” دَوائِـرُنــا تَعيـــشُ أزمـــة إدارة “
بعد أن صرنا نرى الكثير من الأزمات و الكثير من المشكلات التي تهز مؤسساتنا و باتت تنعكس بشكل واضح على أداء هذه المؤسسات؛ هذا الأداء الذي أصبح يؤلم المواطنين الذين هم هدف الخدمة، و هم قاعدة البنيان الذي تقوم عليه الدولة.
يُضاف إلى ذلك أن هذه الأزمات و الأداء الضعيف غير المسؤول صار ينعكس أيضاً على صورة الدولة و الوطن في الداخل و الخارج و هذا ما لايرضـاه أي مواطن صـادق مخلص أمين يغار على سمعة وطنه و يتألم لألم كل طفل و شيبة و امرأة يعيشون على هذا الثرى الطهور.
على ضوء هذه المشاكل و الأزمات لم نرَ أي دراسة تشخص لنا الأسباب ليسهل بعدها وضع العلاج.
أنا لا أدَّعي أنني أجريتُ دراسة أبداً ولكن اسمحوا لي أن أتكلَّم عن سبب واحد رأيته و لمسته على الواقع و من خلال التجربة الحسيَّة بعد خدمة استمرت قرابة أربعين عاماً.
اسمحوا لي بالقول: أن مشكلتنا هي ( مشكلة إدارة ).
فرئيس الوزراء و وزرائه بعد أن ينالوا الثقة الملكية و يأخذوا لقب دولة و معالي يدخلون مكاتبهم فأول ما يبدأون به تغيير أثاث المكتب و تغيير السيارة والإكثار من الحجَّاب الذين يحولون بينهم و بين المواطن و هنا أسأل:
-
هل هناك رئيس حكومة أو وزيـر طلـب الاطـلاع على المهـام الموكولـة إليه و الاطلاع على مهام أمينـه العام و مهام مديري وزارته حتى يطلب منهم ما أنجزوا منها وما قصَّروا فيها؟
-
كما أسأل إن كان هناك أميناً عاماً أو مديراً عاماً أو مديراً أو حتَّى رئيس قسم في مؤسسة أو وزارة اطَلع على المهام الموكولة إليه و لمن يعمل معه من مدريرين و رؤساء أقسام و موظفين و اجتمع بكل هؤلاء ليطوروا هذه المهـام وفق تطـورات الحيـاة و متطلباتهـا ووفق حاجات المواطنين الذين هم هدف خدمتهم ( إلَا من رحِــم ربِّــي ).
-
أَســأل كل من سبق ذكرهم من أصحاب الوظائف العليا إن كان هناك واحد منهم أعطى العمل الميداني جُـلّ وقته حتى يتابع كل صغيرة و كبيرة و لو عينات من كل نوع من المشاكل و عينات من كل محافظة.
-
أسأل كل من سبق ذكرهم إن تخطّى دورهم إصدار الأوامر والتعليمات و أسأل إن كان واحداً منهم تابع تنفيذ العمل بنفسه أو من خلال لجنة شكلها للمتابعة الميدانية و تقديم تقارير صادقة عن درجة الإنجاز و أسأل إن كان هناك بعد ذلك حساب فيه ثواب و عقاب يُعطي المُبادرين المجدِّين الدَّافعية ويُعاقب المُقصِّرين المتواكلين، لأنَّ هذا يجعل الموظف دائماً حريصاً على تحقيق النجاح وقلقاً خوفاً من التقصير. هُـم يجلِسـون على الكراسي يحتسـون القهـوة و يسمعُـون ( كل شيء جاهز سيدي ).
-
أسأل كل من سبق ذكرهم إن كانوا يُفعِّلون القوانين والأنظمة و التعليمات حماية لمصالح المواطنين وحفاظاً على سلامة المكتسبات وبخاصة بعد رؤيتنا لضعف منظومة القيم والأخلاق، و بدأنا نرى الضمائر تتحوصل أو تموت.
-
والسؤال الأخير الذي أحب أن أسأله لِكُـلِّ مسؤولٍ قيـادي مهما كان موقعه ولا أطلب عليه إجابة ولكن يسأله لنفسه ويجيب عليه في نفسه.
س : كم من المسؤولين و المديرين حصَّـلوا أو (وصلوا) مواقعهم دون واسطةٍ أو دعـمٍ أو سنـد.
أخي القاريء الكريـم:
لِعلْمِـك و درايتِـك؛ عليك أن تعرف أنَّ الأردن وبفضلٍ من الله و قيادته الهاشميَّـة التي حرصت على بناءِ الإنسان والاستثمار فيـه صار يغـصّ بالكفاءات الفنيَّـة و أصحاب المؤهلات العلميّـة.
ولكن الواسطة والمحسوبية والدّعمة كما يُقال وقفت حاجزاً أمام وصول القيادات والإدارات الفاعلة إلى الصف الأوَّل و مواقع صنع القرار.
ولتعلـم أخي القاريء: أنَّ القيادة والإدارة تحتاج إلى أشخاص بمواصفات معيَّنة وقدرات خاصة منها شخصيَّة ومنها مُكتسبة أولها حسن التخطيط و آخرها الإنجاز والتقييم.
ولنعلم جميعاً أنَّ المديرين الذين يصلون بالواسطة مهما أنفقت عليهم من تدريب و من دورات سيظلون عنصر هدم في مواقع عملهم.
وفي الختام أقول:
-
أليس ما حصل من فاجعة عند البحر الميت هو نتاج سوء الإدارة و عدم الخوف من التقصير والمخالفة.
-
أليس ما رأيناه في شوارع مادبا من فيضانات هو نتاج ما ذكرت؟
-
أليس ما حصل مع الطفلة التي سقطت في منهــل في الشـارع العام هو نتاج ضعـف الإدارة والترهُّـل الإداري و عدم الخوف من نتائج التقصير و تطبيق القانون.
-
أليس ما يحصل من مخالفات في دوائر الدولة وسرقة للمال العام و حتى عنف جامعي و الأمثلة كثيرة كلها بسبب ما سبق ذكره.