0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

وفاته حركت عشرات الآلاف في سوريا وتركيا.. من هو الشيخ السوري عبيد الله القادري؟

توفي شيخ الطريقة القادرية الصوفية الشهير عبيد الله القادري في مدينة عامودا بريف الحسكة، يوم الإثنين الماضي، عن عمر ناهز الـ 80 عاماً، وأقيمت له جنازة ضخمة وصلاة غائب في عدة أماكن من قبل أتباعه ومريديه في سوريا وتركيا ولبنان والعراق.

ويعد عبيد الله القادري من أبرز شيوخ الصوفية في سوريا، ولم يكن له موقف واضح من الثورة السورية، ولا من النظام السوري.

ولكن رئيس النظام بشار الأسد استغل وفاته، وأرسل محافظ الحسكة لؤي صيوح لتقديم واجب العزاء الذي أقيم في عامودا الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.

ونعت العديد من الجماعات الصوفية في سوريا والعالم الإسلامي الشيخ عبيد الله القادري، بعد أن تعرض لوعكة صحية ألمت به خلال الشهر الماضي ونقل إلى أحد المستشفيات، إلا أن حالته الصحية لم تسعفه للبقاء على قيد الحياة.

من هو عبيد الله القادري؟

ولد عبيد الله القادري في مدينة عامودا شمالي محافظة الحسكة، عام 1944، وقد نشأ وترعرع وعاش حياته في عامودا.

وهو من عائلة كبيرة ولها حضورها في عموم شمال شرقي سوريا، وتعد ممثلة لواحدة من أشهر الطرق الصوفية في العالم؛ الطريقة القادرية التي لها ملايين الأتباع في سوريا والعراق وتركيا ولبنان وباكستان ودول أخرى.

والده الشيخ أحمد الأخضر القادري كان شيخ الطريقة القادرية وورثها بعد وفاته أخوه الأكبر الشيخ سيد محمد القادري، ثم وصلت قيادة الطريقة إلى الشيخ عبيد الله في عام 2003 بعد وفاة أخيه الشقيق.

وتعود أصول العائلة القادرية إلى مدينة ماردين الواقعة جنوبي تركيا، ومع سقوط الدولة العثمانية ومجيء مصطفى كمال أتاتورك الذي قيّد حركة المدارس الإسلامية والحركات الصوفية بتلك المناطق هاجرت العائلة إلى سوريا واستقرت في عامودا.

وبحسب الموقع الرسمي للطريقة القادرية، فقد “سخر الشيخ عبيد الله حياته في خدمة طريق التصوف على الطريقة القادرية العلية وتربية المريدين وتزكية نفوسهم”.

وقبل عام 2011، كان عبيد الله من أبرز الشيوخ الصوفيين في الجزيرة السورية و”نقيب السادة الأشراف” (وهو من يمهر النسب النبوي لمن يتم التأكد من صلته بآل البيت)، وله حضور أقل في دمشق وريفها، والتي كان يزورها من حين إلى آخر لإحياء الحضرات الصوفية، وذكرى المولد النبوي.

ولم يكن للشيخ عبيد الله أي دور سياسي سابق في سوريا بشكل عام، وإن كانت علاقته مع النظام السوري جيدة نسبياً، خصوصاً مع حساسية المنطقة التي يسكنها بعد انتفاضة الأكراد عام 2004، ومقتل الشيخ محمد معشوق الخزنوي عام 2005.

كل ذلك دفع كثير من مشايخ تلك المنطقة إلى التحالف أو المهادنة أو ترك المجال العام حتى لا يبطش بهم النظام كما فعل مع الخزنوي الذي يعد ابن الشيخ عز الدين الخزنوي مؤسس الطريقة الخزنوية في الجزيرة السورية.

 

الطريقة القادرية

تعد الطريقة القادرية من أبرز الطرق الصوفية في سوريا، وتنافسها بشكل أكبر في الحضور كل من الطريقتين الشاذلية والنقشبندية في المدن السورية الكبرى دمشق وحلب، إلى جانب طرق آخر مثل الرفاعية والخزنوية والسعدية وغيرها.

تنسب الطريقة القادرية إلى الشيخ الشهير عبد القادر الجيلاني، وهو إمام صوفي وفقيه لقب بـ “سلطان الأولياء” و”تاج العارفين”، يعود نسبه إلى بيت النبي ﷺ، عاش معظم حياته في العراق، ودفن في الحضرة القادرية في منطقة باب الشيخ من جهة الرصافة من بغداد، وجرى تنصيبه منذ قرون كواحد من الأقطاب الأربعة الكبار عند الصوفية.

الطريقة القادرية

في سوريا، توجد العديد من الطرق الفرعية التي انبثقت بالأساس من رحم الطريقة القادرية. من أشهر تلك الطرق الطريقة القادرية العلية في مدينة عامودا التي تقع على بعد عشرين كيلومتراً غربي مدينة القامشلي، وتُعدّ التكية الصوفية في عامودا هي المركز الأهم لتلك الطريقة على مستوى العالم، وكان يتوافد إليها المريدون من جميع أرجاء العالم قبل العقد الماضي.

تتخذ الطريقة القادرية من القرآن والسنة مرجعاً أساسياً، وتقوم على العديد من المبادئ من أبرزها “الاجتماع والاستماع والاتباع حتى يحصل الانتفاع”، و”الجـد والكـد ولزوم الحـد حتى تنقد”، ومحبة الشيخ وآل البيت وكثرة الذكر، وغير ذلك.

ويؤمن أتباع الطريقة القادرية بالخوارق والكرامات ولديهم طقوس ترافق الحضرات مثل ضرب الشيش، وغرس سيخ معدني أو أداة حادة في جسد “المريد” أو وجهه خلال مجلس الذكر من دون أن يسيل منه أي قطرة دم، وهي من أبرز الطقوس التي تنال نقداً من الجماعات الصوفية أو الإسلامية الأخرى.

وتنتشر الطريقة في سوريا والعراق والأردن ولبنان وفلسطين وشمال أفريقيا وتركيا وباكستان، ولها امتداد في دول أخرى.

 

الشيخ عبيد الله في تركيا

تعود أصول الشيخ عبيد الله إلى مدينة ماردين التركية، وله صلات واسعة في عموم تركيا، حيث كان يزورها بين حين وآخر بشكل طبيعي رغم أنه يقيم في مناطق شمال شرقي سوريا الواقعة تحت سيطرة قوات سيطرة سوريا الديمقراطية “قسد” التي لم يكن له موقف معادٍ أو مؤيد لها.

وخلال العقد الماضي، كان للشيخ عبيد الله حضور كبير في تركيا بشكل عام، وبالأخص بولاية إسطنبول، حيث يوجد أكثر من نصف مليون لاجئ سوري، حيث عقدت العديد من الحضرات والجلسات الصوفية بحضوره.

وتظهر مقاطع مصورة منتشرة على اليوتيوب، حشوداً غفيرة تستقبل الشيخ عبيد الله في إسطنبول، ومشاركته في إحدى الحضرات، كما أن له مشاركات بموالد وحلقات ذكر في مدينة أورفا الحدودية مع سوريا.

وكان من اللافت في آخر زيارة للشيخ عبيد الله القادري إلى إسطنبول، أنه أعطى الشيخ أحمد جُبّلي الذي يعد من أبرز شيوخ الصوفية الأتراك، الإجازة بالطريقة القادرية، رغم أن الأخير يتبع لجماعة إسماعيل آغا إحدى أكبر الجماعات الإسلامية في تركيا والتي تتبع الطريقة النقشبندية الأكثر انتشاراً في البلاد.

وتشهد جماعة “إسماعيل آغا” صراعاً على النفوذ بين بعض مشايخها في الصف الثاني، حيث يريد أن يصبح جُبلي أحمد رئيساً لإحدى المدن التي تنتشر فيها الجماعة من أجل تعزيز سلطته الدينية، ولذلك يحاول عبر الإجازة بالطريقة القادرية أن يوصل رسالة إلى جماعته “أنا عالم عظيم لدرجة أنني أحصل على إجازة من مختلف الطرق الصوفية”، وبطبيعة الحال أكّد بعد ذلك أنه لن يغادر جماعة إسماعيل آغا وسيبقى أحد تلامذة شيخها حسن أفندي إلى آخر يوم في حياته.

ومن المهم الإشارة إلى أنه قد أقيمت صلاة الغائب على الشيخ عبيد الله بالعديد من المدن التركية، وسيقام له مجلس عزاء خاص بمنطقة الفاتح التي تعد من أبرز معاقل الجماعات الصوفية بإسطنبول.