ارهاب"إسرائيل" النووي… في انتظار "الحزم العربي"
وكالة الناس
تستضيف ‘إسرائيل’ الأسبوع القادم مؤتمرا دوليا للأمم المتحدة بشأن حظر التجارب النووية، بمشاركة نحو 100 مندوب، بينهم مندوبون عن دول عربية وإسلامية ليس لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، كما تشارك كل من مصر والأردن في المؤتمر.
وتعهدت وزارة الخارجية الإسرائيلية، بحسب صحيفة ‘معاريف’، بالحفاظ على أمن وسلامة المشاركين في المؤتمر من الدول التي ليس لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وذلك كشرط لانعقاد المؤتمر.
ويعقد المؤتمر من قبل منظمة ‘معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية (The Comprehensive Nuclear-Test-Ban Treaty Organization)، والتي تشارك إسرائيل في عضويتها.
وبينما تتسارع التطورات في الشرق الاوسط، حيث تسقط انظمة وتختفي دول وتنقسم اخرى او تسقط في جحيم الفشل والحروب الاهلية والطائفية، يبدو اصرار اسرائيل على ممارسة «البلطجة» بكافة اشكالها، وعلى كافة المستويات، احد المعالم الثابتة في هذا الجزء من العالم.
ولا يكاد يمر يوم من دون ان تقدم اسرائيل دليلا على استمرارها في هذا النهج الفاشي الذي يجعلها فوق القانون والمعاهدات الدولية، ناهيك عن القرارات الأممية والقانون الانساني نفسه.
وبالامس جاء التذكير بهذه الحقيقة من اجتماع الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية مع مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، الذي ناقش التحضيرات العربية للمشاركة في مؤتمر 2015 بشأن إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، وتطرق الى «اهمية انضمام معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وإخضاع منشآتها النووية لنظام الضمانات الشامل التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية».
وعلى الرغم من حقيقة امتلاك اسرائيل اكثر من مائتي رأس نووية، فانه ليس من الوارد ان تتخذ هذه الوكالة التابعة للامم المتحدة اي اجراء بشأن دفع الدولة العبرية سواء للانضمام للمعاهدة او فتح منشآتها النووية للتفتيش، وخاصة مفاعل ديمونة الذي يقال انه اصبح يمثل تهديدا بيئيا خطيرا بسبب النقص في معايير السلامة.
اما الدول العربية فهي من الموقعين على المعاهدة الدولية لحظر الانتشار النووي، وهي تتعاون بالكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بخصوص اي نشاط بحثي نووي (ان وجد)، الا ان احدا منها لم يجرؤ ابدا على البدء في برنامج نووي للاستخدام السلمي، الا وأجهضه قصف اسرائيلي غاشم، كما حدث في العراق في العام 1981.
وبالقاء نظرة متأنية على موقف اسرائيل من الاتفاق النووي الذي توصلت اليه ايران مع الدول الكبرى الاسبوع الماضي، يتضح ان جوهره لايقوم على الخوف من تصنيع اسلحة نووية كما تزعم، بل منع العرب والمسلمين من امتلاك تكنولوجيا تصنيع الطاقة النووية، وان توافرت كافة الضمانات العلمية والسياسية الممكنة لاستخدامها في الاغراض السلمية حصرا.
وحسب المطالب التي وجهها وزير الاستخبارات يوفال شتاينيتز القريب من مجرم الحرب بنيامين نتنياهو الى واشنطن لـ «تحسين الاتفاق»، ان توقف ايران الابحاث في مجال اجهزة الطرد المركزي الحديثة وتطويرها(..)، محذرا من «انها ستجعلها قادرة على انتاج ما يكفي من اليورانيوم العالي التخصيب لانتاج قنبلة ذرية خلال ثلاثة او أربعة أشهر». كما طالب بـ «خفض عدد أجهزة الطرد المركزي التي ستستمر ايران في تشغيلها، واغلاق موقع فوردو للتخصيب تحت الارض، ونقل مخزون اليورانيوم الايراني الضعيف التخصيب الى خارج ايران (..)». ثم لا يتردد بالتلويح مجددا باللجوء الى الخيار العسكري الذي «كان ولا يزال وسيبقى على الطاولة» حسب اكاذيبه. واخيرا يتعهد مواصلة «البلطجة الدبلوماسية» المتمثلة في العمل مع الكونغرس الامريكي لقتل الاتفاق.
اما في واشنطن فقد ردت المتحدثة باسم الخارجية ماري هارف بأن اتفاق لوزان ينص على ان «ايران ستسحب حوالى 13 الف جهاز طرد مركزي من مواقع نووية موجودة فيها اليوم، وانها ستحتاج بالتأكيد لأكثر من عامين لاعادة بناء ما تمتلكه اليوم».
اما في العالم العربي، فمن الواضح ان هذه القضية لا تحتل مكانة متقدمة في سلم الاولويات المزدحم بصراعات سياسية وحروب طائفية قد تمتد الى مائة عام، حسبما توقع وزير الخارجية الامريكي الاسبق هنري كسينجر بالامس.
الواقع ان استمرار الاوضاع العربية كما هي عليه اليوم، قد لا يجعل اسرائيل تحتاج الى استخدام ترسانتها النووية. ليس لأن العرب لن يملكوا ابدا القدرة او الرغبة في أن يهاجموها، وهو ما كانت تخشاه عندما بدأت تصنيع اسلحتها النووية في الخمسينيات من القرن الماضي، بل لأن استمرار وجود العرب نفسه سيصبح محل شكوك وتساؤلات.
وبعيدا عن المبالغة، وفي غياب مراجعة شاملة للاوضاع العربية باتجاه التأسيس لـ «وقفة حزم استراتيجي» تلحقهم بالعصر النووي، فان اسرائيل لا يمكن الا ان تغتنم الفرصة بتصعيد ممارساتها العدوانية سواء تجاه الشعب الفلسطيني او الشعوب العربية الاخرى.
اما دوليا، فقد اصبح جليا للكثيرين ان استمرار البلطجة الاسرائيلية يمثل تهديدا استراتيجيا للامن والاستقرار في الاقليم، بل وفي العالم، ما يفسر المواقف المفاجئة اخيرا من بعض اقرب اصدقاء الدولة العبرية في اوروبا. الا ان البداية الحقيقية يجب ان تأتي من الدول العربية، باعتبارها صاحبة الحق والواجب والمصلحة.
فهل من أمل في أن تهب قريبا عاصفة حزم عربية واحدة في مواجهة بلطجة اسرائيل؟