0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

وأذل الشرك والمشركيــــــن …!

نعلم بأن كتابة سطورنا القادمة هي كمن يسير بين حقول الألغام، لكنه قلمنا وعقلنا الذين لا يقبلا إلا أن يتحركا يمنة ويسرة ليحركا المياه الراكدة …!
ونعلم جيداً بأن هناك من لن تعجبهم هذه السطور، وإلى هؤلاء ممن يؤمنون بعدم جواز استخدام العقل في كل ما جاء بالنقل، حتى وان كان تحريم وضع ساق على أخرى أمام رب الأسرة، نذكرهم بأن أول أمر نزل في القرآن الكريم كان في افتتاحية سورة العلق كان (إقرأ باسم ربك الذي خلق).

في الجمعة الفائتة توجهنا لأداء صلاة الجمعة في المسجد المجاور لمنزلنا، وقبيل إنتهاء الخطيب من خطبته هم بالدعاء، فبدأه كعادته: ‘اللهم أنصر الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين’.

دعوة تحرك المياه الراكدة في عقلنا كلما سمعناها، وهي التي باتت من الأبجديات بل والأساسيات الثابتة في كل دعاء يدعو به أي إمام مسجد في أي بقعة من العالم الإسلامي، لكن السؤال الذي يتقافز إلى أذهاننا كلما سمعنا هذا الدعاء، هل بالضرورة أن نشغل أنفسنا بالدعاء على غير المسلمين بالذل والهوان كلما دعونا لأمتنا بالنصر؟

وقد كنا قد تطرقنا قبل عام إلى موضوع الدعاء على غير المسلمين بالعموم، وأقوال العلماء في ذلك في مقالتنا ‘هل ندعو عليهم’، وكيف يمكن أن يستوي أن يجيز الإسلام الزواج من نساء أهل الكتاب من اليهود والنصارى، ويأمر أبنائهم ببرهم، وفي الوقت ذاته يحثهم على الدعاء عليهم بالذل والهوان !!!!
وقد فرق القرآن جيداً بين المشركين والكافرين وبين أهل الكتاب، فأهل الكتاب وردت لليهود والنصارى، والمشركين والكفار هم عدا ذلك، لكن وإن كان ذلك، يبقى من المنطقي جداً أن ندعو لأمتنا بالنصر والتمكين، فهذا بديهي من بديهيات الإنسانية جمعاء، أن يدعو أي إنسان لعزة وكرامة أمته، ولكن السؤال هل أمرنا ديننا بالدعاء على غير المسلمين من أهل الكتاب أو حتى الكفار والمشركين بالذل والانشغال بذلك في كل دعاء نرفع به أكفنا للخالق عزوجل ؟

وقد بحثنا في كل الآيات المتضمنة للدعاء في القرآن، فلم نجد آية واحدة ورد فيها ‘اللهم أذل الشرك والمشركين’ أو ‘إخسف الأرض بهم’ أو ‘إلعن أبوهم’ كما يقال بالعامية ….!!!

بل إن جميع الآيات كقوله تعالى في سورة غافر (كذلك يضل الله الكافرين)، أو سورة البقرة (أولئك أصحب النار هم فيها خالدون)، وكذلك في سورة البقرة (في غيهم يعمهون)، أو سورة التوبة (ومأواهم جهنم وبئس المصير)، أو حتى قوله تعالى في نهاية سورة البقرة (فانصرنا على القوم الكافرين) أو غيرها، لم نجد بينها آية واحدة تحث المسلمين على الدعاء على غير المسلمين بالذل والهوان، وإنما تحثهم على جهاد من يحاربهم ويعاديهم منهم وردهم على أعقابهم، وهذا حق أي أمة في الدنيا أن تدافع عن نفسها، وتدفع الأذى عن أبنائها.

الأمر الذي صار يدفعنا في كل مرة نسمع فيها هذا الدعاء من أحد الأئمة، أن نزيد عليه في قرارة نفسنا عبارة ‘المعادين والمحاربين لنا’، فلا صالح لنا في الانشغال في الدعاء على غير المسلمين بالعموم لمجرد الدعاء عليهم، بل علينا الانشغال بالدعاء بالنصر والعزة والكرامة لامتنا في ذات الوقت الذي نعمل فيه على تحقيق أسباب النصر ليس عسكرياً فقط، بل وفي كافة مجالات الحياة الأخرى، ولن يتحقق هذا إلا عندما ننشغل بالكلام الطيب الذي امتلأ به القرآن الكريم في سوره الأربعة عشر بعد المائة، وآياته المتجاوزة بمائتين وست وثلاثون آية الألف السادسة، ولنبقى نذكر أنفسنا بما ورد في صحيح مسلم من جواب حبيبنا المصطفى النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم على أحد أتباعه عندما طلب منه الدعاء على غير المسلمين: (إني لم أبعث لعاناً وإنما بعثت رحمه)، فرحمة الله وصلاته وسلامه على من أرسله الله رحمة للعالمين.