هل ،النظام التشريعي ، استجاب للتحديات؟؟
هل “النظام التشريعي” استجاب للتحديات؟؟
راتب عبابنه
كثيرة هي التعهدات والإلتزامات والتأكيدات على أن الحكومة ستكون مصدر خير عارم للشعب والراعي الأمين لمصالحه والوالي المخلص والحنون على المواطن وأنها لن تألو جهدا بتبني الشفافية وتجعل من المصداقية ثابتا من الثوابت التي تتسم بها الحكومة باتخاذ القرارات الإقتصادية والإدارية والإجتماعية وحتى السياسية.
كلام جميل ونسعد لسماعه ونطرب لوقعه، لكن هل تتوفر الثقة لدى المواطن بجدية الحكومة وتوافق أقوالها مع أفعالها؟؟ الكل مجمع من رأس الهرم حتى القاعدة أن الثقة غير متوفرة تجاه الدولة ومؤسساتها وعلى رأسها الحكومات وبمقدمتها الرئيس.
إذا هذا الكلام الجميل لا يخرج عن إطار الدعاية والتسويق والبروتوكولات التي تراعى بالمناسبات وتتطلب المثالية والتظاهر بالزاهة والجدية والوعود والسياست الواعدة. فدولة الرئيس كان أكثر النواب مطالبة بالنزاهة والعدالة والمساواة. وعند تربعه على كرسي ” الولاية العامة” كان أول المنقلبين على كل المثل التي آمن بها ونادى بها وحارب كل الحكومات من أجلها.
والآن ها هو يطلق التعهدات بأغلظ الأيمان وبكل وسائل التأكيد اللغوية التي يرجو من خلالها كسب ثقة المواطن لكنها لم ترتقِ للأفعال ولم تجد طريقا للتطبيق بل على العكس ها هو ينقلب على نفسه ويحبط المواطن عندما يخالف ما تعهد به ببيانه أمام مجلس النواب عندما تقدم إليه لنيل الثقة.
لو استعرضنا بيان دولته بمجلس النواب الذي حاز على أساسه على الثقة بصعوبه، لوجدنا العديد من التناقضات والمخالفات ولتبين لنا أن ما جاء بالبيان كان شعارا رنانا اقتضته المصلحة واللحظة.
مما جاء بالبيان وبمعرض تأكيده على أهمية الوحدة الوطنية يقول دولته : ” وتعزيزُ مبدأ المساواة التامة بين المواطنين كافة بصرفِ النظر عن منابتِهم وعرقِهم ودينِهم وجنسِهم ” أين هي المساواة يا دولة الرئيس وأنت من أوجد أسسا للتعيين بالمناصب القيادية والعليا تقوم على المساواة والعدل والإبتعاد عن المحسوبية والشللية ؟؟ أين المساواة التي ادعيت بتبنيها وأنت الذي عينت شقيق زوجتك مديرا لمؤسسة الإقراض الزراعي بعد أن نقلت مديرها الأصيل ليرأس مؤسسة أخرى؟؟ هل ذلك الإجراء وذلك النمط من التحايل يأتي ضمن الشفافية والنزاهة والمساواة التي تسمعنا إياها على الدوام؟؟
هل هذا العبث وهذا الإستهتار بالعقول من السهل أن يمر على أبسط أردني دون الوقوف عنده وتحليله وأنت أحوج ما تكون لكسب ثقة المواطن الأردني؟؟ هل ما زلت دولتك غير قادر على التخلص من العقلية الإستهتارية والمنهحية المستخفة بعقول الأردنيين؟؟
هل دولتك ما زلت حبيس العمل بأدوات الخمسينات والستينات وأنت خريج أرقى وأعرق الجامعات العالمية؟؟ يبدو أن دولتك أخذت العلم ولم تأخذ روح العلم التي حقيقة تراعي أن الإنسان هو النواة لهذا العلم. ومما جاء ببيانه ويستدعي الوقوف والتذكير ” إنّ تعزيزَ ثقة المواطن بمؤسساتِ الدولة وتفعيلَ مشاركته في صنع القرار هاجسٌ أساسيٌ تسعى الحكومةُإليه، من خلال تطويرِ منظومة النزاهة الوطنية وتمكين ِأجهزة الرقابةِ وتعزيزِ قدراتها المؤسسية، وإصلاحِ الأنظمة الإدارية والمالية، وترسيخِ مبادئ الحوكمة والشفافية والمساءلة على مستوى مؤسسات الدولة كافة وضمانِ كفاءة ِإدارة المال العام، وتطويرِ الأطر الناظمة للعلاقات التشاركية بين مختلف القطاعات “.
كلام جميل وقوي أيضا ويقترب من أقوال الإنقلابيين وقادة الثورات والإصلاحيين، لكنه يفتقر لما يجب أن يتبعه من تطبيق. فعندما يكون تعزيز الثقة هاجسا، يكون المتوقع من دولتكم اتخاذ خطوات جادة وصادقة تعمل على إستعادة هذه الثقة التي تعلمون دولتكم أنها فقدت منذ زمن. فهل رفع الأسعار والضرائب والتعيينات التي لا تستند على مبرر ولا تقوم على وجه حق هي طريقكم التي تسعون من خلالها على كسب واستعادة ثقة المواطن وتفعيل مشاركته بصناعة القرار؟؟
أين هي نزاهتكم الوطنية وأجهزة رقابتكم من العبث الذي يمارس وأين التزامكم واحترامكم لتعهداتكم التي أقسمتم عليها وأكدتم لنا بأنكم رجالها؟؟ ألم تخالفوا دولتكم ما جاء ببيانكم؟؟ أليس ماقمتم به يضرب عرض الحائط بمشاعر وعقول المواطنين الأردنيين الذين تفاخرون وتباهون الدنيا بوعيهم وسعة ثقافتهم ومدى إدراكهم؟؟
وعند مروره على موضوع الفساد والنزاهة يقول دولته : ” وعليه فسوف تقوم الحكومة بتقديم الدعم اللامتناهي لمنظومة النزاهة والشفافية الوطنية، وقد تقدمت الحكومة بمشروع قانون ‘الكسب غير المشروع’ (من أين لك هذا؟) لمجلسكم الكريم تجسيداً واستكمالاً لتوجهات مكافحة الفساد واجتثاثه، وتعزيز الثقة بأداء من يتولى مهام العمل العام ومسؤولياتِه السياسيةَ والإداريةَ والاقتصاديةَ والماليةَ والاجتماعيةَ ومساءلةَ كل مخل بواجبات وظيفته ……. ” ولم نلمس من هذه المثاليات شيئا يذكر على أرض الواقع وقد قلتم أن الفساد المالي أساسه الفساد الإداري وأنت من يعبث بالتعيينات الإدارية للمؤسسات الكبرى لترضون نسيبا أو صديقا. وبما يخص التعيينات حصرا يقول دولته :” وقد كانت آخرُ الخطوات المتخذة بهذا الصدد إصدارَ نظام تشريعي للتعيين على الوظائف القيادية العليا، تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية، الذي من شأنه وضعُ الشخص المناسب في المكان المناسب،وترسيخُ قيم الجدارة والعدالة والإنصاف، وبما يرفد القطاع العام والجهاز الحكومي بالكفاءات المؤهلة ويعيد الألق والكفاءة للإدارة العامة “.
فما الذي تم تطبيقه من “النظام الشريعي” هذا عندما عملت على جملة تنقلات وتعيينات من أجل تبرير تعيين نسيبك بمنصب رفيع؟؟ لو كنت دولتك تتحرى النزاهة لامتنعت عن ترقية نسيبك حتى تضرب المثل بالنزاهة والعدالة والمساواة. للأسف بكل قرار تتخذه وكل خطوة تخطوها تثبت أنك بواد ومصلحة المواطن والمثل التي تنادي بها بواد آخر .
وهذا “النظام التشريعي” الذي على أساسه يفترض أن يتم اختيار الرجل المناسب للمكان المناسب يعتبر من أهم المنجزات التي ترتقي للمزاج العام حسب ما جاء بالبيان، إذ يقول دولته بهذا الخصوص :” إن قناعة الحكومة أن هذا النظام يُعدُّ واحداً من أهم المنجزات التي تستجيب لعدد من التحديات التي أرّقَتْ الرأي العام. فالتعيينات في الوظائف القيادية العليا ستتم منذ الآن من خلال إجراءات معلنة ومتاحة للجميع، وعلى مراحل، ومن خلال لجان متعددة، وضمن معايير وأسسٍ محددة في النظام ذاته “. وما تعتبرونه منجزا نعتبره تراجعا وعدم وفاء.
بالنهاية نقول لدولته أن الأقوال من السهل إطلاقها, أما الأفعال هي التي تشهد على مدى صدق القائل من عدمه، وأقوال دولتكم بينها وبين الصدق بون شاسع، لأنكم ما زلتم تستخدمون أدوات الماضي المندثر ولم تنزلوا للواقع بعد, حتى تلمسوا أن عدّاد الثقة ما زال يراوح عند الرقم صفر وأن مصداقيتكم لم يثبت وجودها وما تقومون به لا يرتقي لأبسط تطلعات شعبكم الواعي.
وحمى الله الأردن والغيارى على الأردن. والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com