جاذبية السفارات الغربية والوعود الديمقراطية
لا نعرف سر جاذبية السفارة الأميريكة للنخب الأردنية، نخب عاملة ونخب مقالة وأخرى طامحة، ورسائل وفاكسات ترسل للسفارة من قبل هؤلاء ممن يشاركون أحيانا اصدقاءهم الاميركان القلق على الأردن، احدى الصديقات عملت بالسفارة الأميركية فترة، هالها حجم التقاير والرسائل التي يرسلها رموز وقادة اردنيون للسفارة، وفيها شكاوى وانتقادات لدولتهم، وكأن الشكوى للأميركان عن واقع بلدهم تدخلهم باب الحظ الاميركي، أو تأتي بوعدهم بالديمقراطية.
وأميركا بعد فضيحة التجسس الأخيرة التي أظهرت أن الأردن من أول ثلاث دول الأكثر مراقبة، لا تحتاج لهذا التهافت الأردني على سفارتها، وللأسف ثمة قيادات تسوق نفسها انها وطنية، تحاول بكل السبل الدخول من باب السفارة إلى المجمتع، وهذا أمر ليس بجديد، وكثير من النخب العربية مارست ذات الدور على مجتمعاتها، ولكن هذه العلاقة لم تجر إلا الويل والقابلية للاستعمار.
حتماً، لن تدخلنا أميركا وسفارتها، وسفارات الغرب الأخرى إلا إلى المزيد من التبعية، ألا بؤساً لها، وبؤساً لديمقراطيتها التي فككت العراق واستلبت فلسطين، أما ديمقراطية الفيسبوك التي يظن العرب أنها ستغير التاريخ، فهي لن تأتي إلا بالمزيد من الفوضى ولطالما أنها ديمقراطية عرجاء ومقيدة ومعتمدة اقتصاديا على بركات واشنطن، فحتما لن يتغير شيء، فالذاكرة العربية ما زالت تتذكر كيف تآمر الغرب على نتائج الديمقراطية في الجزائر عندما حصد الإسلاميون المقاعد النيابية، وكذلك في غزة، وسيكون الأمر ذاته في أي مكان.
السفارات في بلدنا الحبيب، لن تدخلنا عالم الديمقراطية ولن تحل الإصلاح، وما شكوى الناس لبلدهم من أبواب السفارات فهذا دليل عجز، ودليل وطنية ناقصة، وللأسف يفتخر الناس بحجم دعواتهم من قبل السفارات، لا بل يتبرع بعض الكتاب والنخب بتقديم خدمات الاستشارات وتزويد السفارات الاجنبية بمعلومات عن البلد والسيناريوهات المقبلة للوطن ومآله.
لا نقصد أي سفارة عربية محترمة تحترم علاقتها مع الأردن، لكن المقصود فقط سفارات الدول التي تورطت بحماية المشروع الصهويني ورعت تفكيك المنطقة، وأيدت كل ما هو ضد حرية الشعوب، وللأسف هذه السفارات لها قواها اليوم ومؤسسات المجتمع المدني المرتبطة بها والتي تحاول ان تكون ذراعا موازيا في تفكيك الدولة.
أما الولايات المتحدة فهي منذ النصف الأول للقرن العشرين تريد شرقا أوسطا طوع اليد، لذلك جاءت بكثير من المبادرات السياسية، والأحلاف التي أرادت من خلالها إحلال أنظمة تابعة لها، وشجعت على الحرب والسلام في آن واحد، وكان هذا الحضور يتخذ من الظروف السياسية مدخلا له، مرة جاءت بداعي الخطر السوفياتي ومكافحة الحضور الشيوعي، وأخرى بحجة الاستقرار في المنطقة، بعد أن أسهمت بإغراء الرئيس صدام حسين لمواجهة الخطر الإيراني غير أنها أغوته باحتلال الكويت، وبين الحربين كانت تمنح إسرائيل مبررا لاجتياح بيروت.
ومرة ثالثة جاءت الولايات المتحدة بدايات التسعينيات من القرن الماضي على قارب السلام العادل المنشود للشرق الأوسط، ولما استنفد السلام أنفاسه بوعود لم تنته إلى نتيجة، حضرت الولايات المتحدة بالدعوة إلى الديمقراطية والإصلاح والتغيير الناعم، وهو حضور تناوب عليه رئيسان بوش صاحب الفوضى الخلاقة والديمقراطية بالعنف، والنتيجة الشاخصة لتلك السياسة العراق المنقسم، وأوباما الذي أرادها ديمقراطية ناعمة تأتي بالثمار ذاتها وتجني المصالح ذاتها، وكان خطابه في القاهرة يوم زارها بالدعوة للتغيير أولى الرسائل المبشرة بما يجري اليوم، لكنها رسالة سريعة مرت دونما تدبر عربي، وهي اليوم تنقلب لتغيير دموي طائفي في سوريا.
Mohannad974@yahoo.com