0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

مخيم اليرموك الجريمة السياسية

مخيم اليرموك الجريمة السياسية

شهدت بدايات الحراك السلمي في سوريا تساؤلات عن موقف فلسطينيّي مخيمات سوريا من المطالب المعلنة، وحكمت مشروعية التساؤلات اعتبارات التاريخ والجغرافيا، التي لم تفصل الفلسطيني يوماً عن السوري، واعتبارات الدور الذي يؤديه اللاجئ الفلسطيني في بلد أعطاه منذ منتصف الخمسينيات حقوقاً كاملة باعتباره فلسطينياً بحكم السوري .
اختار أهالي مخيّم اليرموك دوراً انسانياً بابتعادهم عن الحالة المسلحة التي نشأت، وفضلوا تحويل مخيّمهم إلى ملاذ آمن للنازحين من أحياء التضامن، ويلدا والحجر الأسود، والميدان، وأدّت الهيئات الأهلية وتجمعات الشبان المستقلين سياسياً دوراً مهماً في هذا الجهد الإغاثي، وتحوّل مخيّم اليرموك كما المخيمات الأخرى إلى رئة يتنفس منها السوريون الذين وقعوا تحت وطأة ظروف التهجير من منازلهم.
المخيمات الفلسطينية تفتح الجراح الفلسطينية ، وما حدث ويحدث وسيحدث لمخيم اليرموك في دمشق صورة كارثية لكيفية استغلال الفلسطيني في معارك لا صلة له من قريب أو بعيد بالقضية الوطنية، الجريمة اليومية التي تصيب المخيم تؤكد أنها أتت من قوى دخلت خلسة بسلاحها لداخل المخيم لفرض معركة عسكرية مع النظام السوري، تكون النتيجة مجزرة بشرية وتدمير كل بيت داخل المخيم ، الجريمة الأخيرة بدأتها عصابات مسلحة مختلطة سورية فلسطينية ، وهدفها معلوم جدا إدخال فلسطين عنوة في لعبة الصراع الداخلي السوري، رغم أن القوى الفلسطينية قررت ومنذ البداية أن تكون بمنأى عن الأزمة السورية ، مع وجود اختراقات لصالح هذا الطرف أو ذاك ، ولكن الكتلة الرئيسية رفضت أن تكون جزءا من الأزمة، هذه الخريطة السياسية للواقع الفلسطيني في سوريا وخاصة مخيم اليرموك، بذلت محاولات عدة للزج بالمسألة الفلسطينية لم تنجح، ولكن مريدوها لم يتوقفوا.
لعل الفصائل الفلسطينية ارتكبت خطأ كبيرا يوم أن رفضت أن تكون جاهزة بقوتها لقطع الطريق على أي محاولة للهجوم على المخيم، الفصائل رفضت تسليح أهل المخيم من أجل الدفاع الذاتي في لحظة ما، هذا الموقف أريد منه إرسال رسالة لطرفي الأزمة السورية ، أن الفلسطيني لن يكون جهة تقاتل غير عدوها الصهيوني ، وأن أي سلاح لن يكون إلا من أجل حماية فلسطين ، ولكن يبدو أن الجيش الحر إرتكب جريمة كبرى، باقتحام مخيم اليرموك كي يفرض على النظام ارتكاب جريمة أخرى.
المعارضة المسلحة وأدواتها التي دخلت لمخيم تعلم أنه لا خطر مطلقا من الفلسطينيين داخل المخيم، بل أن الغالبية المطلقة من سكانه قوى وأفراد لم تتجاوب مع رغبة تنظيم أحمد جبريل بالتسلح، وكان وجود تنظيمه محدود جدا، ومرفوضا من غالبية أهل المخيم، لذا فالذريعة أن الهدف تطهير المخيم من تنظيم جبريل ليس سوى كذبة وخدعة ونفاق لا أساس لها، ولكن المحاولة جاءت للزج بفلسطين إسما ومكانا في لعبتهم الخاصة، كونهم يدركون تماما أن السيطرة على المخيم لن تدوم طويلا، ولكنهم سينجحون بتدمير المخيم وتهجير سكانه.
والسؤال ماذا تريد المعارضة السورية المسلحة من المخيم الفلسطيني في سوريا؟ وهي تدرك جيدا أنه ليس بوابتها لهزيمة النظام، ولكنها تركت دمارا يحتاج لسنوات كي يعيد لها ما كانت عليه ، لا يوجد أسرار لمعرفة الحقيقة، فهناك أطراف إقليمية ودولية لها هدف يتصل بالقضية الفلسطينية في المخطط السائد، خاصة أمريكا وبعض العرب الذين يسعون لخلق وقائع سياسية تفرضها على الشعب الفلسطيني، من جراء حركة تهجير إجبارية في أكثر من منطقة، للتمهيد من أجل تنفيذ مشروعهم الدائم والتاريخي لتوطين الفلسطينيين خارج أرضهم وبلدهم، وهو مشروع أمريكي- صهيوني وهدف مباشر بات يقترب أكثر فأكثر بمسميات مختلفة وعبر وقائع مختلفة، وما يحدث للفلسطيني في مخيم اليرموك ، هو مقدمة لفرض تهجير فلسطيني جديد تقوم به أدوات تخدم قوى من أجل تنفيذه، فضرب المخيم الفلسطيني في سوريا هو جزء من ذلك المخطط، ومن هنا الجريمة الكبرى التي يجب مقاومتها بكل السبل، وربما لم يعد كافيا الإدانة العامة دون مقاومة الخطر السياسي في الجريمة، والاكتفاء بجريمة القصف أو القتل لم تعد كافية، بل تشكل مشاركة في تمرير المشروع الأخطر وهو الجريمة السياسية.
من واجب منظمة التحرير الفلسطينية والقيادة الفلسطينية والقوى الوطنية أن تكون حامية لأبناء شعبنا في كافة المخيمات، بكل أشكال الحماية سواء كانت عسكرية أو سياسية أو مالية ، وكفى تلاعبا بالمشاعر وخلط الأوراق، وليت البعض يقف جيدا أمام دروس سياسية من نتاج الحراك العربي.
فلسطين لم تكن ولن تكون لعبة، ومن يريد تقديم خدماته للتحالف السياسي الجديد ليبعد عن فلسطين، وابتعدوا عن الفلسطينيون كفاهم هما ونكبات .

بقلم الكاتب جمال أيوب.