتوقف بعض محطّات الضخ نظرا لعدم وجود احتياطات لانقطاع الكهرباء وثم تقصير مصفاة البترول ومحطات تزويد الوقود وثم الناقل الجوّي الرسمي وهو الملكيّة الاردنيّة التي قبلت ان تلغى رحلات الطيران بسبب اغلاق طريق المطار وكذلك وزارة الاشغال العامّة التي عجزت عن استمراريّة فتح الشوارع والطرق الرئيسة بين المحافظات ويشاركها في هذا الوزر وزارة الشؤون البلديّة وكذلك التقصير الواضح لأمانة عمّان الكبرى التي اخذت بالحسبان ان المنخفض سيستمر ليوم واحد حيث نفذ الديزل من الاليات بعد اول يوم .
نعم هناك مجلس اعلى للدفاع المدني يرأسه وزير الداخلية ونواته مديرية الدفاع المدني ويشارك فيه ممثلون عن كافّة الجهات الحكومية والخاصّة ذات العلاقة بالإنقاذ والإيواء والتزويد والعلاج وازالة اثار الحالة الطارئة وتقييم التعامل معها ولكن وفي كل حالة طوارئ ناتجة عن ظروف غير عاديّة طبيعية وغيرها كإعصار اليكسا او حالات تدفّق اللاجئين للبلد لم نجد دورا فعليا هامّا لذلك المجلس وكأن مديرية الدفاع المدني كبقيّة الجهات الاخرى تعمل منفردة وليس ضمن خطّة تكامليّة شاملة تأخذ جميع الابعاد والظروف والإمكانات المتاحة بالحسبان ونرى ان الحكومة تدير ظهرها بدلا من إدارة الأزمة باحثة فقط عن كبش فداء .
إنّ طلب الحكومة مقاضاة شركات توزيع الكهرباء لتقصيرها في عملها تطوّر جيّد ولكن هذا يعني ان الحكومة التي قامت ببيع تلك الشركات وخصخصتها كانت مخطئة في قرارها ويجب محاسبة اصحاب العلاقة خاصّة ان رئيس الحكومة لا يريد ان يجد كبش فداء لذلك التقصير .
إنّ المناظر التي صوّرها التلفزيون الاردني وخاصّة تلك التي اظهرت جلالة الملك وهو يزيح سيارة مواطن عن الطريق او وجلالته يحمل طرود الغذاء للمتأثرين في المنطقة الشمالية وزيارته للمنطقة الجنوبية وكذلك حملات الجيش لانقاذ من طارت خيامهم وتقديم اللازم لهم او حملات الامن الجويّة للمتضرّرين من العاصفة في محافظة عجلون او مساعدة اليات الدفاع المدني في توليد بعض الامهات ونقلهن للمستشفيات مع من احتاجوا لغسيل كلى وغيرها مما شاهدناه على شاشة التلفزيون الاردني الذي يظهر ان لا وجود لحكومة مدنيّة في الدولة الأردنيّة وان من يقوم بتحمل اعباء حماية الأردنيون ومن هم على الارض الاردنيّة هو جلالة الملك والأجهزة الامنيّة والجيش العربي .
وإضافة للإعتراف الضمني لمسؤولي الامانة عمان والبلديات والاشغال ووزارة الصحّة من تفاجئهم بدخول الموجة الثانية للمنخفض مساء اليوم الثاني لهو سبب قوي يجعل من الضروري تأسيس وزارة للطوارئ والإنقاذ تكون بصلاحيّات واسعة وقويّة وارتباطها مع رئيس الحكومة مباشرة فيما يختص بالموازنات واقرار المصاريف وطلب الدعم الدولي واعلان المناطق المنكوبة وغير ذلك وهذا يتطلّب اقرار تشريعات لازمة وإقرار تعليمات تتضمّن غرامات وعقوبات لمخالفة تلك التعليمات سواء من المواطنين او العاملين في الجهات المعنيّة وتصدر هذه الوزارة خطّتها السنويّة مبيّنة دور كل جهة من حيث الكادر والدورات التثقيفيّة والتأهيليّة والتدريبيّة والكشف باستمرار على جاهزيّة تلك الجهات فعلا وليس قولا او اعلاميا فقط .
ويفضّل ان يتولّى هذه الوزارة شخصيّة ذات خلفيّة عسكريّة تحمل علوما مناسبة لما يتمتّع به العسكر من حزم وجزم في تنفيذ التعليمات وقد يكون بالإمكان تأسيس مثل هذه الوزارة من المنحة الخليجيّة على ان يقدّم على شكل مشروع استراتيجي يشتمل على شراء الاليّات والمعدّات والناقلات ووسائل الاتصالات وتخزين المعلومات بانظمة الكترونيّة وأجهزة تكنولوجيّة وبرامج الكترونيّة لتخزين المعلومات وتحديثها وتوزيعها باستمرار كما يشتمل على برامج تدريبيّة وتأهيليّة للكوادر العاملة فيها .
وقد عرض تلفزيون رؤيا برنامجا خاصّا عن آثار الإعصار اليكسا اجمع فيه المتحدّثون على مسؤوليّة الحكومة عن كامل المسؤوليّة عن التقصير والخسائر الناتجة عنه حتّى مسؤولية انقطاع التيّار الكهربائي وما نتج عنه بينما شركة الكهرباء الاردنيّة ستطالب الحكومة بما خسرته نتيجة الإعصارحيث انها ليست مسؤولة عن فتح الشوارع لتصل اجهزتها للمناطق المنكوبة كما انها ممنوعة من قص الاشجار لحماية الخطوط والمحولات بأمر من وزارة الزراعة كما استغرب المشاركين في الحوار عدم لجوء الحكومة للغرفة الكبيرة للطوارئ والمجهّزة الكترونيا والذي تكلّف حسب قولهم مائة مليون دينار .
إن وزارة طوارئ قويّة تكون قادرة على تكامل الجاهزية وبرمجة مراحل وخطوات الإنقاذ على مستوى الوطن وكذلك الإدارة الراشدة للازمة وتقدير وتوثيق الخسائر لكل قطاع ومنطقة وتوفير المعلومات وتقييم النتائج واستنباط الدروس المستفادة من الازمة والتعامل معها لظروف مستقبليّة وهناك وزارات طوارئ في كثير من الدول وجتّى العظمى منها .
حمى الله الاردن ارضا وشعبا وقيادة من كل سوء وجعل امطار وثلوج الخير سقيا بركة من رب العالمين .
احمد محمود سعيد
18 /12 /2013