0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

هل الإستقلال توثيق وذكرى؟؟

هل الإستقلال توثيق وذكرى؟؟
راتب عبابنه
تمر ذكرى استقلالنا (1946) والأردن يمر بأصعب سنواته وأكثرها أزمات وأصعبها تعقيدا وأشدها خطورة، إذ يعود ذلك لأسباب عديدة سياسية وإقتصادية وإجتماعية ودولية. وهي أسباب جعلت من الأردن لاعبا أساسيا بشكل لا طوعي في الكثير من أحداث المنطقة بسبب توسط موقعه الجغرافي وتركيبته الديموغرافية وارتباطه بالقضية الفلسطينية وجواره لسوريا والعراق ودول الخليج. ولهذه العوامل مجتمعة الدور الكبير لجعل الأردن حلقة وصل وتواصل وتفاعل وتأثر بكل ما يجري حوله من أحداث وخصوصا المقلقة منها.
والدور الذي قدِّر للأردن أن يؤديه وإن كان أساسيا بالحسابات السياسية، لكنه يمارس على استحياء وبحذر شديد جدا لحسابات مستقبلية تتعلق بدول الجوار وغيرها. وبالوقت نفسه يُطلب منه تأدية دور يخدم بالدرجة الأولى مصالح قوى دولية عند تحقيقها تكون قد انعكست على العلاقات مع الدول المجاورة. الدول تغير مواقفها واستراتيجياتها حسب ما تقتضيه مصالحها، وهذا تغيير مبرر لحد ما وقائم على دوافع وأسباب تعود بالخير على الدولة التي ترسم سياساتها على أساس منفعة الشعب على المدى الطويل وليس القصير الذي يخدم ويعود بالنفع على القوى الدولية الضاغطة فقط والتي تؤمن بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة.
الأردن بلد قليل الموارد وهذا القليل خرج به الفاسدون والمارقون الدخلاء إلى غير رجعة. وهذا جعل الأردن يعتمد على القروض والمساعدات والمنح واللجوء للمواطن الذي يدفع ما يقارب 18% من دخله للدولة دون مقابل, بالإضافة لتعويم الأسعار ورفع الدعم عن الكثير من السلع وكذلك اللجوء لرفع أسعار المحروقات بين الحين والآخر والذي يتبعه مباشرة رفع لكل ما يباع ويشترى. وموضوع المحروقات ما زال يراوح مكانه بالنسبة للحكومة ويلفه الغموض وتعتريه الشكوك بطريقة إخراجه وصدقية عملية الإحتساب ونسب الرفع والخفض، وهذا بالوقت الذي يؤكد به الخبراء الإقتصاديون ربحية الدولة غير المبررة جراء الرفع والخفض.
وضع جعل الأردن عاجزا عن وضع استراتيجيات طويلة الأمد تعمل على التعافي الإقتصادي وغير قادر على مواجهة الضغوط وتأدية الحقوق مما أدى ليقبل (صناع القرار) ما لا يقبل به الشعب الذي هو الدافع والضامن الرئيسي لتغطية نتائج التورط من قبل فاسدي الدولة المتحكمين بالقرار. وهذا عامل رئيس يجعل من الأردن المجامل والمتحرك بين ثنايا الإتفاقات والمؤتمرات والمسؤوليات. السؤال الذي لا بد من طرحه : ماهو المقابل والمردود لكل ذلك ؟؟ ما نراه ونعيشه هوالفقر المتزايد والإحتقان المتفجر، ويطلب منا تأدية أدوار أكبر من حجمنا وتفوق طاقاتنا، ويفرض علينا قبول ما لم ولن نقبله بما يتعلق بالتوطين واستحقاقته.
لقد حُمِّل الأردن أوزار غيره ولعب دور المضيف والحاضن والمأوى للذين شاءت الأقدار ببلدانهم أن يخرجوا منها طلبا للأمن والأمان. فهل للأردن أن يبقى مستمرا بالإحتضان والإيواء وهو ينوء بأهله؟؟ هل من الحكمة ومن المصلحة للشعب والوطن أن يتحملوا ما ليس بطاقتهم؟؟ وهذا يقودنا للموضوع الأساسي ـــ الإستقلال .
الإستقلال بمفهومه البسيط هو رحيل الدولة المستعمِرة عن الدولة المستعمَرة وتركها لتدير شؤونها بنفسها وحسب ما يقرره أهلها. أما الإستقلالية وبمفهومها البسيط أيضا هي تحمل دولة ما مسؤولية نتائج قراراتها دون التأثر بموافقة أو معارضة دولة أو دول أخرى. والإستقلالية نفهمها بالإبتعاد عن القرارات والمواقف التي ترغب بها دول ذات مصالح والإقتراب من رغبات الشعب والعمل على تحقيق إستقراره ورفاهه.
الإرتهان لرغبات ومصالح الآخرين تتلاطمنا أمواجه لنجد أنفسنا لا حول ولا قوة لنا يضعنا لتأدية دور لم نكن نرغب به وعلينا تحمل تبعاته. والقرار السيادي المستقل ينبع من الإرادة السياسية المستقلة التي لا تجعل الدولة عرضة للضغط والإبتزاز لتلعب دورا بالوكالة عن الآخرين .
ما تقدم ليس جلدا للذات كما يمكن أن يخيل للبعض ولسنا من أولئك الراغبين بالجلد بقدر ما نحن نصرخ من شدة تألمنا من أوضاع نراها تزداد صعوبة والخوف من القادم يزداد حدة واستحقاقات ما بين أيدينا من معطيات نكاد نراها ماثلة أمامنا، فكيف بنا والحال كذلك أن نقعد مكتوفي الأيدي ومكممي الأفواه ولا نحذر وننصح من بيدهم أدوات صناعة القرار؟؟
سوء الإدارة مع توفر الرغبة في التغول لدى زمرة مارقة دُست بمواقع إتخاذ القرار حازت على الثقة المطلقة، وشعب كان مغيبا عن القرارات المصيرية، وعقلية إستهتارية مستخفة لا تحسب للعواقب حسابا، كلها أسباب أدت بنا للإرتهان للغير والسعي وراء الحلول الآنية المؤقتة واللجوء للغموض والتضليل والتدليس وتضارب الروايات وتناقض التصريحات مما يجعل الحليم حيرانا في الكثير من الأحيان.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن. والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com