الثورة السورية في عامها الثالث: مساع لتسليح الثوار وتفعيل "الجنائية"
-آثرت كل من لندن وباريس عشية دخول الثورة السورية عامها الثالث الإعلان عن عزمهما تسليح الثوار من دون موافقة الاتحاد الأوروبي، في قرار عده الائتلاف المعارض “خطوة في الاتجاه الصحيح”، في حين اعتبرته دمشق وموسكو مخالفا للقانون والعلاقات الدولية، بينما حثت منظمة العفو الدولية أمس مجلس الامن ان يرفع ملف جرائم الحرب المرتكبة في سوريا من طرفي النزاع الى المحكمة الجنائية الدولية، وهي مساعي بدت وكأنها تصب في الجهود المبذولة لتدويل الأزمة بعد أن كانت محصورة في سياق الحرب بين النظام والثوار.
والثورة السورية هي الأكثر دموية منذ انطلاق الربيع العربي نهاية العام 2010 في تونس، وساهمت سياسة البطش التي مارسها نظام الرئيس السوري بشار الأسد في تحويل الاحتجاجات السلمية في عدد من البلدان والقرى السورية إلى مواجهات مسلحة بين مجموعات عرفت لاحقا بالجيش السوري الحر.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان فرنسا وبريطانيا تطلبان “من الأوروبيين الان رفع الحظر ليتمكن الثوار من الدفاع عن انفسهم”.
واوضح انه وفي حال عدم التوصل الى اجماع داخل الاتحاد الاوروبي حول المسالة، فإن باريس ولندن ستتخذان المبادرة بتزويد الاسلحة لان فرنسا “دولة ذات سيادة”.
وقال فابيوس ان لندن وباريس ستطلبان تقديم موعد الاجتماع المقرر للاتحاد في اواخر أيار (مايو) المقبل للبحث في حظر ارسال السلاح الى سوريا.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي انه “لا يمكن السكوت عن الخلل الحالي في التوازن بين إيران وروسيا اللتين تزودان نظام الاسد بالاسلحة من جهة، وبين الثوار الذين لا يمكنهم الدفاع عن انفسهم من جهة اخرى”.
وفي تعليق اول، انتقدت دمشق القرار، قائلة عبر وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا) انه “انتهاك صارخ لمبادىء القانون الدولي”.
ويأتي الموقف السوري متناغما مع ما اعلنته الأربعاء موسكو، حليفة النظام السوري وأبرز مزويده بالاسلحة، على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف، من ان “تسليح المعارضة هو انتهاك للقانون الدولي”.
من جهته، رحب المتحدث باسم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وليد البني بالخطوة الفرنسية البريطانية، قائلا انها “خطوة في الاتجاه الصحيح”.
واضاف “طالما ان الأوروبيين والأميركيين لا يسلحون المعارضة، كأنهم يقولون (للرئيس السوري) بشار الأسد “استمر في معركتك””، معتبرا أنه لا يمكن للرئيس السوري “ان يقبل بحل سياسي إلا اذا ادرك ان ثمة قوة (مسلحة) ستسقطه”.
وتابع أن استمرار تلقي النظام السوري الدعم من موسكو وطهران “سيبقي لديه قناعة بأنه سينتصر” في النزاع الذي أودى بنحو 70 ألف شخص، وهي حصيلة ارتفعت إلى 80 الف أمس بحسب شبكات سورية متخصصة قالت إن من بين الضحايا نحو 15 الف طفل وامرأة.
واعتبر سليمان الشيخ، الخبير في معهد بروكينغز في الدوحة، ان الخطوة “تغيير كبير في سياسة فرنسا وبريطانيا، وهما من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي”.
واعتبر ان “فصل العامين الأخيرين من الأزمة طوي. البلدان يسعيان للبحث عن آليات تكون أكثر فاعلية على الارض”.
وتأتي الخطوة الفرنسية والبريطانية لتتجاوب مع ما تطالب به المعارضة السورية منذ فترة لتمكين المقاتلين على الأرض من مواجهة القوة النارية للقوات النظامية، التي تعتمد في شكل أساسي على سلاح الجو.
وقال الناشط في “الهيئة العامة للثورة السورية” احمد الخطيب إن “السؤال المهم هو ما نوع التسليح الذي سيسلحوننا به”. واوضح “اذا كان سلاحا خفيفا فلسنا في حاجة إليه (…) نحن في حاجة الى سلاح ثقيل، مضاد طيران ومضاد مدرعات”.
وتساءلت مساعدة مدير شؤون الشرق الاوسط في المنظمة ان هاريسون “كم من المدنيين ينبغي ان يموتوا قبل ان تطرح الامم المتحدة الموضوع على مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، من اجل محاسبة مرتكبي هذه الجرائم الفظيعة؟”.
وأضافت “فيما ما زالت الاغلبية الساحقة من جرائم الحرب وانتهاكات فادحة اخرى (لحقوق الانسان) ترتكب من طرف القوى الحكومية يشير تحقيقنا الى تزايد الانتهاكات من طرف جماعات المعارضة المسلحة”.
وتابعت “إن لم يتم فعل شيء فقد تترسخ الممارسات المماثلة أكثر. من الضروري جدا أن يدرك المعنيون جميعا أنهم سيحاسبون على افعالهم”.
وأكدت منظمة العفو أنها تملك أدلة على استخدام قوات النظام “اسلحة محظورة دوليا ضد المدنيين” ولجوء المعارضين الى “تعذيب وقتل جنود وعناصر ميليشيات مناصرة للحكومة ومدنيين” اعتقلوهم او اختطفوهم.
ميدانيا، قصف الطيران الحربي مناطق عدة في سوريا، تزامنا مع اشتباكات في مناطق مختلفة لا سيما منها حي بابا عمرو في حمص (وسط)، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وأفاد المرصد عن تعرض مناطق في حي بابا عمرو لقصف من طائرة حربية”، مشيرا إلى تزامن الغارات مع اشتباكات في الحي الذي دخله المقاتلون المعارضون الاحد بعد عام من سيطرة القوات النظامية عليه.
كما تدور “اشتباكات عنيفة في احياء حمص القديمة بالقرب من قلعة حمص الأثرية التي هاجم مقاتلون من الكتائب المقاتلة حاجز للقوات النظامية في محيطها من جهة حي الخضر”، ما أدى إلى مقتل ثمانية من عناصر الحاجز، بحسب المرصد.
وفي محافظة حماة (وسط)، تحدث المرصد عن قيام الطيران الحربي بقصف بلدة كفرنبودة في ريف حماة، من دون معلومات عن خسائر.
وفي شمال البلاد، تحدث المرصد عن شن الطيران الحربي “غارات جوية عدة على مناطق في مدينة الرقة” التي سيطر عليها الثوار الاسبوع الماضي، وباتت أول مركز محافظة يخرج عن سيطرة النظام.
وفي محافظة إدلب (شمال غرب)، قصف الطيران اكثر من مرة بلدة تفتناز “ما أدى إلى سقوط جرحى وتهدم بعض المنازل”، بحسب المرصد. وفي محافظة درعا (جنوب)، شن الطيران الحربي غارات جوية عدة على بلدة خربة غزالة، بحسب المرصد.