عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

حكومة الدبور

 
 يعد النحل من الحشرات، التي تنتمي لرتبة غشائيات الأجنحة، هذه الحشرات التي كلما ذُكرت، تبادر فوراً إلى الذهن وظائفها الآتية: إنتاج العسل، وشمع النحل، وتلقيح الأزهار.
ذكر العلماء بأن عدد أنواعها، يتراوح ما بين (15 ألفاً – 20 ألف) نوع تقريباً، وتنتشر هذه الأنواع في جميع قارات العالم، عدا القطب الجنوبي.
لن نتحدث هنا عن تركيب جسم النحلة العجيب، ولا عن القيمة الغذائية المذهلة لعسل النحل، ولكننا سنتطرق إلى جانب واحد من حياة النحل، نسلط الضوء من خلاله على كيفية دفاع النحل عن خلاياه!!
لقد بات من المعلوم، أن ألد أعداء النحل هو الدَّبور، فالدبور يجد في خلايا النحل، وجبة شهية من العسل لا تُقاوم؛ ولذا يسارع إلى مهاجمة تلك الخلايا، كلما وجد إلى ذلك سبيلا.
بمجرد اقتراب الدبور من الخلية، يبدأ الفزع والخوف في صفوف النحلات، التي تبدأ بالتجمع حول هذا الدبور، فتحيط به من كل جانب.
وبسبب الحجم الكبير للدبور- مقارنة بحجم النحلة – فإن مهمة المقاومة والدفاع، تتطلب عدداً كبيراً من النحل؛ ولذا يتم إحاطته بعدد كبيرٍ من النحلات، لدرجة أن الدبور يختفي تماماً، وسط تلك الجموع الهائجة والمدافعة عن خليتها.
إن الغريب والمدهش في آليات النحل الدفاعية، هو تلك التقنية الغَرزَية المذهلة، التي أطلق عليها العلماء: تقنية الحرارة.
تلك التقنية تتمثل بقيام النحلة – بعد إحاطتها بالدبور – بهز جناحيها بسرعة كبيرة تعادل كل هزة أو رفَّة (11400) رفة في الدقيقة الواحدة. هذه السرعة الكبيرة في احتكاك الأجنحة، تؤدي إلى رفع درجة حرارة جسم النحلة إلى (47) درجة مئوية، وإن الدرجة (47)، هي أقصى درجة حرارة تستطيع النحلة أن تتحملها وتعمل عندها، لأن النحلة تنتهي حياتها وتنفق، إذا وصلت درجة حرارة جسمها إلى (49) درجة، كما إن الدرجة التي يتحملها الدبور، هي أقل من (45) درجة مئوية، وبالتالي سوف تنتهي حياته وينفق فوراً؛ بفعل الحرارة التي يولدها الإحتكاك أو رفرفات الأجنحة، أي عندما تصل درجة حرارته إلى (45) درجة. وبهذه الطريقة الحرارية، يتم القضاء على الدبور وحماية الخلية.
وحياً مما سبق، لو تأملنا طبيعة (الشعب الأردني)، وفي أذهاننا طبيعة النحل حاضرةً فوارةً لوجدنا ما يأتي: شعب ينتمي لفصيلة “الجبابرة”، فريدٌ من نوعه؛ إذ لا يشبه أحدا من مخلوقات الله، يتكيف مع كآفة الظروف الجوية، والسياسية، والإقتصادية.
كبش الفداء لكآفة الحكومات السابقة واللاحقة، يدفع جميع الضرائب المفروضة عليه بطريقة غَرزَية، أثارت حيرة ودهشة الأمم والشعوب الأخرى، شعب أصبحت قيمة جميع السلع، التي تتغذى عليها خلاياه، أعلى وأغلى من قيمته.
شعب ربط توقيته بتوقيت (الدبور)، فغير مواعيد عمله، ومواعيد مدارس أولاده وبناته، ومواعيد وجباتهم الغذائية، غيّرها بكل أدب جم دون أدنى صوت؛ لأن صوته ما زال مشنوقاً هناك.. تحت (القبة).
شعب أصبح عارياً من كل شيء، إلا بعض ما يستره من كرامة.
شعب كلما نظرت إليه وجدته (متورِّماً) من شدة اللدغات، وعند مهاجمة (الدبور) له، ينتفض ويخفق قلبه في الثانية الواحدة آلاف الخفقات بسرعة تفوق سرعة الضوء، فيتعرق وترتفع درجة حرارته إلى حد الغليان ثم يتبخر، ويتلاشى، ويموت.. ويبقى (الدبور) كما عهده الشعب.. جليداً.. عنيداً.. عتيداً.. رافعاً.. حاجباً.. مانعاً.. خارقاً.. قاهراً.. ضاحكاً…
نسينا أن نخبركم، أن هذا الشعب لا ينتج عسلاً؛ لأنه العسل بعينه، ولكن (قصوا) أجنحته فاغتالته “الدبابير”…
m.sanjalawi@yahoo.com
الدكتور محمد السنجلاوي