إطلاق خريطة فلسطين التاريخية الرقمية بمؤتمر في الناصرة
وكالة الناس – أطلق المركز العربي للتخطيط البديل في أراضي 48 «خريطة فلسطين التاريخية الرقمية» في مؤتمره التاسع عشر في الناصرة أمس معللا ذلك بالتأكيد على أن حماية أوقافنا وقرانا المهجرة تحتاج إلى عمل منهجي ورؤية واثقة لتثبيت واسترداد حقوقنا الأساسية. وتحمل خريطة فلسطين التاريخية الرقمية» إحداثيات وحدود البلدات والقرى المهجرة وتفاصيلها الكاملة قبل نكبة 1948 واستنادا إلى المسح الانتدابي للعام 1942 وهي عبارة عن توثيق الكتروني رقمي.
وأكد سامر سويد مدير المركز أن هذا المؤتمر يأتي للمساهمة في حفظ وتوثيق التفاصيل المنسية للقرى والمدن المهجرة والأراضي التاريخية لبلداتنا الباقية، وللمساهمة في تشجيع الروابط الإنسانية بين أبناء شعبنا في مختلف أماكن تواجدهم.
وشكر سويد مؤسسة «هيكس ايبير» السويسرية على دعمها للمشروع، وتعاونها المتواصل مع المركز، وقدم تحيات التقدير لمدير المؤسسة في البلاد حكم عوض، ومديرة المشاريع ناديا حرحش، والمديرة السابقة رلى حمدان عثامنة على دورهم وتعاونهم، وأشاد المحامي مضر يونس رئيس مجلس عارة عرعرة المحلي ورئيس لجنة رؤساء السلطات المحلية العربية في البلاد بهذا العمل المميز للمركز العربي للتخطيط البديل، لافتا إلى أنه يشمل الحدود التاريخية لكل البلدات العربية مما يتيح للسلطات المحلية العربية في أراضي 48 تعزيز مواقفها ومطالبها بتوسيع مناطق نفوذها وفي تطوير وتحسين التخطيط المستقبلي لها.
من جانبه أكد محمد كيال، رئيس إدارة جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين، التعاون والشراكة مع المركز العربي للتخطيط البديل في عدد من البرامج والمشاريع، وأهمية هذا العمل في إظهار أمور مخفية عن العيون. وقال كيال ابن قرية البروة المدمرة إن إعادة خطوط الأحواض والقسائم في القرى المهجرة هو أمر في بالغ الأهمية، مؤكدًا على أهمية هذا العمل بالنسبة لأبناء شعبنا المهجرين. وتحدث عن تقاطع هذا المشروع مع مشروع «عدنا» الذي رعته الجمعية وأهميته للأجيال الشابة.
وتحدث طارق شبايطة، عضو إدارة المركز العربي للتخطيط البديل، حول أهمية الحفاظ على الأرض، وتحدث عن سياسة سلب الأراضي التي تواجهها الجماهير العربية، وأهمية العمل الذي يقوم به المركز.
صيانة الحقوق
في الجلسة الأولى بعنوان «الخارطة الرقمية للقرى المهجرة» التيأادارها شادي خليلية مدير المشاريع والإعلام في المركز، تحدث حول العمل المتواصل على مدار سنوات لتجميع خرائط القرى المهجرة، والعديد من المناطق، ومساهمة المركز في تجديد وتعزيز الذاكرة الجماعية بوسائل عصرية رقمية.
وجرى التشديد على أهمية الحفاظ على الوعي والذاكرة، وموازنة الحوار بين التطور المستقبلي والثوابت في الحفاظ على حقوقنا الأساسية، مؤكدًا أنه منذ بدايات المركز كان هناك اهتمام بقضايا المهجرين، وتم إجراء عدد من الدراسات المتعلقة بالقرى والبلدات المهجرة، منوها بالتعاون مع جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين بهذا الصدد، وتابع «رغم سخط المجتمع على الوسائل الالكترونية والرقمية إلا أننا في المركز نجحنا في ترويض هذه الوسائل بشكل ناجح وإيجابي جدًا، وقال سويد للمشاركين في المؤتمر: «أنتم خير رسل لقضايانا وتثبيت حقوقنا، أنتم القابضون على الجمر في هذا الوطن».
وقدمت مخططة المدن هبة بواردي من المركز العربي للتخطيط البديل عرضًا مسهبًا حول تفاصيل خريطة فلسطين التاريخية الرقمية، والعمل على إعدادها من قبل طواقم المركز، وشرحت تفاصيلها وميزاتها، والمعلومات التي توفرها، وصعوبة العمل وتدقيق تحديد المواقع، والإضافات الجديدة التي تضعها هذه الخارطة أمام المستخدمين من أحواض وقسائم قديمة لمجموعة من القرى المهجرة، وتفاصيل عامة عن جميع البلدات.
مواجهة التهويد
وأشاد النائب يوسف جبارين بهذا المشروع الوطني وبارك جهود المركز والمؤسسات الشريكة في إعداد المؤتمر وقال إن هذا المشروع يأتي في توقيت حرج في ظل مشاريع تصفية الرواية الفلسطينية، وفي ظل تعزيز دولة إسرائيل للمشاريع التهويدية، وتطرق إلى زيارة مقبرة قرية صبارين في منطقة الروحة التي تتعرض للانتهاكات والتجريف، بمرافقة البروفيسور مصطفى كبها ومجموعة من أبناء المنطقة.
وتطرق إلى أهمية حماية تفاصيل القضية الفلسطينية من الشرعية الدولية، وأهمية التنبه إلى الجانب القانوني مما يتم تنفيذه على أرض الواقع، وسلب هذه الحقوق، كحق لم الشمل، وقانون المواطنة الذي تصر حكومات إسرائيل على اعتماده، وتطرق جبارين إلى أهمية الحقوق الجماعية وفي صلبها قضية عودة المهجرين والأوقاف المسيحية والإسلامية، هذا المشروع يأتي ليصب في صلب خطابنا الحقوقي السياسي ويمنحه المزيد من القوة.
وفي المؤتمر أكد رئيس لجنة المتابعة العليا داخل أراضي 48 محمد بركة، إن حق العودة الفلسطيني، للمهجرين خارج وداخل الوطن، يجب أن لا يكون مرهونا بهواجس الحركة الصهيونية الديموغرافية والجغرافية، مشددا على أنه حق قائم على العدل الطبيعي وقرارات الشرعية الدولية التي أقرته، مشيرا إلى أن محاولة البعض الأخذ بهذه الهواجس ليزجها في الحسابات والمواقف فيها «تخاذل وتهادن وانتهازية».
وحيّا بركة مشروع مركز التخطيط العربي البديل على هذه المبادرة واعتبر أن من أهم القضايا التي نواجها قضية الأرض والمسكن». وقال إن في هذا المؤتمر نقلة نوعية استثنائية، بتكريس الجهد لقضية القرى المهجرة داخل أراضي 48 ورصدها.
وأوضح أن مشروع الأرشفة الرقمي لخريطة فلسطين، مع القرى المهجرة هو ليس مشروعا توصيفيا، ليقول إن هذه حدود لوبية وهذه حدود سيرين أو حطين وغيرها بل هذا شكل من أشكال إعادة صياغة المجتمع المحلي في كل قرية ومدينة، حول المساحة والجغرافيا بمعنى إعادة صياغة الديمغرافيا المحلية في فلسطين التاريخية.
وشدد على أن هذا شكل من أشكال حفظ الذاكرة، وهو ليس مشروعا ماضويا مع كل أهمية ذلك، بل هو مشروع مستقبلي، بمعنى أن هذه الأرض، وهذا المكان، وهذه الحدود لها ناسها وشعبها، يحمل حنينا ورغبة، ويحمل حقا في العودة إليه.
وأضاف أن هناك من يريد أن يتعامل مع قضية اللاجئين والقرى المهجرة، وكأنها أمر بات منسيا، وبات خارج التداول وخارج الحق في التطبيق، لافتا إلى أن مرد هذا الاعتقاد السائد، المقولة الصهيونية التي تقول: «لا يمكن أن نُغرق البلاد بالفلسطينيين، الأمر الذي سيغير الطابع الديمغرافي في البلاد في صالح أغلبية عربية، وضعضعة الأغلبية اليهودية».
وتابع بركة، وهو نفسه مهجر من بلدة صفورية قضاء الناصرة، إن السؤال الذي يجب أن نسأله لأنفسنا: هل هواجس الصهيونية الديموغرافية والجغرافية، باتت جزءا من أولوياتنا؟ أو باتت تشكل موضوعا أساسيا في أحقيتنا كفلسطينيين، وكأهالي للقرى المهجرة وكلاجئين على أرضنا وعلى بيتنا وعلى تاريخنا؟ وتابع « أقول إن هذا أمر ليس معقولا، فالبراغماتية السياسية مفيدة أحيانا، ولكن إن فاضت، فهي تتحول إما إلى تهادن، وإما إلى تخاذل، وإما إلى انتهازية.
حق أهالي صفورية وميعار والحدثة، و530 قرية في أراضيهم وبيتهم وتاريخهم، هو حق غير مرهون لهواجس الحركة الصهيونية كونه حقا يجب أن يكون ثابتا»، موضحا أن الحديث يجري عن 800 ألف فلسطيني تم تهجيرهم يشكلون اليوم نحو 8 ملايين فلسطيني، وأضاف: أنا لا أتردد بالقول إن حقهم ليس خاضعا لأي نقاش، وهذا بفعل قوانين العدل الطبيعي، وهذا بفعل الشرعية الدولية.
وحتى بعد فشلت أن المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، وما آلت إليه بعد أوسلو من تدهور، لم يتم شطب قضية اللاجئين، بل يتم شطبها الآن على أرض الواقع»، وحذر بركة من أن قضية اللاجئين تتعرض اليوم لاغتيال، كما هي قضية القدس تتعرض لاغتيال من أمرسكا وإسرائيل، ضمن « صفقة القرن « وكما أن الاستيطان بات ليس متعارضا مع القانون الدولي، وفق تصريحات وزير الخارجية الأمريكي بومبيو. وتابع «الآن نشاهد ما يجري في مخيمات اللاجئين فكل أزمة في أي مكان في الشرق الأوسط، لها إسقاطاتها على واقع الشعب الفلسطيني فأزمة سوريا دمرت مخيم اليرموك الذي لم يعد فيه سوى عدد قليل من اللاجئين فهؤلاء يتعرضون للجوء مرتين وثلاثة وأربعة، وقبلها أزمة لبنان دمرت مخيم النهر البارد، ورأينا قوافل اللاجئين الفلسطينيين في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، الذي كان يساند الفلسطينيين، وملاحقتهم من النظام الجديد الذي يعاديهم، كذلك الأمر في ليبيا».
سبل العمل
وكانت الجلسة الثانية بعنوان: الأوقاف العربية: التوثيق والمرافعة وسبل العمل، أدارتها د.عناية بنا جريس المديرة المهنية في المركز العربي للتخطيط البديل، وتحدثت حول الربط بين الخارطة الرقمية وأهمية التوثيق، للتعرف على حدود بلداتنا العربية، التي لولا سياسة سلخ أراضيها لكان حيز وواقع الحياة فيها مختلف تمامًا عما هو عليه اليوم، وأكدت على أهمية مواصلة مسح وتوثيق تفاصيل الأوقاف المسيحية والإسلامية، واستخدام التوثيق كآلية عمل لتطوير نضالنا وعملنا لاسترداد وتحصيل حقوقنا».
وتحدث د. محمود مصالحة رئيس المجلس الإسلامي، عن تاريخ الأوقاف، وتسلسل في تفاصيل السيطرة الحكومية على الأوقاف الإسلامية، بعد النكبة، ونقل الصلاحيات إلى الحكومة الإسرائيلية بنقلها إلى الوصي على أملاك الغائبين. ودعا أعضاء الكنيست إلى العمل على إلغاء صفقات بيع الأوقاف الإسلامية التي تمت مع لجان الأمناء الأوقاف، وذكر القرار الذي أصدره القاضي هاشم سواعد الذي ينص على إلغاء إحدى هذه الصفقات، وإرجاع هذه الأملاك لأصحابها أي وقفها لصالح المسلمين.
وتحدثت سلوى سالم قبطي، عن الالتماس الذي قدمته للمحكمة العليا لزيارة ضريح والدها الشهيد في مقبرة قرية معلول المهجرة القائم على أنقاضها معسكر للجيش، وسردت قصتها ومعاناتها الطويلة للحصول على هذا الحق الإنساني، خصوصًا وأنها عاشت طيلة 70 عاما مع هذا الشغف لزيارة ضريح والدها فارس، الذي تركها يتيمة، وقت النكبة، وقد ولدت يتيمة ولم تحظ برؤيته، فعاشت على ذكراه تجمع التفاصيل عن سيرته، وتناضل من أجل حقها في زيارة قبره.