مذكرات نيابية لا تساوي حبرها
بين وقت وآخر يتم اصدار مذكرة نيابية حول قضية ما،من العفو العام،مرورا بالاسرى الاردنيين في اسرائيل،وصولا الى الاحتجاج على رفع اسعار الكهرباء،ونهاية بأي قضية اخرى.
دستوريا فان هذه المذكرات غير ملزمة لأي حكومة،وعلى هذا تتحول قيمة المذكرات الى مجرد اشهار موقف سياسي او اقتصادي او اجتماعي،والحكومات المتتالية،تتعامل مع المذكرات من باب الاخذ بالعلم،ولا تقف في الأغلب عند مضمونها.
آخرمذكرة تم جمع التواقيع عليها،كانت تطالب باصدار عفو عام،وتوارى الحديث عنها،وكان الاصل ان يقترح النواب مشروع قانون للعفو العام،بدلا من مذكرة نيابية تطالب بعفو عام،فاقتراح مشروع قانون ملزم للحكومة في هذه الحالة،فيما اصدار مذكرة يأتي من باب تسجيل موقف،وترك الامر ُمعلقاً في نهاية المطاف.
في حالات اخرى،تتحول المذكرات الى نمط من انماط التعبيرعن الموقف،والنواب يوقعون اغلب المذكرات سريعا،ويأتي توقيع بعضهم من باب اقراض النائب الذي يتبنى المذكرة،هذا التوقيع،باعتبار ان النائب الاخر قد يحتاج الاول في يوم ما،وقد يطلب توقيعه،على مذكرة اخرى.
هكذا تفقد المذكرات قيمتها السياسية والمعنوية،خصوصاً،ان طريقة صناعة المذكرات ُتضّعفها بشكل مسبق،هذا فوق عدم وجود قوة دستورية الزامية لهذه المذكرات،التي تبقى حبراً على ورق.
اذا عدنا لتقييم اداء المجالس النيابية،لاكتشفنا وجود آلاف المذكرات التي صدرت،ولم تترك اي قيمة او تأثير،على قرار الحكومات،او على المشهد العام،باستثناء حالات معدودة جدا.
هذا يفرض على النواب عدم التهرب من الاستحقاقات الاساسية التي يمكن تنفيذها عبر آليات دستورية،الى المذكرات التي باتت منفذاً لتهرب النواب والحكومات من هذه الاستحقاقات،لان المذكرة هنا،ليست ذات قوة،وتترك القضية التي تتبناها في الأغلب معلقة.
بين يدي النواب صلاحيات الزامية،يمكن اللجوء اليها،وتفعيلها داخل البرلمان،لكننا نشهد بكل اسف،تهرب النواب من الصلاحيات المتاحة لهم،وكلفة هذه الصلاحيات،الى المذكرات والتصريحات وبند ما يستجد من اعمال،بحيث يتحول البرلمان من قوة مؤثرة وشريكة في القرار الى منبر للتعبير عن الرأي.
اذا كان النواب يفهمون دورهم من زاوية التعبير عن الرأي،فماذا تركوا للإعلام والاحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني؟!.
هذا انقلاب في الأدوار،يفرض على النواب ترك هذه المساحات،والعودة الى مساحة الفعل والتأثير الدستوري عبر الآليات المتاحة لهم اساسا،حتى لايتحول البرلمان في المحصلة من مؤسسة للرقابة والتشريع الى مؤسسة للتعبير عن الرأي والرأي الاخر.
لعل النواب يعيدون التموضع من جديد