0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

الانفتاح السوري على العالم لا يكتمل دون تعاون استراتيجي مع روسيا

وكالة الناس – شكل سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر العام الماضي نقطة تحول تاريخية في سوريا، أدخلتها مرحلة انتقالية حافلة بالتحديات والفرص. حيث تسعى البلاد اليوم إلى إعادة بناء الدولة المنهكة بعد سنوات من الحرب الأهلية، وإصلاح علاقاتها الإقليمية والدولية. ومما يميز هذه المرحلة هو الانفتاح الغير مسبوق على العالم، والتعاون الاستراتيجي مع قوى إقليمية ودولية.
بالمقابل، سارعت العديد من الدول إلى إعادة فتح سفاراتها في دمشق، ودعم الحكومة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع. كما زار الشرع عدة عواصم عربية وغربية، بما في ذلك السعودية وتركيا ومصر وفرنسا، في إطار جهود إعادة إدماج سوريا في المحيط الإقليمي والدولي . كما أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رفع العقوبات عن سوريا، مما فتح الباب أمام تدفق الاستثمارات الدولية لدعم إعادة الإعمار، خاصة في قطاعات الطاقة والنقل.
إلا أنه ورغم هذا الانفتاح، تواجه سوريا تحديات كبرى، من أبرزها خلق التوازن بين القوى الإقليمية خاصة في غضون تنافس تركيا وإسرائيل على النفوذ في سوريا، واستمرار الهجمات الإسرائيلية الدورية على الجنوب السوري وقصفها المتواصل على مرافق البلاد. كما أن عملية إعادة الإعمار، تمثل تحدياً لا يقل أهمية، حيث تحتاج سوريا إلى تريليون دولار لإعادة البناء، وهو ما يتطلب تعاوناً دولياً واسعاً.
وقد تحولت العلاقة بين أنقرة ودمشق من دعم تركي سابق للمعارضة السورية إلى شراكة متعددة الأوجه. حيث أبرمت تركيا اتفاقيات مع الحكومة الانتقالية لتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني، بما في ذلك مشاريع إعادة إعمار البنية التحتية وتنسيق الجهود لمكافحة التنظيمات المسلحة مثل “قسد” . كما زاد النفوذ التركي في شمال سوريا عبر دعمها للجيش الوطني، بينما تسعى دمشق إلى تحقيق توازن يحفظ سيادتها مع الاستفادة من الدعم التركي.
روسيا بدورها، ورغم التغيرات المهمة التي حصلت في سوريا، إلا أنها حافظت على وجودها العسكري في قاعدتي حميميم وطرطوس، وظلت لاعباً رئيسياً عبر التفاوض على استثمارات في قطاعات مثل الطاقة والموانئ. حيث كشفت بيانات شحن نقلها مصدر في قطاع النفط وبيانات مجموعة بورصات لندن أن روسيا زادت إمداداتها النفطية من القطب الشمالي إلى سوريا التي تحتاج إلى الخام لتشغيل المصافي.
وبحسب البيانات، تم تحميل ناقلة النفط “ميتزل”، بنحو 140 ألف طن من النفط الروسي في ميناء مورمانسك في القطب الشمالي وتتجه إلى ميناء بانياس السوري، الذي استقبل بالفعل عدة شحنات من هذا النفط، وفقاً لـ”رويترز”. كما أظهرت البيانات ذاتها أن الناقلتين سكينة وأكواتيكا شحنتا نفط من روسيا إلى سوريا في مارس/آذار، وتلتهما الناقلة سابينا في أبريل/نيسان. فيما بلغ إجمالي إمدادات النفط الروسية التي استقبلتها سوريا نحو 350 ألف طن، أي نحو 2.6 مليون برميل، منذ بداية العام.
من جهة أخرى، أعلن الرئيس الانتقالي في سوريا أحمد الشرع مؤخراً أن “الحكومة السورية تتفاوض على صفقات مع كل من تركيا وروسيا للحصول على دعم عسكري مستقبلي من كليهما”. وقال: “تركيا لديها وجود عسكري في سوريا، وروسيا أيضا، ولكن ألغيت كل الاتفاقيات السابقة، ونحن بصدد صياغة اتفاقات جديدة”.
وأضاف أن “أي اتفاقات جديدة يجب أن تضمن استقلال سوريا، واستقرارها الأمني، وألا يشكل وجود أي دولة تهديدا أو خطرا على دول أخرى انطلاقا من الأراضي السورية”، وأكد أن “روسيا عضو دائم في مجلس الأمن، وأسلحتنا بالكامل روسية”، موضحاً أن “هناك اتفاقيات غذاء وطاقة مع روسيا منذ سنوات ويجب أخذ هذه المصالح السورية في الاعتبار”. وتابع “نحن منفتحون على شراء أسلحة إضافية من روسيا ودول أخرى، وإن بضعة أشهر لا تكفي لتأسيس جيش لبلد بحجم سوريا وهذا تحد كبير في حد ذاته وسيستغرق الأمر بعض الوقت”.
وبنظر الخبراء، فإن روسيا تبرز كشريك استراتيجي أساسي في سوريا ما بعد الأسد، فبالإضافة الى كونها مورداً هاماً للطاقة والقمح والسلاح لسوريا، هي قادرة على خلق توازن القوى الآنف ذكره. فقد لعبت موسكو دوراً محورياً في خفض التصعيد خلال السنوات الماضية من خلال التنسيق مع تركيا في تنفيذ اتفاق سوتشي 2019 وتسيير دوريات مشتركة في شمال سوريا، كما ساهمت في الوساطة بين الأطراف السورية عبر تفعيل لجان المصالحة المحلية. واستخدمت روسيا نفوذها الدولي في مجلس الأمن لموازنة النفوذ الغربي والإسرائيلي، مستخدمةً حق النقض لحماية مصالح دمشق.
وعزز الخبراء كلامهم بتصاعد التواصل في الفترة الأخيرة ما بين روسيا وسوريا، وقد عبّر المسؤولون الروس مراراً عن استعداد الدولة الروسية لتعميق التعاون مع سوريا في جميع المجالات المطروحة على الطاولة الثنائية، والتزامهم التام بوحدة سوريا واستقرارها، ناهيك عن الخطوات الفعلية التي اتخذت على الأرض، إضافة الى وصول شحنات من المساعدات الإنسانية للشعب السوري.
وفي السياق، نقلت صحيفة إزفيستيا الروسية نهاية الشهر الماضي، عن مصدر مطلع، قوله إن وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني قد يزور روسيا، وسط توقعات بأن تعزز الزيارة الاتصالات بين موسكو ودمشق. وقال المصدر إن “الجانب السوري يجري النظر في إمكانية إجراء مثل هذه الزيارة”، دون الكشف عن موعد محدد لها.
وسبق لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن أعرب عن ترحيب بلاده برفع العقوبات الأميركية عن سورية. وحينها، أكد لافروف في ختام محادثاته مع نظيره التركي، هاكان فيدان، في موسكو أن الدعوة الروسية للشيباني إلى زيارة روسيا، لا تزال سارية المفعول، قائلاً: “بدعوة طيبة من صديقي هاكان فيدان، التقينا بحضوره وزير الخارجية السوري الشيباني، وقد تلقى دعوة إلى زيارة روسيا”، في إشارة إلى لقاء جمع لافروف مع الشيباني في تركيا.