وإن لم نتفق في مسألة …!! بقلم
عندما قررنا أن نكون رفقاء الكلمة الحرة التي تبحث عن الحق وتنصره أينما كان، كنا نعلم جيداً بأن كثير من التحديات والمصاعب ستواجهنا وربما تهدد حياتنا بأكملها يوما ما.
لكننا كنا نعلم في الوقت ذاته بأننا لسنا أفضل ممن دفعوا حياتهم ونذروها في سبيل إعلاء كلمة الحق، ونشرها مهما كلفهم هذا الأمر، وأول قدوة لنا في ذلك رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم الذي لطالما عانى وتحمل من صنوف الأذى والإساءة من معارضيه، لكنه بقي صلباً ثابتاً حتى وصلت كلمة الحق إلى مشارق الأرض ومغاربها.
تلك التحديات التي بدأت معنا منذ نشرنا لأول مقالة لنا في العام 2004م، عندما أبلغتنا مستشارة التحرير في جريدة الغد في ذلك الوقت إمكانية أن يكون هناك تهديد لحياتنا في حال نشر المقالة التي كانت تنبذ التطرف والعنف الذي تتبناه بعض الجماعات، وتنسبه زوراً وبهتاناً لفكر ديننا الإسلامي الحنيف.
ومنذ ذلك الوقت الذي صممنا فيه على نشر مقالنا بإسمنا الشخصي مهما كلف الأمر، ونحن نعلم جيداً بأن الكثير من العقبات ستكون في إنتظارنا، سعياً لكسر كلمتنا التي شقت طريقها نحو النشر، في مشوار شاق وطويل عبر عشرات المقالات التي تحمل إسمنا هنا وهناك اليوم.
كما أنه كان من المعلوم لدينا بأن إختلاف أحدهم في وجهة النظر معك، أو إمتلاكك للحجة عليه يمكن أن يؤدي به لإتهامك بأنك من مذهب آخر معاد لمذهبه كما فعل أحدهم معنا يوماً، بعد أن ناقشنا في أمر لم يعجبه أننا أعطيناه فيه كل الحجج والبراهين على خطأ ما يقول …!
ثم تأتي المحاولة التي كادت أن تكسر ظهرنا قبل ثلاثة أعوام بسرقة جهاز الحاسوب الشخصي الخاص بنا، بكل ما يحمله من معلومات وبيانات هي محصلة جهد سنوات من عمرنا، وقد بقينا أياماً بعدها لا نستوعب ماذا نفعل، وكيف نبدأ من جديد …!
ذلك اليوم الذي سمعنا فيه صوت أغلى دموع على قلبنا من والدنا الحبيب رحمه الله عندما أبلغناه بالخبر، تلك الدموع التي تحولت في داخلنا قسماً برب العزة أن لا نتراجع عن الحق ولو كلفنا ذلك دفع روحنا عشرات المرات، لنعود ونقرر بعدها الوقوف على أرجلنا من جديد حتى ولو كلفنا الأمر إعادة كل ما بنيناه في سنوات طويلة من جديد.
وليت من يخالفنا الرأي أو لا تعجبه آرائنا توقفت محاولاته عند هذا الحد، بل عاد من جديد العام الماضي بعد أن تجاوزنا تلك المحنة للتعرض لسيارتنا الشخصية في محاولة جديدة لكسر ظهرنا وإخضاعنا من جديد …!
ولتأتي أحدث هذه المحاولات قبل أيام قليلة، والتي كادت أن تكون القشة التي تقصم ظهورنا هذه المرة.
ذلك عندما تواصل معنا شخص لا نعرفه عبر صفحتنا على موقع التواصل الإجتماعي “الفيسبوك” قبل أيام، مهدداً بنشر فيديو فاضح يمتلكه لنا كما ادعى …!!
وعندما قابلنا الأمر بكل ثقة وبرود بأنه وكلامه ليس لهما عنوان سوى الكذب والدناءة والانحطاط، كانت الصاعقة عندما أرسل لنا رابط لفيديو لا يمت للأخلاق بصلة قد تم دبلجته لنا بتقنية عالية !!
وليبدأ بعدها بالتهديد والإبتزاز، في ذات الوقت الذي ألهمنا فيه الله عزوجل إبلاغ الجهات الأمنية، والجهات المختصة لحذف المقطع، والتأكيد بأنه ليس إلا محاولة رخيصة للإبتزاز.
أن يصل الأمر لتدمير سمعة إنسان عاش حياته يبني بها ويحافظ عليها بكل ما يملك، وتشويهها بهذه الطريقة الرخيصة ومن خلال تقنيات يتعلمها البعض لا لشئ سوى الإساءة للآخرين وتدمير نجاحاتهم، لهو أمر يزيدنا قناعة في أسباب تراجع أمتنا وبقائها في الصفوف الخلفية للأسف، فلو كان أمثال هؤلاء تعلموا معنى الإختلاف في وجهات النظر، وعرفوا كيفية إستخدام علمهم فيما يفيد أمتنا ويعلي من شأنها، لكانت أمتنا في حال آخر للأسف …!
ورحم الله الإمام الشافعي الذي ناظر يونس الصدفي يوماً في مسألة ثم افترقا، فلقيه الإمام الشافعي في الطريق بعدها ويأخذ بيده ويقول له: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة ؟!
هذه السطور ما كتبناها إلا لنحذر كل من يقرأها من خطر أمثال هؤلاء، ممن يستخدمون أسماء وهمية في مواقع التواصل الإجتماعي للإبتزاز والتعرض لحياة أي إنسان ينزعجون لنجاحه أو آرائه، أو حتى إختلفوا معه يوماً، أو لم يعجبهم ذلك الشخص أو حتى جلسوا في ساعة دناءة فقرروا إنهاء حياته بأساليب رخيصة متدنية كهذه.
ولنذكر أمثال هؤلاء ممن انعدم فيهم الضمير وباعوا أخلاقهم مقابل حفنة من المال ونحن على أبواب أيام فريضة الحج الكبرى، بأن هناك يوماً سيقفون فيه بين يدي المولى عزوجل ليحاسبوا على كل جريمة إقترفوها يوماً في حق إنسان لم يكن ذنبه يوماً إلا أنه وقف في جه الباطل، وقرر السير على طريق إعلاء كلمة الحق مهما كلفه الأمر.
ولا يفوتنا أن نشكر كل من وقف إلى جانبنا وقفة صادقة من الأهل والأصدقاء، ولو بكلمة نتشرف بها ونضعها وساماً غالياً على صدرنا، وتزيدنا تصميماً على الوقوف في وجه أمثال هؤلاء وفضحهم في كافة الميادين، ولنطمئن قرائنا بأن مشوارنا مع الكلمة الصادقة الحرة لن يتوقف إلا مع توقف آخر نفس لنا في هذه الحياة بإذن الله، وسيبقى القلم الصادق أثبت وأقوى من أزيز الرصاص على مر الأزمان، وستبقى “حسبنا الله ونعم الوكيل” خير رفيق لنا في هذه الحياة ….