عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

إصدار رواية (شمطؤوت – النرجسية وضحاياها) للكاتب خالد الجراد عن دار يافا العلمية

 

 

وكالة الناس – صدرت هذه الرواية مؤخراً عن دار يافا العلمية في 312 صفحة، وفي هذا العمل المركّب، لا يكتفي المؤلِّف بِسرد سيرة عمره المُمتدّة لِواحدٍ وستين عاماً، بل يُعيد تأليف ذاته ومأساته الشخصية في قالب سرديّ تحليليّ هجينيّ، يجمع بين الاعتراف والابتكار، والتشخيص النفسي، والتأمّل العلمي، في رواية تتخفّى خلف قناع الأدب، بينما تصوغ خطاباً معرفياً وإنسانياً فريداً.

تتمحور الرواية حول علاقة حبّ وزواج لم تدم إلا أربعين يوماً، لكنها خلّفت جُرحاً عميقاً في الذات، كشف مع مرور الزمن عن منظومة تدميرية؛ يمكن أن تُعرّف في الطبّ النفسي باسم “النرجسيّة وضحاياها”. ومِن هنا، يبتكر المؤلِّف مصطلحات وفرضيات علمية جديدة يُعرّف بها الحالة النفسية الناتجة عن هذه العلاقة وما يُشابهها، يُسمي أولها “اللَّـمــــــذَذَة”، ويقصد به “مُتلازمة جهالة “لماذا” حدث ما حدث”، ثم ““مُتلازمة شمطــــــؤوت” التي تُعبّر عن التلذّذ بِالاستبعاد والخذلان بين السادية والمازوخية”، كتشوّه وجدانيّ عاطفيّ عميق ينشأ من صدمة نرجسيّة مبكّرة.

وفي سياق هذا الانكشاف النفسي المؤلم، تتجلّى حادثة مفصلية تمثّل جوهر الصراع الإنساني في الرواية؛ إذ يظنّ أنّ الغَير يُفَضَّل عليه بِسبب العنصرية القومية والمذهبية، لِيكتشف لاحقاً أنّ السبب الحقيقي هو نرجسيّة الأنثى، التي اختطفت الحمل لِتستفرد بِالمولودة لِنفسها وتنسبها إلى غير أبيها. لكنّ الحقيقة تنكشف له عبر الإلهام والرؤية المنامية التي ورد فيها اسم الرسول الأكرم -ﷺ-؛ وذلك بعد 27 سنة من الخديعة. ومن هنا يبدأ الصراع المباشر، ويمتدّ إلى أروقة المحاكم، ويشترك فيه الزوج الثاني (ابن بلدها) المخدوع، الذي طلّقها بِالثلاث بعد المدة ذاتها. وحين تبيّنت له الحقيقة، بدأ بِدوره رحلة علاج ذاتيّ من أثر الصدمة، وتفكيك اللمذذَة المرضية، ضمن سلسلة من التوافقات والتزامنات التي ترتقي إلى مستوى المعجزات القدرية.

يخوض المؤلِّف هذه التجربة لا بِصفته راوياً فقط، بل كـ”ضحية مختصّ”، مُستنداً إلى خلفيته الأكاديمية في الطبّ الطبيعي والعلاج النوراني (المعروف بِالروحاني)، ويُخضع تجربته لِتحليل منهجي يتجاوز البُعد الشخصي، لِيؤسّس لِمفهوم نفسي جديد يناقش التفسيرات التقليدية للنرجسيّة، ويقترح بديلاً مفاهيمياً وعلاجياً يستحق النظر العلمي الجادّ.

❞شمطؤوت❝ ليست فقط كتاباً عن النفس المجروحة، بل هي أيضاً مشروع رؤيويّ شامل، يتّسع لِيشمل الجغرافيا والمستقبل السياسي والبيئي للمنطقة. إذ تضمّن العمل مشروعاً مائياً ابتكارياً يصفه المؤلِّف كحلّ بُنيوي لِمعضلة شُحّ المياه والطاقة في بلاد الشام، يقوم على شق قناة مائية ذاتيّة التدفّق تبدأ من خليج العقبة إلى الشمال، وتعتمد في استدامتها الأبدية على قوانين الطبيعة مثل الجاذبية والمدّ والجزر، دون أي طاقة تشغيلية آلية.

هذا المشروع الهيدرولوجي الطموح يمكن أن يُنتج طاقة كهربائية تُقدَّر بـ876 تيراواط-ساعة سنوياً، تكفي لاستهلاك مائة مليون نسمة منزلياً وصناعياً، الذي هو أكثر من حاجة المنطقة بِضِعف ونصف. ويشمل إنشاء محطات طبيعية لِتحلية المياه، وشبكة ريّ سطحي مفتوح للزراعة، ومرافق استزراع سمكي ضخمة غرب القناة المقترحة، مع إمكانية تغذية نهر الأردن بِالفوائض العذبة للتخزين والاستخدام.

ولا يقتصر أثر المشروع على الموارد؛ بل يُعدّ حاجزاً جيواستراتيجياً طبيعياً، يُقلّل الحاجة إلى الانتشار العسكري الاحتياطي وتكاليفه، ويُسهم في منع الحروب المستقبلية حول المياه، بما يحقق نوعاً من “السلام المائي المُستدام”، ويُحوّل الصراعات إلى مشاريع تكامل إقليمي بنّاء.

بين الذاتيّ والكونيّ، بين الجرح الشخصي والمقترح الإقليمي، تشتبك ❞شمطؤوت❝ مع العالم بِلُغة خاصة تبدأ من الابتكار اللُغوي نفسه: فاسم الرواية “شمطؤوت” مصطلح مستحدث من تأليف المؤلِّف، يدمج بين “الشمطاء” و”وت” (صيغة التكثير)، لِتكون “الشمطاء بِلا حدود”، رمزاً لامرأة تجسّد النرجسيّة المطلقة والاستغلال القهري. الاسم محمّل بِرمزية حضارية، مستمدّ من “عشتروت” الفينيقية وصفاتها، و”العنكبوت” كرمز للأنثى القاتلة وسلوكيات الغدر والإخضاع النفسي، وهو بِذلك ليس مجرد تسمية، بل أداة تحليل وكشف وإدانة.

تتحوّل الرواية تدريجياً إلى وثيقة مُركبّة: تجمع بين السيرة الذاتية، والتحليل النفسي، والعلاج الطاقيّ، والمشروعات الاقتصادية، والنقد المجتمعي، والبحث العلمي. وقد تضمّنت ابتكاراً علاجياً جديداً يتمثل في تركيبة “زيت مشحون بِالطاقة الحيوية”، تُستخدم لِعلاج أمراض جسدية ونفسية متنوعة، ضمن مشروع علمي موسوعيّ قيد الإعداد بِعنوان: “طبّ الطاقة الحيوية والماورائيّات الكُـمّومية”؛ وهو مشروع يدمج بين مُعطيات الفيزياء الكُمُومية، والنفس الإنسانية، والدلالات والاستنباطات القرآنية.

❞شمطؤوت❝ ليست رواية فقط، ولا سيرة ذاتية فقط، ولا أطروحة علمية فقط، بل هي كل ذلك معاً. تُقرأ كوثيقة حياتية وفكرية تمتد من الخاص إلى العام، من تجربة الفرد إلى مآسي المجتمعات، ومن الخذلان العاطفي إلى الخلاص الإقليمي. كتاب يضرب على أوتار الجرح والأنين، لكنه يقترح معزوفة أمل.

وإذا كانت الحكايات تُنسى، فإنّ الكلمات الجديدة تبقى، ولعلّ “شمطؤوت” تدخل الذاكرة الثقافية بِوصفها أول رواية تبتكر مصطلحيْن نفسيّيْن قابليْن للتحوّل إلى مفاهيم علمية عالمية: اللـمذَذَة وشمطؤوت نفسها، وتُعيد تشكيل العلاقة بين الألم والوعي، بين الظلم والمعرفة، وبين الرواية والعِلم.