هُدهُد الملك
كان عين الملك التي بها يرى، وأذنه التي بها يسمع … فقد كان رسوله لنقل أخبار الناس، مُضّرٌ بهم إن عصوا ونذير لهم إن تقاعسوا. كان يرى الناس عبيداً لخدمة سيده الملك، ماسح على مصباح الدين ومصطفى ليعرف عُبّاد الشمس. هُدهُد الملك لا يأكل بزر البطيخ على الرغم من أنه عصفور، ذهبي الريش مُرقط، ورقاّد على البيض أملس كالشوبك.
لقد أعُطي الملك كل ما يتمناه بشر، فعليت قصورة وامتدت بساتينه وسآل في أقنيتها وبرَكها الماء الزُلال. وقد أحاط الملك نفسه بالحرس من الإنس والجآن وسار السَحاب في موكبه وهبت الرياح في غزوته. وقد سُخرَّ له الحيوان من كل نوع وشأن، فصال وجال ومَلك الحكمة والسلوان.
وفي يوم من الأيام، تفقد الملك قصره الفتّان، وتفحّص الحُرشَ والوِديان، وجمع الجيش في مكان… وسأل الحيوان والإنس والجآن: أين الهُدهد عن البيان؟ فأجمع الكل على أنه غائب منذ أيام، فإستشاط الملك غضباً وتوعد بتعذيب الهدهد أو أن يأتيه بخبر عظيم يبرر به غيابه. وعاد الهُدهد الى الملك الحكيم مستهلاً كلامه بالتشويق: لقد أتيتك من سبأ بنبأ يقين.
قل ما عندك يا هدهد وإلا لقسمتك إلى نصفين أحدهما هد والثاني هد. سيدي، لقد وَجدت حيث كنت، إمراة تملكهم وأوتيت من كل شيءٍ ولها عرشٌ عظيم. كما أني وَجدت بأن قومها يسجدون للشمس … وأسهب وطال في الكلام والوصف المُحال.
وقد أثار صاحب التاجِ شكوك صاحب التاج، فالأول تاج من ريش والثاني تاج من الزمرد واللولؤ والمرجان وقد أمر الثاني بأن يختبر الهدهد فأرسله إلى اليمن حاملاً رسالة إلى بلقيس يدعوها فيها الى دينه، فأرسلت له هدايا ثمينه ليرضى، فرفضها الملك وقررت أن تحمل غيرها بنفسها إلى أورشليم القدس، حيث استقبلها الملك سليمان في نسخة من قصرها جلبها له جني من عنده، وسارت على أرضية من الزجاج حسبتها ماء فرفعت فستانها، وتزوجها الملك وانجب منه ولداً وتوفيت بلقيس في أنطاكية.
قصتي هذه معروفة للكثيرين وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم ولكني أحببت أن أسليكم بحزيرة موجودة في الفقرة الأولى منها لنربط ما كان فيما يكون، وحل الحزيرة يتطلب ذكر (11) إسم لأشخاص تولوا على التوالي مهمة الهدهد في بلدنا فمن هم يا ترى؟