أليس الإنسان هو أغلى ما نملك ؟!!!
أليس الإنسان هو أغلى ما نملك ؟!!!
بقلم / سميح علوان الطويفح
نستغرب ويستغرب البعض الطريقة والكيفية التي تمت بها مجريات قضية إبن الوطن البار وشهيد الواجب الشرطي السياحي “إبراهيم الجراح” رحمه الله والذي قضى نحبه حيث وجد واقف في المياه الكبريتية وكأنه يقول لمن قتلوه “سابقى صامداً كالجبل منتصباً كالعلم رافعاً رأسي واقفاً صلباً كالصخر ، مرتدياً لباس البطولة والرجولة رغم غدركم وقتلكم لي أيها الشرذمة الملاعين حتى وبخروج روحي الطاهرة لبارئها فإني حي أرزق عند ربي ، وأن هناك من أبناء وطني الأوفياء والذين سيقتصون لي منكم حتى ولو أخفيتم الحقيقة ، وشتى محاولاتكم بدفن دلائلها ، فإن خذلني أبناء وطني وجلدتي ولأمر ما كان فوق طاقتهم مع عدم شكِ بذلك بهم ! فإن الله تعالى لن يخذلني وهو الوحيد الذي سيقتص لي وسيعاقب كل من كان له يد في إغراقي وإزهاق روحي ” .
أما بالنسبة للبعض والذي يعتقد أن وفاة “الجراح” تُعزى لظروف غامضة مبهمة وغير واضحة المعالم فإنهم مخطئون ، بل وغير مدركون عاقبة تحليلهم الخطأ وما سيسببه من تناقضات ونتائج وخيمة حيث أن الغريب في الأمر إنه أُتهم بالسباحة وهو لم يمارسها يوماً ! وهل يمارس الجندي الأمني مرتدياً زيه العسكري ضارباً بعرض الحائط واجبه الرسمي والمعروف عنه إلتزامه الكامل بالنظام وتقيده بواجباته الوظيفية ، ولا يسقط أبداً ومهما كانت الظروف سلاحه وهويته لأيٍ كان من كان وبالأخص في واجبه الرسمي بالإضافة إلى مراعاته للواجبات الحساسة منها ليلهو في السباحة واللامبالاة لمهمته التي وجد من أجلها والتخلي عن سلاحه وهويته !، فمعاذ الله أن يكون كذلك هو أو أي فرد من أفراد أمننا العام النشامى ، والحريصين كل الحرص على واجباتهم ومسؤولياتهم المنوطة بهم أثناء آداء وظائفهم الرسمية ، وحيث أن الرقيب الأمني في الشرطة السياحية وجد غريقاً في المياه الكبريتية ولساعات طويلة والذي كان مرافقاً للوفد السياحي الإسرائيلي لمنطقة مياه الزارة دون أن يكون هناك أي شبهة بمن كان يرافقهم ويلازمهم رحلتهم مؤمناً الحماية لأرواحهم وموفراً الطمأنينة لهم ليستمتعوا برحلتهم التي جاؤوا من أجلها وليستفردوا بالبحث عن هدفهم الذي لا يعلمه إلا الله وحده ثم هؤلاء اللقطاء الحثالة من المرتزقة الصهاينة الملاعين والذين تم إستجوابهم وأخذ شهاداتهم بملابسات هذه القضية وإثباتهم من خلال أخذ أقوالهم – كما نعرف عنهم ويعرف الجميع – بالغبن والحنكة والغدر والخبث بأنهم لا علاقة لهم بإختفاء “الجراح” الذي وكِّل بمهمة تأمين الأمن والراحة والسلام لهم في الزيارة السيئة الذكر والتي نتمنى أن لا تتكرر ، وما لازمها من مجريات إعتقادية ذكية بالنسبة لهم أدت إلى تمكينهم من العودة بالسرعة القصوى إلى حيث جاؤوا وقد قاموا بمهمتهم على خير وجه .
ودعونا للحظة في أن نتصور هذا الموقف الذي عجزنا من إستنباط الأدلة والبراهين والبينات والإثباتات الحقيقية في إدانة القاتل الأصلي والمجرم الفعلي لفقيدنا الغالي المغدور ، والذي أدمع أعيننا وأحزن قلوبنا وقطع أنفاسنا لفقداننا أحد أبنائنا الأحباء الأبرار ، وأحد شبابنا المتعلم المثقف ، وأحد رجال أمننا الوفي المخلص الذي يواصل الليل بالنهار من أجل أمن وسلام وإستقرار الوطن وأبناء شعبه الذين يتنافسون على حب الوطن والقيادة والشعب ، هؤلاء النشامى الغيارى على الوطن والذين نذروا أنفسهم للتضحية من أجله ، وما كان منا أن خذلناهم ، بتقصيرنا في حقهم ، ولم نستطيع عمل شيء يرضي وجه الله ثم يرضيهم ويرضينا أو يقنعنا بالحقيقة ، وبإعتبار “أن الإنسان أغلى ما نملك” كما قالها الراحل الكبير “الملك الحسين بن طلال” طيب الله ثراه وأكدها قائدنا المفدى جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه ، فمن المسؤول المباشر عن هكذا قضية أفقدتنا إنسان غالي جداً لا تقدر قيمته بثمن ! ولماذا هذا التقصير الغير مبرر من محققينا ؟ وما الغاية من السرعة في التحقيق وعدم التأني للوصول لحقيقة هذا الجرم الشائن ؟ وما هي المشكلة في بقاء الزائرين الإسرائيليين يمكثون مدة كافية من الوقت كون القضية تدور حولهم وملاصقة لهم تماماً بلا أدنى شك تكفي للتحقيق معهم بروية وتريث ، إذ لا غبار في بقاء كامل المجموعة تحت المجهر ليتماشى مسار التحقيق ضمن القنوات القانونية المطلوبة لمثل هكذا قضية وليأخذ التحقيق والإستجواب مراحله الكاملة دون إستثناء أي أمر قد يستجد لاحقاً ويكون ذو أهمية ضرورية في إدانة بعض منهم ، فلماذا هي صفة الإستعجال إذن في هذه القضية والتي تعد قضية وطن أولاً وآخراً؟! ، طالما تجعلنا نشك بعدم إهتمام القائمين والمعنيين في كشف الحقائق والملابسات المتعلقة فيها . فتصوروا معي لو حصل ما حصل لأحد أفرادهم الشواذ ! أو أحد مواطنيهم اللقطاء ، فيا لفضاعة ما سيحصل لسواحنا من الأردنيين أو من الإخوة العرب والمسلمين لديهم من تحقيق وإعتقال وسجن وتعذيب ! ويا لشدة مأساة ذويهم ولوعة أقربائهم وما سيحاكمون ويعاقبون على فعلتهم حتى وإن أتهموا زوراً على أنهم كانوا السبب في غرق أو موت أحدهم ، ناهيك عن المدة الكافية التي سيمكثون فيها من التريث والتروي حتى يأخذ التحقيق والإستجواب وقته الكافي ومساره الطويل . ناهيك عن أن إهتمامهم بلقطائهم وشواذهم يتعدى الواقع والخيال ، ولعل الأسير الشاذ شاليط والذي قايضوه بالكم الكبير من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين لهو أكبر دليل على ذلك . فلماذا الإستهتار بقيمة الإنسان الأردني وأليس هو أغلى ما نملك في وطننا الأردن الحبيب ؟!!! .
فكل ما أستطيع قوله كمواطن هو الدعاء للشهيد البطل “إبراهيم الجراح” سائلاً المولى عز وجل أن يرحمه ويغفر له ويدخله بواسع جناته مع الصالحين الأبرار ، كما وأسأله تعالى أيضاً بأن يلهم ذويه وأهله وأقرباءه وأحبابه وأصدقاءه وزملاءه وشعبنا الطيب جميل الصبر والسلوان ، وحسبي الله ونعم الوكيل ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .