0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
previous arrow
next arrow

عاداتٌ باليةٌ

جميعنا يعتقد أنه مستقل بأفكاره ،حر بقراراته ،منفصل باستنتاجاته .. ولكن الحقيقة هي أننا مقلدون أكثر منا مفكرون ،ومسايرون أكثر منا مستقلون ،وخاضعون لحكم العرف والمجتمع، ومغيبون لنداء العقل والمنطق (الأحمدي ،فهد ،2017،نظرية الفستق). إلى متى نبقى نسير وراء عادات لا تنتمي لدين ،أو معتقد ،عادات اعتدنا عليها وأصبحت دستورًا يحكمنا ونعاقب كل من يخالفه ،ومن أسوء تلك العادات التي تضرنا نفسيًا وماديًا في زمننا هذا ما يفعل في العزاء ، ففي زمن رسول الله صل الله عليه وسلم حين جاء نعيُ جعفر قال رسول الله (اصنعوا لآل جعفر طعامًا ،فقد أتاهم أمر يشغلهم ) هذا ما نص عليه ديننا الحنيف ،وهو تقديم الطعام فقط لأهل الميت لأن حزنهم على فقيدهم سيشغلهم عن إعداد الطعام لهم ،واعتبر ذلك من باب المواساة لهم ، وليس مثل ما يحدث من بدع وعادات باليه في أيامنا هذه، حيث نلاحظ بأننا أصبحنا في هذه الأيام نشغل أهل الميت ؛ عندما يكونون لديهم شخص يحتضر يكون تفكيرهم في الالتزامات المالية أكبر من حزنهم على المحتضر، حيث يبدأ أهل المحتضر يحسبون الحسابات وخاصة إذا كانوا من الأسر المستورة، كيف لهم أن يتدبروا أمر هذه الالتزامات المالية ،وعندما يأتيهم خبر الوفاة،يكونوا في حالتين :حالة حزن على فقيدهم وحالة حزن على التكاليف التي سيقومون بدفعها، من أجرة كراسي وإعداد الموائد لمدة ثلاثة أيام ،وإذا كان أبناء الميت أطفال بدلًا من أن يدخر هذا المال لرعايتهم عندما يحتاجونه أصبح يصرف في ثلاثة أيام من أجل هذه العادات البالية ،حيثُ من العادة أن نقدم الطعام والشراب والتمر في هذه الأيام بل تطور الأمر أكثر من ذلك حيث أصبحوا يتباهون في ما بينهم ، بمن قدم الطعام الأفضل والكمية الأكبر،وكل ذلك من باب الواجبِ و العادات ،أي عادات تلك التي ترهق أهل الميت وتشغلهم حتى عن حزنهم وتكلفهم فوق طاقتهم ،ولقد ذكر الله في القرآن الكريم في سورة البقرة (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) ،الله عزوجل نهى عن تكليف الإنسان مالا يستطيع تحمله ،ونحن البشر نكلف بعضنا البعض ما لا نتحمل حتى يصبح العزاء عند أهل الميت عزاءين عزاء بفقد الميت وعزاء بسبب الأموال التي صرفت في ذلك العزاء ، متى نستطيع أن نقول: بصوت واحد ، لا، لا ،لا نقبل أن تحكمنا عادات بالية .

بقلم الدكتورة: منى الواكد