طهبوب عن إعلان “زين”: عندما وقعت في الفخ!!
د.ديمة طهبوب
أعطيني طفلا و قضية أعطيك نفاذا الى أغلب قلوب البشرية!
نعم فقليلون يصمدون لبراءة الطفولة بعذاباتها او بفرحها و تأبى تلك النعمة الربانية الا ان تخرج أجمل و أنبل ابتساماتنا و دموعنا.
فكيف اذا كانت ممزوجة بشيء نبيل، شيء يفوق حدود الطفولة و يخرجها من اطار اللهو و الشقاوة الى اطار الرشد و التحمل المفاجىء و القصري فيستحيل بِشرها تقطيبا، و أمنها خوفا، و أفقها طريقا قصيرا مسدودا!!
القدس و طفل و بشرى كانت كافية لتجعلني أبكي و أتفاعل و أثني و أنسى ما خفي بين هذين القطبين، و حتى في المرة الثانية التي شاهدته بنظرة نقدية بكيت دمعة الطفل.
ثم و ماذا يجعلني أتوجس فالشركة المنتجة كما اعتدنا ان نصف خطها في الاردن ” منا و فينا” و ما زلت و ابنتي ننشد كثيرا اغنية قطورة و كانت رسالة غاية في الابداع و اللطف للاطفال عن ترشيد استهلاك المياه، ثم تلتها أغنية بعنوان جمال يفوق السمع و تعالج فكرة ان اصحاب الحاجات الخاصة يدركون الجمال بطرق اخرى غير اعتيادية.
لكل هذا لم اجدني مضطرة لأمارس حذري المعهود مع دعايات زين و لكن يبدو ان الحذر دائم واجب عند التعامل مع الرسائل الاعلامية التي تخفي احيانا اكثر مما تظهر، و لعل من الصحي و المفيد جدا النقاش الذي دار حول دعاية “سيدي الرئيس” فهو ينبىء عن جمهور واع لا يتلقى الامور على علاتها و تختلف ردات فعله بحسب زوايا النظر و التفسير التي يعتمدها.
محق من قال ان الرؤوساء الذين يتآمرون و يذبحون شعوبنا كل يوم لا يجب ان يوجه لهم كلام و لا رجاء فهم لم يستجيبوا لدموع الاطفال و دماءهم في واقع الحياة فهل يحسن الاعلان صورتهم و يلقي عليهم عباءة الانسانية؟! الم يكن الادعى استبدالهم مثلا بهيئة تمثل مجموع دول العالم كالامم المتحدة دون الاشارة الى اقطاب الحرب و الغطرسة؟
و لو كان هذا الاعلان موجها لجمهور عالمي لربما فهمنا و بررنا هذه الاخلاقية العالية في الخطاب و قلنا نقدم اخلاقنا حتى لو كان المُخاطب لا يستحق و لكنه موجه لجمهور عربي سيشعر بكل مشاعر العداء و الضدية بمجرد رؤية وجوه المجرمين ،و قد لا يتابع الرسالة الى حين الامنيات الجميلة بالافطار في القدس التي قد تنسي و لا يجب ان تنسي ان الامنيات ليست كافية و ان الافطار في القدس و من قبله تحرير الاسرى يحتاج جميع جيوش العرب و المسلمين و ليس بلدا دون بلد او جنسية دون اخرى.
شكرا لمن نظروا بعين ثاقبة و نبهونا ان ليس كل من حمل لواء القدس ناصر أمين و ان علينا ان نتجاوز الاستفزاز العاطفي العالي الفولتيه هذه الايام خصوصا و نتعمق أكثر تحت السطح
مقابل طفل زين و دعايته يظهر الطفل مصطفى الرنتيسي ليقدم الصورة الأنصع و يبين ان الطريق الواقعي الى القدس مرصوف بالتضحيات لا بالامنيات و الدعوات، بطفولة مميزة تخترق السلك الزائل بدموع غير مصدقة و انفاس لاهثة تصدح الله اكبر “مرقوا مرقوا”
و اذا مرق الشباب و الشهداء فأين يذهبون سوى باتجاه القدس؟!
كان الدعاية صفعة استيقاظ ان تنبهوا فليس كل من قال بالقدس مخلص
ما كنت أحب لزين ان تخرج رسالة عن القدس تصبح محط اختلاف و رفض لا موطن اجماع و قبول