واقع يحاكي الخيال ..
إن الحياة اليومية التي يعيشها كل فرد تعتبر واقعا نلمس فيه أشياء ونستعملها، في حين أن الخيال حياة داخلية يعيشها المرء دون أن يلمس الأشياء في مخيلته.
كثيرا ما يكون التخيل تأليف بين أفكار واقعية وصولا إلى فكرة جديدة، الخيال يحاكي الواقع ويقلده من خلال آليات تسعى إلى تحرير الواقع ومن ثم تجاوزه والتخلص من هيمنته، حيث يساعد الخيال في حل المشكلات و يعتبر تنفيسا رائعا عن الضغوط التي يتعرض لها الإنسان في الواقع، فلولا الخيال لم تنعم البشرية بما تنعم به من علوم واختراعات وإبداعات فكل ما نستخدمه اليوم من آلات وأدوات وكتب و موسيقى وغيرها، كان في يوم من الأيام حلم عند مخترعه وصانعه، و كما يقول كنت: ( الخيال يسهم إسهاما أصيلا في تكوين العالم ).
ولكن تقلبات الحياة وما فيها من أحداث وأشخاص صادمين، وما نشاهده على الأرض من قتل وتعذيب وتشريد وظلم الإنسان للإنسان … كل ذلك جعلني أقف مع نفسي لأرتب أفكاري وأعيد النظر في فلسفتي بالحياة .
فالواقع مزري لا نستطيع أن نحقق فيه ما نحققه في الخيال، فقدراتنا بالواقع محدودة لكن في الخيال نعيش حياة غير محدودة وغير مقيدة، فعندما نكون غارقين بالخيال ومن ثم نصطدم بالواقع؛ نصاب بحالة من الحزن والكآبة لأننا لا نستطيع أن نعيش بالواقع ما عشناه في الخيال.
أعرف أن الواقع قاسي حقا قاسي، يقتلنا في اللحظة آلاف المرات، وأعرف أن الخيال في مجمله عظيم، ولكن الواقع يظهر لنا حقيقة الأشياء التي عميت أعيننا عن رؤيتها وصور لنا الخيال جمال طلتها، الواقع يرينا الوجه الحقيقي لكل ما هو حولنا، والخيال يهون علينا صدمتنا في هذا الواقع.
أذن انطلاقا مما أسلفت يمكننا القول : أن الواقع لا تكتمل واقعيته إلا بالخيال، و لنعش الخيال عندما يؤلمنا الواقع .
هند السليم