0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

خمسة نندم عليها

    تشاور الأنا ذاتها، هل أنا راغبة بالبقاء على وجه هذه الأرض، أم أنا مستعدة للرحيل… وفي أثناء البحث في رحلة الحياة تبدأ الأعضاء بالتوقف، وتدخل النَفس في النفق المعتم جوانبه، المضيء نهايته … وتسبح الأنا مودعة جدار النفق، وترمش العيون، وتقل مقاومة الجفون، وتنطفأ الحياة المادية، لتهيم الأنا في فضاء الكون.
ما الذي يحدث في هذه اللحظات الحرجة، اليكم الإجابات الخمسة التي لخصتها الممرضة (بروني وير) التي كانت تعمل في أحد المستشفيات الأسترالية في قسم (العناية الرحيمة Palliative Care) حيث عملت لسنوات عديدة في مجال رعاية كبار السن، والسؤال الذي طرحته على معظمهم هو: هل أنت نادم على شيء، أو هل كنت ستفعل الأشياء بطريقة مختلفة لو قيض لك العيش مرة أخرى، وكانت الإجابات بالتسلل من الأكثر تكراراً إلى الأقل كالتالي:
1. ليتني كنت أمتلك الشجاعة الكافية لكي أحيا الحياة بحق لنفسي، وليست الحياة التي يتوقعها مني الآخرين.
2. أتمنى لو أني لم أجهد نفسي كثيراً بالعمل.
3. أتمنى لو كانت لدي الشجاعة للتعبير عن مشاعري.
4. أتمنى لو ظليت على تواصل مع أصدقائي.
5. أتمنى لو كنت اطلقت العنان لنفسي لأكون اكثر سعادة.

في مجال الأمنية الأولى والأكثر شيوعاً عند الناس وهم على فراش الموت، نلاحظ بأن محاولة (إرضاء الغير) هي الفعلة التي يندم عليها الناس، بينما تشكل محور تصرفاتهم إبان الحياة وصخبها. وقد توصل المراقبين إلى أن الناس وهم مسجّيين على الأسرّة، عاجزين، تاركين كل الأشياء خلفهم، تجدهم نادمين على إخفاء معالم ذاتهم، وتقييدها بتصرفات وطقوس ليست من ذاتهم بشيء، وإنما ناجمة إما عن سلوك أمام قوي أستسلموا لجبروته، أو لخاطر عزيز أحبوه، أو حتى لترك إنطباع حسن.
هذه التصرفات، بالتفاعل مع الناس (عملاً أو قولاً أو كتابة) أو بالحياد، أو المعارضة، هي المواقف التي سنتذكرها في سكرات الموت، على قدر إنسجامها مع الأنا أو مخالفتها لها. ولكن هل يملك الإنسان في الحياة ترف الإختيار كما هو في أيامه الأخيره، حيث لا يملك سوء القليل مما يمكن أن يخسره.
خيبة الأمل من الناس، مصدرها الإنطباع الخاطي الذي تركه لدينا شخص ما، كأن تعُطي ممارساته اليومية الإنطباع بالتقوى والورع، أو النضال أو الجشع. حتى هؤلاء، تجدهم يقرّون في داخل (الأنا) يقرون بالأمنية الأولى، لأنهم عاشوا الحياة على غير ذاتهم، أو لتحقيقم أجر مؤجل لذاتهم. صحيح أنهم قد سلكوا درب الحياة بالقدر الأقل من المتاعب، إلا أنهم قد خسروا ذاتهم، والدليل واضح في إستكثار الأمنية الأولى على سواها من الأمنيات،
ويا ترى، كيف سيكون العالم لو قيض لنا أن نبدأ من جديد.