عاجل
0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

الجلوه العشائرية !!!

الشيخ جهاد الزغول الجلوه العشائرية !!!
العشائرية الاردنية والجلاوه ويقول تعالى : ( انما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكــــم ترحمون ) . إن الاصطلاح العام بين جميع العشائر البدوية هو ( الصلح ) ولكن بعض العشائر تستعمل بالإضافة إلى الصلح اصطلاحا آخر هو ( الطيبة ) فيقولون ( طايب على القضية ) بمعنى صالح عليها . ويأتي هذا العمل الانساني العظيم ، مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليـه وسلم : ( الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالاً أو أحل حراماً ) . ويعتبر البدو ( الصلح سيد الأحكام ) ولذلك في أغلب قضايا البدو تنتهي بطريق الصلح ويقول البدو ( الصلح يمحي الجرح ) لأنه يزيل ما علق بالنفوس من الآثار السيئة التي خلفها ارتكاب الجريمة ولأنه يفتح المجال لإنشاء علاقات تقوم على أسس جديدة بين المتنازعين وغالبا ما يتبع الصلح علاقات النسب خاصة في القضايا الخطيرة فتنتج هذه العلاقات جيلا جديدا من العشائر المتنازعة يرتبط برابطة الدم . كلمة الجلوة في اللغة مشتقة من الجلاء ، والجلاء يعني الرحيل او ترك المكان او الابتعاد عنه الى موقع آخر . أي أن الجلوة العشائرية تعني ترك الموقع والرحيل عنه الى موقع آخر . والجلوة العشائرية متلازمة في العادات والأعراف والتقاليد مع جرائم القتل العمد او جرائم العرض ، لان هاتين الجريمتين تعتبران من اكبر واهم واخطر القضايا التي تهز المجتمع وتؤثر فيه لاسيما في مجتمع عشائري محافظ مترابط متماسك . ولما كانت جريمة القتل العمد التي تقع على شخص او مجموعة أشخاص من قبل شخص آخر او مجموعه أخرى جريمة كبرى صاعقة مؤثرة ومؤلمة ونتائجها وخيمه سيئه فقد تلازمت الجلوة العشائرية معها وكذلك مع جرائم الاعتداء على أعراض الناس . وهي تعني رحيل جماعة القاتل او الجاني فوراً عن جماعة المقتول او المعتدى عليه لان الوضع يكون متوتراً والناس أعصابهم مشدودة ومتأثرين لذلك يجب إبعاد الناس عن بعضهم خوفاً من تطور المشاكل وحصول المضاعفات اذ لا يعقل ان يقتل شخص من عشيرة معينه ويبقى أقاربه في موقعهم أمام جماعة المقتول وهذا ما يسمــى ( فورة الدم ) والتي ربما ترتكب بها جرائم اخرى كبرى بسبب الجريمة الاولى . وفي بعض الدول ومنها الاردن تم انشاء مجلس شيوخ العشائر للحفاظ على امن الناس وحياتهم ودمائهم و أموالهم وكرامتهم ويقوم بتنفيذ الجلوه العشائرية عند وقوع الجريمة الحاكم الإداري في المنطقة ورجال الشرطة بالتعاون مع شيخ العشيرة إضافة الى عشيرته التي يستجير بها الجاني وجماعته لحمايتهم وترحيلهم من المنطقة . وكان الناس في الماضي بأعداد قليلة ولا يوجد لهم أي مصالح سوى الزراعة وتربية الماشية ويعيشون في بيوت الشعر وليس لديهم أثاث كما هو الحال ولا يوجد موظفين او جامعات او معاهد او مدارس او مصالح حكومية تجمع الناس مع بعضهم وكانت وسائل نقلهم تتم على الدواب . لذلك كانت في السابق عشيرة الجاني كاملة تجلى عند وقوع الجريمة الى موقع آخر محدد في المنطقة من قبل شيوخ ووجهاء العشائر والقضاه العشائريين فيها . وكان الناس الذين يجلون يبقون في مجلاهم لسنوات عديدة وربما يبقون في نفس الموقع الجديد ولا يعودون الى موقعهم السابق . ونظرا لازدياد أعداد الناس وانتشار المعاهد والمدارس والجامعات والدوائر الحكومية و إقامة المباني التي تكلف كثيرا وانخراط الناس في أعمال التجارة والصناعة والسياحة إضافة للزراعة وتشعب مصالح الناس وتشابكها ووجود أعداد كبيرة فقد دأبت تم اختصار الجلوه العشائرية والتخفيف منها وحث الناس على مساعدة بعضهم بعضاً لما كان للجلوه من آثار مدمره قاتله على عشيرة الجاني خاصه ان الدين الحنيف حثنا على القصاص على ان يشمل الجاني فقط وليس اقاربه . لانه ربما يكون الجاني إنسان صاحب سوابق ومشاكل بينما أقاربه وعائلته اناس محترمون لا يحبون المشاكل ولا يقومون بها وكما قال سبحانه وتعالى (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أخْرى) صدق الله العظيم . لذلك لا يجوز ان نحاسب انسان عن ذنب او جريمه ارتكبها أخاه او ابنه او أبوه او ابن عمه لان القصاص يجب ان يكون لمن ارتكب الجريمة ولا يحق ان نحاسب شخص على ذنب ارتكبه غيره لذلك دعا شيوخ العشائر الإجلاء الى التخفيف في موضوع الجلوه بدل من عشيرة الجاني كاملة الى الجد السادس . والان جرى تعديلات على موضوع الجلوه حتى اصبحت على الجد الثالث فقط للتخفيف على الناس والحفاظ على حقوقهم ومكتسباتهم واموالهم وارواحهم واصبحت الجلوه تشمل الرجال البالغين فقط بعكس ما كانت سابقا تشمل جميع الرجال والنساء من عشيرة الجاني واصبحت الجلوه حاليا تنفذ على دفتر العائلة للتخفيف عن الناس ومساعدتهم لاسيما وان مصالح جميع الناس تتلاقى في المدارس والمعاهد والجامعات والمحاكم والمستشفيات والمراكز الصحية ودوائر الدوله والاجتماعات واللقاءات واصبح العلم والثقافة والدين يحكم الناس وتولد الوعي لديهم . لذلك جاءت عملية الجلوه بوصفها الحالي ممتازه ومناسبه للجميع بحيث خففت على الناس المشقة والمعاناة والالم وحالياً تتم الجلوه بالتنسيق بين الحاكم الإداري في المنطقة والشرطه وشيوخ ووجهاء العشائر الذين يقومون بتنفيذها الى المجلى المتعارف عليه في المنطقة على ان لا يستمر مدة الجلوه حالياً اكثر من سنه كما كان سابقاً . تعريف آخر لـ “الجلوة الأردنية”:- الجلوة تاريخيا و ببساطة لمن لا يعرف معناها هي؛ إبعاد أهل القاتل أو المعتدي على أعراض الآخرين من منطقة سكنه إلى منطقة أخرى معلومة؛ مثلا ترحيله من منطقة الشمال إلى الجنوب في نفس المحافظة أو اللواء وأحيانا خارجهما ، وهي مأخوذة من الجذر اللغوي جلى يجلو أي الإبعاد، وبعض الدول الشقيقة تسميها “تغريب ” من غربه ؛ وهي عُرف بدوي الجذور يصنفه علماء” الاجتماع البدوي” أداة من أدوات الضبط الاجتماعي عند الجماعات البسيطة اقتصادا وتنظيما حيث كانت سائدة وملزمة وضرورية عندما لم تكن الدولة الأردنية المركزية بالزاميتها وتعاقديتها موجودة فعلا كما هو الحال عليه الان ؛ والتي يُعبر عنها الان بدولة القانون والمؤسسات. • أما هذه الأيام – للأسف- ورغم وجود سلطة القانون ومؤسسات الدولة الأردنية التي نعتز بها ويُفترض أن نُذعن لسلطاتها القانونية لأنها هويتنا الحضارية المعاصرة كجزء من عالم أرحب ؛ أقول أردنيا ما زال العمل بعقوبة الجلوة العشائرية معمول بها وبأشكال تتنافى حتى مع ابسط حقوق الإنسان والمواثيق الدولية الموقع عليها الأردن العزيز والتي من خلالها يحافظ على عضويته في المجتمع الكوني المعاصر كضرورة ملحة. •أن استمرار العمل بهذا النوع من العقوبات الجماعية مُستمر للأسف فعلا؛ إما بصمت رسمي،أو بتواطىء جماعي ومصالحي من قبل بعض( المستشيخين الموسمين/ ولا أعمم) خصوصا في المناطق الواقعة خارج العاصمة والمدن الكبرى التي تتمتع بخليط سكاني، مع ملاحظة إلغاء الدولة الأردنية القانون العشائري- مع احترمنا إلى عشائرية النسب وليس عشائرية الدور التقليدي – عموما منذ سبعينات القرن الماضي . ولعل من مفارقات هذه الممارسة الناشزة مدنيا وحضاريا باعتقادي ، أن احد وزراء العدل السابقين في الأردن قد شُمل بجلوة عشائرية جراء ارتكاب احد أقربائه جريمة قتل؟؟؟ فهل تستقيم مثل هذه السلوكات العرفية الظالمة لأفراد وأسر لاسيما النساء والأطفال وطلاب العلم والموظفون كل في مكان عمله التي يُفترض أن تجاوزها مجتمعنا الأردني صاحب أعلى نسبة تعليم في المنطقة ، والذي أثبتت قيادته الهاشمية الفذة على رياديتها المتوازنة على الدوام في تطوير وتحديث مؤسسات مجتمعنا العربي المسلم. • إن الأضرار والتكاليف النفسية والمادية المرتفعة جدا هذه الأيام الصعبة علاوة على الامتهان الذي يتعرض له غالبا كل من :- أقرباء الجاني وأسرهم لاسيما الإناث والأطفال وغيرهم من جهة، ومن جهة ثانية سكان أو حتى العشائر المستقبلة للجالين وهم أعداد كبيرة بداية، خصوصا عندما يُصر أهل المجني عليه – إمعانا في العقوبة- بعدم السماح لذوي الجاني بالعّداد-أي تحديد من هم الواجب جلائهم من خمسة الجاني. فبرغم اتفاق الجميع وبمباركة الحكومة أن تقتصر عملية الإجلاء على جدين أو ثلاثة كحد أقصى وحسب ما هو موثق في دفتر عائلة الجاني ، ألا أن الكثيرين غير ملتزمين بهذه الاتفاقات والوثائق المتكررة التواقيع عليها والتي أبرمت من قبل وجهاء وشيوخ عشائر خيرين على افتراض أنها مواثيق شرف ومع هذا فالمأساة مستمرة فلا التزام ولا سيادة كاملة وحاسمة للقانون المدني الذي نطالب بتطبيقه قولا وممارسة علنا نخفف من ماس الكثيرين ممن لا حول لهم ولا علاقة مباشرة مع بعض اقربائة الذين يرتكبون الجرائم، آذ يذهب المجرمون إلى مراكز الإصلاح وتوفر لهم الحكومة أسباب الأمن والغذاء وحتى التأهيل والتعليم النظامي بينما أهلهم الأبرياء خارج السجن يذوقون التشرد والآمرين فعلا نتيجة للجلوة؟؟ سعادة الشيخ جهاد الزغول