0020
0020
previous arrow
next arrow

منظمات توثق انتهاكات بحق سوريين بعد الزلزال: تدفعهم لمغادرة تركيا

أقامت مجموعة من منظمات المجتمع المدني السورية والتركية ندوة للحديث عن تمييز وانتهاكات طالت لاجئين سوريين في الولايات المتضررة من الزلزال الذي ضرب جنوبي البلاد، بحضور من منظمات دولية معنية بحقوق الإنسان.

الندوة نظمت في اسطنبول، في 22 من شباط، وافتتحتها منظمة “منصة حقوق اللاجئين” ببيان حول جملة من الانتهاكات التي رصدتها على مدار الأيام الماضية، بحق لاجئين سوريين في مدينة أنطاكيا التركية التي تعتبر من أكثر المدن المتضررة إثر الزلزال.

ومن بين النقاط التي تطرق لها البيان، قصص لسوريين تعرضوا للضرب بتهمة السرقة، علمًا أنهم كانوا متطوعين يساعدون فرق الإنقاذ بعمليات البحث عن ناجين، أو عاملين في المجال الإغاثي.

وكانت قرارات رئاسة الهجرة التركية محل نقاش خلال الندوة، خصوصًا أنها لم تراعِ الكارثة التي حلت على سكان المناطق المتضررة من اللاجئين السوريين، إذ واصلت فرض القيود في التنقل، وقيود أخرى في تأمين السكن والمأوى.

 

انتهاكات وتمييز
سرد الناشط في مجال حقوق اللاجئين والعضو بمنظمة “منصة حقوق اللاجئين” طه الغازي، مجموعة من القصص خلال إدلائه بالبيان الصحفي باللغة العربية أمام عدد من المنظمات الدولية ووسائل الإعلام العربية.

وأشار إلى عدد من الحالات لتمييز بين اللاجئين السوريين والمواطنين الأتراك من قبل سلطات بعض المناطق من حيث عمليات توزيع المساعدات، إذ أعطيت الأولوية للمواطنين الأتراك.

إلى جانب حالات أخرى لسوريين كانوا عالقين تحت الأنقاض، ممن لم يجرؤوا التحدث باللغة العربية، خوفًا من أن تتركهم فرق الإنقاذ تحت الأنقاض.

الانتهاكات لم تتوقف عند حالات التمييز، وتخوفات اللاجئين بحسب طه الغازي، بل تحولت في العديد من اللحظات إلى اعتداءات جسدية على بعض الأشخاص.

ومن بين هذه الحالات روى الغازي قصة لاجئ سوري كان متطوعًا لمساعدة المتضررين من الزلزال في مدينة أنطاكيا قادمًا من مدينة الريحانية المحاذية لها، عمل على مدار أيام، لكنه اتهم بأنه جاء للمدينة بغرض السرقة، وتعرض لضرب “مبرح” من قبل مدنيين في منطقة المزرلك بمدينة أنطاكيا، ثم اعتقل لدى قوات الجيش.

الغازي اتصل بالشاب السوري عبر الفيديو، خلال الندوة نفسها، وتحدث الشاب عن أن الجيش أطلق سراحه بعد ذلك بساعات، بعد أن شاهدوا تسجيلات مصورة على هاتفه المحمول، تثبت أنه كان يساعد في عمليات الإنقاذ.

اقرأ أيضًا: الزلزال ودعاية أوزداغ.. السوريون في تركيا ضحايا أيضًا

دائرة الهجرة تضغط على اللاجئين
خلال الندوة، توجهت ممثلة منظمة “هيومن رايتس ووتش” بالسؤال إلى منظمات المجتمع المدني عن أسباب التضييق القانوني من جانب رئاسة الهجرة التركية على اللاجئين حتى في ظل الظروف الإنسانية السيئة الناتجة عن الزلزال الأخير.

“منصة حقوق اللاجئين” اعتبرت أن هذه القرارات لم تتغير في مرحلة قبل الزلزال، أو بعده، إذ تهدف بالمجمل إلى دفع اللاجئين للسفر خارج تركيا، إما عودة إلى سوريا، أو باتجاه لجوء جديد إلى أوروبا.

الناشط طه الغازي، قال لعنب بلدي إن تعامل رئاسة الهجرة مع أوضاع اللاجئين السوريين القانونية في البلاد لم يغيرها الزلزال، ولا تزال تدفع بهم للهجرة خارج البلاد كبديل عن الوضع القانوني المجهول في تركيا.

وخصوصًا القرارات المتعلقة بإذن السفر، التي تمنع اللاجئين من التنقل بين المدن، مع أن أعدادًا كبيرة من السوريين خسروا المنازل المقيمين فيها جنوبي البلاد، إلا أن قيود السفر لا تزال مفروضة لكنها شملت استثناءات بسيطة.

وفي 8 من شباط الحالي، بعد يومين على الزلزال، ألغت رئاسة الهجرة التركية شرط استخراج إذن سفر بالنسبة للسوريين المقيمين في المناطق المنكوبة التي تعرضت للزلزال جنوبي البلاد للتنقل بين المدن، واستثنى القرار مدينة اسطنبول من الإلغاء.

وعن آلية تطبيق القرار، قالت رئاسة الهجرة إنها أوعزت لمديرياتها في المناطق المتضررة، بمنح “إذن طريق” للسوريين مدته 90 يومًا تستثنى منه ولاية أسطنبول، ثم أعادت تعديل القرار ليشمل ولاية اسطنبول، وفق الآلية نفسها.

ويحق للسوريين في تركيا الإقامة في ولاية أخرى لمدة ثلاثة أشهر فقط، ما يعني أن الكثير منهم يعيشون حالة من القلق وعدم الاستقرار مع مستقبل مجهول ينتظرهم بعد هذه المدة.

ما الحلول؟
طرح بيان منظمات المجتمع المدني خلال الندوة مجموعة من البنود، قالت إنها من الممكن أن تحد من معاناة السوريين في البلاد، خصوصًا في ظل الظروف الإنسانية المتردية التي عقب الزلزال.

أبرز هذه الحلول كانت مطالبة الحكومة التركية بإجراء تحقيق جدي في مزاعم الانتهاكات، وبدء التحقيق مع من استردوا مساعدات الزلزال المقدمة للسوريين، أو هاجموهم، أو أخرجوهم من مراكز الإيواء والخيام.

إلى جانب إيقاف استراتيجية “تخفيف الضغط“، ورفع جميع قيود السفر المتعلقة بإسطنبول والمحافظات الأخرى، وإلغاء تحديد شرط البقاء في الولايات الآمنة لمدة 60 يومًا.

وأعطت السلطات التركية الإذن بالسفر إلى سوريا بين ثلاثة وستة أشهر، لكنه ينعكس أحيانًا على أنه “عودة طوعية” على لسان وزراء ومسؤولين حكوميين أتراك، ولا يجب أن يواجه السوريون الذين ذهبوا إلى سوريا للوصول إلى أقاربهم المتضررين من الزلزال أي صعوبات في العودة، بحسب البيان.

كما يتوجب على دوائر الهجرة التركية إتاحة الوقت لتحديد هوية اللاجئين تحت الأنقاض، ودفن من فقدوا أرواحهم بطريقة تحترم متطلبات ثقافة الجنازة والدفن.

البيان طالب أيضًا الجهات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى بزيادة مساعدتها المقدمة للمتضررين من اللاجئين السوريين، بحسب حجم الكارثة.

حالات إيجابية
لم تكون القصص والحالات التي رصدتها المنظمات تتحدث عن مواقف سلبية واجهها اللاجئون السوريون خلال نزوحهم من المناطق المنكوبة في تركيا، إنما تطرقت أيضًا للعديد من المواقف التي وثقها الناشط طه الغازي وتحدث عنه خلال الندوة.

ومن أبرز هذه القصص، الأعمال التي قام بها فريق الإنقاذ القادم من ولاية أورفا التركية للمساعدة بعمليات الإنقاذ ورفع الأنقاض بمدينة أنطاكيا، إذ أشار إلى أن هذا الفريق عمل على مدار الساعة لمساعدة المدنيين دون تفريق، إلى جانب مساعدته الكبير للاجئين السوريين بالطريقة نفسها التي ساعدوا المواطنين الأتراك فيها.

وفي مدينة ملاطيا، التي تضررت من الزلزال بشكل كبير، رصد الغازي حالة لامرأة سورية نقلت إلى المستشفى، وتكفلت الممرضة التركية نيفين كاراكايا، بمساعدتها وطفلها الذي ولدته في المستشفى حينها.

متضررون سوريون
يبلغ إجمالي عدد اللاجئين السوريين في تركيا حوالي 3.5 مليون لاجئ، ويقيم ما يقارب نحو مليون و750 ألف شخص منهم في مدن الجنوب التركي التي وقع فيها الزلزال مؤخرًا.

وتستضيف مدينة غازي عنتاب النسبة الكبرى في جنوبي تركيا، إذ تحتضن 460 ألفًا و150 لاجئًا، تليها مدينة هاتاي وعدد السوريين فيها 354 ألف لاجئ، وأورفا 368 ألف لاجئ، وأضنة 250 ألف لاجئ.

ويعيش في كل من كهرمان مرعش وكلس وأديامان والعثمانية وديار بكر وملاطيا حوالي 550 ألف لاجئ سوري، بحسب إحصائية صادرة عن “إدارة الهجرة التركية” مطلع شباط الحالي.

ولقي عدد كبير من السوريين الموجودين في تركيا حتفهم، جراء الزلزال الذي تضررت إثره عشر ولايات تركية، ومركزه مدينة كهرمان مرعش.