من هو كوشيب الذي أدانته محكمة الجنايات الدولية؟
وكالة الناس – علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف بـ”عبد الرحمن كوشيب”، هو أحد أربعة سودانيين اتّهمتهم المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية في إقليم دارفور غربي السودان.
وهؤلاء هم الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، ووزير دفاعه عبد الرحيم محمد حسين، ووزير الداخلية أحمد محمد هارون، بالإضافة إلى أبو قردة، وهو قائد ميداني في فصيل مسلح كان يقاتل ضد الحكومة السودانية في الإقليم.
“قادة الجنجويد”
لكن كوشيب هو الوحيد من بينهم الذي سلّم نفسه طوعًا للمحكمة في عام 2020، والتي أدانته لاحقًا بتهم متعددة. فمن هو عبد الرحمن كوشيب؟
وُلد كوشيب، الذي يعد أحد زعماء القبائل العربية في دارفور، في عام 1957 – تقريبا- في منطقة وادي صالح بغرب دارفور.
لكنه نشأ واستقر في مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، وتحديدًا في منطقة تُعرف باسم “الخرطوم بالليل”.
انخرط في العمل العسكري، والتحق بقوات شرطة الاحتياطي المركزي، والتي تُعرف شعبيًا بـ”أبو طيرة”، وهي القوة التي استخدمها نظام الرئيس المعزول لمواجهة الحركات المتمردة في إقليم دارفور، بعد أن تم تدريبها وتسليحها بأسلحة ثقيلة على غرار الجيوش النظامية.
ارتبط اسم كوشيب بتشكيل عدد من المليشيات من القبائل العربية، التي عُرفت على نطاق واسع باسم “الجنجويد”، ومن أبرز هذه القبائل: الرزيقات، والمسيرية، والتعايشة.
وقام بتسليح هذه المليشيات ودفعها إلى القتال ضد القوات المتمردة، التي كان أغلب قادتها وجنودها ينتمون إلى قبائل ذات أصول أفريقية، مثل الزغاوة، والفور، والمساليت.
قاد كوشيب عددًا من الحملات في منطقة وادي صالح بغرب دارفور، بعد أن تم تعيينه رسميًا لقيادة العمليات العسكرية هناك، من قبل وزير الداخلية آنذاك، أحمد هارون، وذلك بحسب مصادر عسكرية تحدثت إلى بي بي سي.
وفي أبريل/نيسان من عام 2013، شنّ هجومًا واسعًا بمشاركة قوة من جهاز المخابرات والقوات الخاصة، على منطقة رهيد البردي في جنوب دارفور.
وأسفر الهجوم عن مقتل مئات المدنيين، وتعرّض عدد من النساء لعمليات اغتصاب وعنف جنسي، إضافة إلى حرق المنازل، ونهب المواشي والمحاصيل الزراعية، بحسب تقارير وثّقتها منظمات حقوقية.
كما انضم كوشيب إلى قوات “الدفاع الشعبي” وهي قوات شبه عسكرية أنشأتها حكومة البشير أيضًا لمواجهة التمرد المسلح.
“جرائم ضد الحرب وضد الإنسانية”
وفي 27 أبريل من عام 2007، أصدرت الدائرة الابتدائية في المحكمة الجنائية الدولية أمر قبض بحق كوشيب، بعد أن وُجهت إليه لائحة اتهام تضمنت 50 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وظل كوشيب مختفيًا عن الأنظار لفترة طويلة بعد صدور أمر الاعتقال، لكنه فاجأ الجميع بعد سنوات، وتحديدًا بعد سقوط نظام البشير في عام 2019، عندما سلّم نفسه طواعية إلى المحكمة في عام 2020
تمت عملية تسليمه بطريقة درامية؛ إذ وصل أولًا إلى جمهورية أفريقيا الوسطى، التي تقع على الحدود مع ولاية غرب دارفور، عبر الطريق البري، قبل أن تنقله مروحية تابعة للأمم المتحدة من الحدود إلى العاصمة بانغي، ومن هناك تم ترحيله إلى لاهاي في هولندا، حيث مقر المحكمة الجنائية الدولية.
وفي ذلك الوقت، أفادت وسائل إعلام سودانية بأن كوشيب سلّم نفسه بعد أن وردته معلومات عن نية حكومة البشير تسليمه للمحكمة، وهي تقارير لم تُؤكد من مصادر مستقلة.
وعند مثوله أمام القضاة، وجّهت إليه المحكمة 31 تهمة تتعلق بجرائم الحرب والإبادة الجماعية في إقليم دارفور، ارتُكبت بين أغسطس/آب 2003 وأبريل/نيسان 2004، بحسب لائحة الاتهام.
وبعد مرور أربع سنوات على تسليم نفسه، وأثناء استمرار المحاكمة، فاجأ كوشيب قضاة المحكمة بتصريح غير متوقع، وقال: “أنتم تحاكمون الشخص الخطأ… أنا لست عبد الرحمن كوشيب، ولا أعرف شخصًا بهذا الاسم. سلّمت نفسي للمحكمة في عام 2020 لتبرئة نفسي من التهم”.