"هل أصبحت الصقور غرباناً تنعق بالخراب"
بسم الله الرحمن الرحيم
“هل أصبحت الصقور غرباناً تنعق بالخراب”
بقلم: الاستاذ عبدالكريم فضلو العزام
تُعتبر الحياة السياسيّـة في أيّة دولة هي حاضنة الفِكر, فهي التي تُطلق العنان للتفكير والمفكِّرين لِيُحلقوا في مختلف مجالات الحياة ويُعطـوا عصارة فكـرهم لمجتمعاتهم بخاصة وللإنسانيـة بعامة ولا بد لهذا الفكر مهما تنوع, تشابه او اختلف أن يُستنبط منه ما يخدم الناس في حياتهم واخرتهم , فالدول التي تميزت بنضوج الحياة السياسية كانت دائما متميزة بحماية التفكير والمفكرين , حتى أنها كانت دائما ملاذا لاصحاب الفكر المطاردين من دولهم ولعل هذا ما قرأناه عن لجوء العلامة جمال الدين الإفغاني وعبد الرحمن الكواكبي وغيرهم الى مصر في أواخر الدولة العثمانيه عندما كان الأنجليز يستعمرونها لأن مصر كانت خارج السلطة المباشرة لدولة الاتراك وكان للفكر فيها أفق رحب يحلق فيه أصحابه وإن كان أقل أتساعا مما يتمتع به الغرب في ذلك الحين.
واليوم فإن غالبية دول العالم أصبحت تتنافس فيما بينها بتبني الديمقراطية وتطبيقها وإفساح المجال للحريات واحترام الرأي والرأي الآخر ولكن ضمن محددات الديمقراطية المعروفة وضمن الحرية التي لا تضر بالآخرين عملاً بالمقولة المشهورة (( تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية غيرك )).
والأردن هو إحدى هذه الدول التي ترسم طريقها على طريق إطلاق الحريات وتبني الديمقراطية وتسعى جاهدة لإنضاج هذه التجربة بما يخدم الوطن والمواطن.
وللحقيقة أقول أن تعدد الأحزاب في الأردن والتي من ضمنها حزب الأخوان المسلمين وجبهة العمل الإسلامي هو دليل على التوجه على الطريق الصحيح لبناء ديمقراطية تحترم الإنسان وفكره, ديمقراطية تقتنص الفكر البناء المفيد الذي تُفرزه الأحزاب المتنافسة فيما بينها, المتنافسة على خدمة الوطن وبنائه.
إن الأحزاب الأردنية على مختلف سياساتها وبرامجها وتفكيرها مجتمعةً حريصة على الأردن وطناً مصُوناً كريماً وعلى الهاشميين قيادة, حتى وإن اختلفت في توجهاتها وأساليبها في الإصلاح فالجميع يؤمن بأن الاصلاح والتطوير هو سِمة الحياة، ولكن ضمن الثوابت التي تحفظ تراب هذا الوطن وتخدم الأمة على المدى القريب والبعيد.
لكن ما يُلفت النظر هو موقف بعض من يُسمون أنفسهم بالصقور في حزبهم مع شديد احترامي لهذا الحزب ولجميع الأحزاب الأردنية لأنها جميعها من الوطن وللوطن، لكن هؤلاء الصقور الذين أقنعوا أنفسهم بأنهم صقور يجوز لهم أن يُفكروا كما يشاؤون وأن يُصرحوا كما يشاؤون، أصبحوا يهلوسون أحياناُ لأنهم باتوا لا يفكرون الا بمصالح ضيقة وقد تكون الأحلام بالمناصب والكراسي أصبحت هاجسهم فأعمت عيونهم وأقفلت تفكيرهم وليس أدل على ذلك من قول صقر من صقورهم وهو أحد صقور الظلام قبل أيام أنه لا بد من تشكيل جيش حر في مصر على غرار الجيش الحر في سوريا، ولم يفكر بالنتائج أو انه يريد أن تتحقق أهدافه ولو على جماجم البشر وشلالات الدماء، لم يدرك هذا الصقر الأسود أن جيشاً حراُ في مصر سيجعل الدماء إلى الركب وأن النيل سيتبدل ماؤه دماً. ألم يقرأ هذا الصقر الناعق بالخراب قوله تعالى ((أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنه)) وبعد هذا التصريح يعود هذا الصقر الغراب ليصرح أن للأردن دوراً في المؤامرة على مصر وكأن هذا الغراب لم ير من هذه المؤامرة الا أن يضع للاردن دورا بين المتطاحنين في مصر وعلى مصر، لا لشيء إلا لأنه يريد أن يزُجَّ وطننا في موقع الشُبهة وأن يُلبِسَ نفسَه ثوب الغُراب الذي يقتُلُ فِراخهُ وينثُرُ عُشَّهُ في مهبِّ الريح.
أتمنى على حزب هذا الصقر الأسود، هذا الحزب الذي نحترمه كجزء من نسيجنا الأردني، أن يضع حداً لمن أقنعوا أنفسهم أنهم صقور، فلبسوا ريش الغربان لينعقوا بالخراب، فهؤلاء إن كانوا يَرون بهذه التصريحات النارية ما يُشهرهم ويُميزهم فليعلموا أن العقلاء من حزبهم و كُلُّهم عُقلاء إن شاء الله والشعب الأردني كُلُّه يمُجُّون مثل هذه التصرفات وهذه التصريحات اللامسؤولة التي تتميز بِـقـصر النَّظر وتدعو إلى خراب الديار.
الكاتب: الأستاذ عبدالكريم فضلو العزام