عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

كارثة حرب 1967

كارثة حرب 1967
غيرت حرب يونيو/ حزيران1967 بين العرب والعدو الصهيوني وجه المنطقة ولا تزال تداعياتها من وقوعها تؤثر على حياة العدو والفلسطينيين والعرب، وبعد أسابيع من التوتر شن العدو الذي لم يمض على إعلان قيامه 19 عاما، في الصباح الباكر من يوم الخامس من يونيو 1967 هجوما وصفته بالإستباقي ضد مصر وسورية والأردن قضت في مستهله على معظم إمكانات سلاح الجو المصري على الأرض قبل أن تحتل شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة والقدس الشرقية والضفة الغربية وهضبة الجولان السورية، وبعد ستة أيام فقط انتهت الحرب بانتصار العدو واهانة وهزيمة نكراء للعرب، وتغييرا مهما في الخريطة السياسية للمنطقة، ورأى بعض الصهاينة في الخطة المنسقة التي نفذتها في تلك الحرب لحظة عبقرية فارقة في تاريخ دولة العدو الصهيوني الفتية التي استطاعت من خلالها تفوقها العسكري توسيع حدودها وفرض نفسها كقوة إقليمية لا تقهر، لكن عموم الصهاينة رأوا في صور جنودهم وهم يحتلون القدس والأماكن فيها وخصوصا حائط المبكى، إضافة إلى هزمهم لجيوش عدة دول عربية لحظة انتصار تاريخي وتثبيتا لقوتهم ومشروعهم.
بالنسبة إلى الفلسطينيين مثلت الهزيمة في الحرب واحتلال القوات الصهيونية أراضيهم ابتعاد احتمال قيام دولتهم التي يحلمون بها، وأعطت حرب 1967 دفعا قويا لحركة الاستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية من جهة وجزرت من جهة أخرى الشعور الوطني الفلسطيني الذي اخذ يتشكل خصوصا من خلال الثورة الفلسطينية متمايزا عن مظلة الدول العربية التي ظلت قبل حرب 1967 لعقدين تدعو لتحرير فلسطين بلا جدوى، غيّرت حرب الأيام الستة طبيعة النزاع نظراً إلى أن الخطاب السياسي الذي كان سائداً قبل العام 1967 اختفى فترة طويلة إلى أن عاد وأطل برأسه مجدداً مع ظهور حركة مثل ” فتح ” تنادي بتحرير فلسطين من البحر إلى النهر.
لا يمكن الاستخفاف بالخطاب السياسي الفلسطيني الذي يبحث عن وطن و ينادي بتحرير كل فلسطين بصفة كونها وقفا إسلامياً، كما يبحث عن وطن خصوصاً أن في استطاعة الحكومة الصهيونية التذرع بهذا الخطاب لتفادي الأقدام على أي خطوة تصب في اتجاه العودة إلي طاولة المفاوضات ، تمهيداً للبحث الجدي في إنهاء الاحتلال، لم يتقدم العدو بعد انتصاره على الجيوش العربية عرضاً يؤدي إلى سلام ولم تبذل الولايات المتحدة أي جهد يذكر لكسر الجمود الذي ساد بعد النكسة ، كان لا بدّ من حرب جديدة لإعادة تحريك الأمور في العام 1973، لكن مصر وسوريا اللتين دخلتا الحرب معاً ما لبثتا أن افترقتا سياسياً، خصوصاً أن دمشق بدأت تفكر في أن الدور الإقليمي على الجبهة الممتدة من الأردن إلى الناقورة في جنوب لبنان، أهم بكثير من استرجاع هضبة الجولان المحتلة، وأن مصير النظام في سوريا مرتبط بالدور الإقليمي أكثر من أي شيء آخر، وتكرّس هذا المنطق بعد نجاح الرئيس حافظ الأسد في فرض وصايته على لبنان لفترة طالت نحو ثلاثة عقود، انتهت هذه المرحلة مرحلة الوصاية المباشرة على لبنان، في حين وعت القاهرة باكراً أن مرحلة لعب الأدوار الإقليمية ولّت إلى غير رجعة وأن استعادة سيناء وثرواتها أهم بكثير من الحلم بدور إقليمي ووقعت اتفاق سلام مع العدو, أوصل صدام حسين إلى تلك النهاية البائسة وأوصل العراق إلى ما هو عليه الآن من تفتت، غيّرت حرب الأيام الستة طبيعة النزاع، وظهر ذلك بوضوح بعد حرب 1973 حين صار المطلب العربي يتلخص بالانسحاب الصهيوني من الأراضي المحتلة في العام 1967، لم تعد هناك عودة إلى خلف بعد حرب 1973 عندما اعتبرت مصر وسوريا والأردن أن السلاح الأهمّ في يد الجانب العربي هو سلاح الشرعية الدولية المتمثل في القرارين 242 و338 الصادرين عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وما لبث الجانب الفلسطيني إن انضم إلى المعترفين بالقرارين وحدَّد مطالبه بالدولة المستقلة التي يفترض أن تقام على الأراضي المحتلة في العام 1967.
ماذا كانت النتيجة؟ على من يريد بالفعل مواجهة الاحتلال الصهيوني إدراك أن كلّ طرف من الأطراف العربية المعنية بنتائج حرب العام 1967 تصرّف بالطريقة التي تخدم مصالحه، لكن الصحيح أيضاً أن على الفلسطينيين أن يظهروا ولو لمرّة واحدة أنهم قادرون على إدارة شؤونهم بأنفسهم، هل يجوز أن بعد هذه السنين على حرب الأيّام الستة؟ يكاد المرء يقول أن كلّ طرف في المنطقة يعمل من أجل مصلحته، يفترض على الفلسطيني أن يكون تعلّم شيئاً من حرب يونيو ومن كلّ الأحداث التي توالت على المنطقة، أول ما يفترض به أن يكون تعلّمه أن المفاوضات لا يمكن أن تحرر وطن , في حين أن الفلسطينيين لم يتعلّموا شيئاً وهم على استعداد يومي لتأكيد ذلك! وحدهم الفلسطينيون لا يدركون مصلحتهم، إنهم ضحايا القرار العربي الخاطئ الذي أوصل إلى هزيمة 1967، مثلما أنهم ضحايا السياسات العربية التي تلت الهزيمة، أنّهم الضحية الحقيقية لحرب الأيام الستة التي زادتهم تشرداً في بقاع الأرض وحولتهم وقوداً في الصراعات العربية- العربية والعربية مع دول الجوار، ثمة من سيقول أن المشكلة مع العدو أوّلاً، هذا صحيح نظراً إلى أن الدولة الصهيونية تسعى إلى تكريس احتلالها لكل فلسطين المطلوب العودة إلى المقاومة بكل أشكالها حتى نحرر فلسطين، هذا العدو لا يفهم سوى لغة البندقية لا يمكن إن نحصل على شبر من أرض فلسطين بطريقة المفاوضات.

وإنها لثورة حتى النصر.
بقلم الكاتب جمال أيوب.