القراءة القراءة يا عرب .. !
لقد تعدت القراءة كونها حاجة ترفيهية إلى اعتبارها ضرورة إنسانية ملحة ..فعندما سئل أحد العلماء العباقرة: لماذا تقرأ كثيراً .. ؟ فأجاب: لأن حياة واحدة لا تكفيني .. ! لابد لنا أن نتوقف هنا متأملين فلسفة هذا المقولة التي تجاوزت حدود الفكر التقليدي الداعي إلى القراءة التي نعي ما تعلمناه من أهمية لها و لفوائدها , وكأنما يقول هذا العالم أن قراءة الآخر بمثابة حياة تضاف لتلك التي نحياها عبر الغوص في الأعماق ما نتلقاه من تجارب الآخرين . مهما تنوعت وسائل المعرفة التي تمكن المرء من الاطلاع والتلقي سواء كانت إذاعة أو تلفاز أو سينما إلا أنه يحتاج دائماً إلى القراءة المستمرة المتنوعة ، لأن القراءة تفوق كل هذه الوسائل لما تمتاز به من التعددية والإنتقائية ، فلا هي تقيده بزمن معين كالإذاعة والتلفاز،ولا بمكان محدد كالسينما , وعن طريق القراءة يتصل الفرد بغيره ممن تفصله عنهم مسافات الزمان والمكان ولولا القراءة لعاش المرء في عزلة عقلية وبيئية قاصرة بعيدة عن العالم البشري . مع تفوق ثورة الإتصالات و المعلومات و التقدم التكنولوجي بات الحصول على الكتب الإلكترونية أمراً في غاية السهولة و اليسر , بالنتيجة أصبح بإمكان كلاً منا أن يؤسس مكتبة إلكترونية تناسب توجهاته وميولاته عبر جهاز الكمبيوتر الخاص به وبأسعار زهيدة تكاد أن تكون مجانية . ومما لا شك فيه أن القراءة نافذة تطلع القارئ على ما لدى الآخرين من خبرات حياتية وأفكار وليدة التجارب المتراكمة ومعلومات جديدة جديرة قد تغير الكثير من المعتقدات والسلوكيات في مجتمعاتنا الغارقة في عبائة الآخر . علينا ألا ننسى أن نقرأ ونتلقى من مصادر موثوقة لأن الكثير مما تتناقلة الكتب دعائي مغرض يسعى لتحقيق أجنده لكاتب ما أو لفئة ما .. من هنا يجب أن ندرك ما تتداوله أيدينا جيداً حتى نستفيد من الجهد المبذول في عملية القراءة . وحول نصيب القراءة لدى الإنسان العربي ”إن معدل ما يخصّصه المواطن العربي للقراءة سنويا هو عشر دقائق وأن مجمل الكتب التي تصدر في مختلف أرجاء الوطن العربي لا تبلغ الخمسة آلاف كتاب في السنة الواحدة”. وأن عدد الكتب الصادرة في أورويا يصل إلى خمسين ألفا وفي أمريكا وكندا العدد هو مائة وخمسون ألفا . ووفق إحصائية نشرت في بداية العام 2008 نرى أن معدل قراءة العربي ”كلمة” في الأسبوع . وتهبط مدّة القراءة السنوية إلى سيع أو ستّ دقائق وفق ما ورد في جريدة لبنانية وأن 14% من اللبنانيين يطالعون الكتب وكل 300 ألف عربي يقرأون كتابا واحدا. وللمقارنة نقول إنّ معدل زمن القراءة لدى الإنسان الغربي يصل إلى ست وثلاثين ساعة سنويا ، أي 360 مرّة أكثر من العربي . من هنا نقول أن الفجوة بيننا وبين الغرب لم تأت من فراغ . في الختام نأمل ألا تكون مقولة وزير الدفاع الإسرائيلي موشي ديان على حق عندما قال قولته المشهورة : “العرب أمة لا تقرأ ، وإن قرأت لا تفهم ، وإن فهمت لا تفعل” .. !
راشد فريحات