عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
previous arrow
next arrow

ما تفسير الآية التي وضعها السيّد نصر الله بخلفيّة كلمته وما سِر اللون الأحمر؟

وكالة الناس – على عكس المُتوقّع، أظهر أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله هُدوءًا في كلمته أمس الخميس، حيث جاءت بعد أحداث تفجيرات أجهزة اتصال “البيجر” واللاسلكي، يومي الثلاثاء، والأربعاء، التي تقف خلفها (إسرائيل) وذهب بالأكثر للغموض، وحملت الكلمة “الهادئة” بين ثناياها تهديدات بالرد، والقصاص، لكن لم يُفصح “سيّد المُقاومة” عن شكل الرد، في أدبيّات يبدو أن الحزب دأب على استخدامها في إطالة الرد، وانتظاره العقابي من قبل الكيان.

وأكّد نصر الله في سياق شرحه للرد: “الخبر هو ما سترون وليس ما تسمعون”.

العُنوان العريض لخطاب السيّد نصر الله كان الالتزام الصارم بإسناد جبهة غزة، وعدم التراجع عن دعمها، حتى لو وصل الأمر إلى الحرب الشاملة، حيث اعتقدت إسرائيل أن تفجيرات أجهزة الاتصال الدموية، ستدفع حزب الله للتراجع عن دعم غزة، أو إحداث خلخلة لبنية الحزب، وإدخاله في حالة الصدمة والرعب.

وأشار السيّد نصر الله إلى رسائل وصلت إلى حزبه عبر قنوات رسمية وغير رسمية الثلاثاء تفيد بأن الهدف من تفجيرات أجهزة الاتصالات هو وقف جبهة لبنان عن إسناد قطاع غزة، الذي يواجه حربا إسرائيلية مستمرة أوشكت على دخول عامها الثاني.

ويبدو أن الضربة الإسرائيلية نجحت في ضرب المدنيين، ولم تنجح في اختراق قادة حزب الله، حيث أكد نصر الله أن كبار قادة “حزب الله” لا يحملون طراز أجهزة البيجر التي انفجرت الثلاثاء، وأن بنية المقاومة “لا تزال متماسكة وقوية”.

يرد السيد نصر الله على التشكيك بجدوى فتح الجبهة اللبنانية إسنادًا لغزة، بالقول إنها نجحت في تهجير أهل الشمال، وعدم إعادتهم، وفي رسالة مباشرة إلى الإسرائيليين، وجّه نصر الله كلامه إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الحرب، اع يوآف غالانت، قائلا: “لن تستطيعوا إعادة سكان الشمال مهما فعلتم، وهذا تحدٍ، والطريق الوحيد هو وقف العدوان على غزة والضفة الغربية”.

تيقّنت إسرائيل تمامًا، بأن حزب الله لن يتراجع عن دعم غزة، الإعلام العبري قرأ ذلك، فوفقًا لذلك قال إيتاي بلومنتال مراسل الشؤون العسكرية بقناة “كان 11” الإسرائيلية، فقد اتخذت إسرائيل قرارًا لا رجعة عنه، حيث لا مناص من عملية عسكرية كبرى في الشمال، محذرا من أيام مقبلة متوترة مع حزب الله.

وكان لافتًا بأن السيد نصر الله، لم يحاول التقليل من حجم العملية وتأثيرها الدموي، وذلك من باب الواقعية، ووصف نصر الله التفجيرات، بأنها “غير مسبوقة في تاريخ المقاومة في لبنان، وكذلك غير مسبوقة على مستوى لبنان والصراع مع العدو الصهيوني” .

لكن ومع هذا الإقرار، اعتبر نصر الله بأن ذلك أمرًا طبيعيًّا فـ”هذا هو حال الحرب والصراع، ونحن نعرف أن عدونا لديه تفوّق على المستوى التكنولوجي؛ لأن أمريكا تقف وراءه وكذلك (حلف شمال الأطلسي) الناتو والغرب”.

وفي الشّكل، ظهر السيّد نصر الله مُرتديًا زيّه المُعتاد، وعمامته السوداء، بخلفية حمراء، كُتب عليها الآية الكريمة: “أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ”.

واللون الأحمر يعني بأدبيّات حزب الله، وإيران، التحضير للأخذ بالثأر والانتقام، وقد رُفعت راية حمراء ضخمة، تحمل شعار الحزب، في تشييع القائد العسكري فؤاد شكر الذي اغتالته (إسرائيل) في الضاحية الجنوبية، كما ظهرت الراية الحمراء ضمن تشكيلات الحزب العسكرية.

وفي تفسير الآية التي ظهرت بخلفية السيد نصر الله، قرأ أهل المدينة والبصرة وعاصم: «أذن» بضم الألف والباقون بفتحها؛ أي: أذن الله، «للذين يُقاتَلُون»، قرأ أهل المدينة وابن عامر وحفص: «يقاتلون» بفتح التاء يعني المؤمنين الذين يقاتلهم المشركون، وقرأ الآخرون بكسر التاء؛ يعني: الذين أذن لهم بالجهاد «يقاتلون» المشركين.

وقال المُفسّرون: كان مشركو أهل مكة يؤذون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يزالون محزونين من بين مضروب ومشجوج، ويشكون ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول لهم: ((اصبروا فإني لم أومر بالقتال)) حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل هذه الآية، وهي أول آية أذِنَ الله فيها بالقتال، فنزلت هذه الآية بالمدينة.

ودخلت العربية السعودية بالتعليق على واقعة التفجيرات على لسان سفيرها في بريطانيا الأمير خالد بن بندر في تصريح لشبكة سكاي نيوز قائلًا: “علينا النظر في هذا الأمر (تفجيرات البيجر) مع توافر المعلومات، لا يزال الأمر مبكرا، أنا لا أملك المعلومات للإجابة على سؤال حول ذلك، ولكن إنه عالم غير عادي نعيش فيه”، وردا على سؤال ما إذا كان الأمير قلقًا من الأوضاع في المنطقة، أجاب: “بلا شك، وإذا لم أكن كذلك لكنت ساذجًا، الصراع الذي يتوسع إلى ما بعد المكان الذي يوجد فيه ويتوسّع للمنطقة ويتوسّع للعالم، هذا سيناريو لا يُريد أحدًا رؤيته..”.

وبعد خطاب نصر الله، لا يبدو أن إسرائيل تمتلك استراتيجة واضحة للتعامل مع حزب الله، وكبح تهديداته، فرغم دموية الضربة، لم تستطع إيقاف جبهة إسناده لغزة منذ الثامن من أكتوبر، كما لم تستطع إعادة سكان الشمال لمُستوطناتهم، ولا تزال تُلوّح بحربٍ بريّة لا يبدو أن حزب الله يخشى منها، بل يتمنّاها كما أشار السيد نصر الله في خطابه قائلاً مُهدّدًا الإسرائيليين: “إذا أقمتم حزامًا أمنيًّا داخل الأراضي اللبنانية فسيتحوّل هذا الحزام إلى كمين وجهنم بالنسبة لكم”.

وفي هذا السياق تقول صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية إن إسرائيل -رغم امتلاكها قوة تكنولوجية فائقة- تجد صعوبة في استثمارها سياسيا لتحديد أهداف طويلة الأجل، واعتبرت الصحيفة ما سمته التباين بين القدرة على استهداف حزب الله وغياب إستراتيجية واضحة للتعامل مع تهديده أحدث مثال على الهشاشة في قلب الحكم الإسرائيلي، مضيفة: “إسرائيل تبدو قوية من الناحية التكنولوجية لكنها تخسر استراتيجيًّا.

الإعلام العبري ذاته نظر لتلك العملية بعين الفشل، فوصفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية استهداف حزب الله في شبكة اتصالاته بالخطوة العبقرية لكنها أيضا فاشلة، مشيرة إلى أن إسرائيل لن تستفيد من لحظة خُطط لها طوال سنوات.

كما تساءلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية ما إذا كانت تفجيرات البيجر ضد حزب الله ستترك أثرا دائما، مضيفة أن الأخير يقول إنه لن يوقف هجماته حتى تنتهي الحرب على غزة، في حين أنه من غير المرجح أن تأتي الجهود الأميركية للتهدئة بنتائج في وقتٍ قريب.

ورغم دمويّة المشهد الذي سعت إليه إسرائيل، وفشلها على الصّعيد السياسي والعسكري في توجيه ضربة ملموسة لحزب الله عدا سُقوط الشهداء، أنتجت إسرائيل مشهد تكاتف وتعاضد ملموس بين اللبنانيين لم يكن في حسبانها، رغم الخلافات السياسية، ومُسارعة الجميع لمُساعدة الجميع بالتبرع بالدم، ونقل الجرحى، ووصف الجميع للتفجيرات بالعدوان الإسرائيلي، الأمر الذي تنبّه له السيد نصر الله قائلاً: “نتمنى أن نحافظ على هذه الإيجابية لدى الشعب اللبناني بعيداً عن التافهين الذين يريدون تشويه هذا المشهد الإنساني”.

وكالة الناس – راي اليوم