"الكنز الثمين".. يحضر "البغدادي" لمكاتب الأمن العراقي!!!
وكالة الناس – نشرت مجموعة “المدى برس” الإعلامية العراقية تقريراً قالت فيه إن القوات العراقية اكتشفت، بطريق الصدفة، أرشيفاً ضخماً لمراسلات، أبو بكر البغدادي، واصفة إياه بـ”الكنز الثمين” لزعيم تنظيم الدولة الإسلامية.
الصدفة وحدها من قادت أجهزة الأمن العراقية، وليس الأمريكية هذه المرة، للعثور على “كنز ثمين” كان الكل يبحث عنه منذ 10 يونيو/حزيران الماضي؛ إنه الأرشيف السري لزعيم تنظيم الدولة الإسلامية إبراهيم عواد إبراهيم البدري السامرائي المعروف بـ”أبو بكر البغدادي”، والذي أعلن نفسه خليفة لـ”دولة إسلامية” انطلاقا من “ولاية نينوى”.
فبعد سقوط الموصل بيد “الدولة”، بدت المعلومات شحيحة عن ماضي البغدادي سوى اسمه الثلاثي وأنه خلف “أبو عمر البغدادي” (حامد داوود محمد الزاوي)، في زعامة الجناح العراقي لتنظيم القاعدة الذي بات يحمل اسم (دولة العراق الإسلامية).
استمر التكتم الذي اتبعه تنظيم “دولة العراق” على هوية زعيمه الجديد حتى نيسان 2011، عندما تأكدت أجهزة الأمن العراقية أن البغدادي هو (إبراهيم عواد إبراهيم) وليس شخصاً آخر كان يتولى مسؤولية مضافات التنظيم في أنحاء البلاد يدعى الشيخ يونس المشهداني.
وفي تموز 2011 أكدت أجهزة المخابرات الأمريكية هوية البغدادي، لكن الغموض ظل يحجب الكثير من المعلومات الخاصة بزعيم “دولة العراق” التنظيم الذي انشق عن التنظيم الدولي للقاعدة.
حتى أواسط 2013 كان التنظيم الذي ترأسه البغدادي مغموراً ويعاني من الضربات الموجعة التي تلقاها بمقتل زعيمين هما أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر (مصري الجنسية) اللذين يعتبران من أبرز المقربين من أبي مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم “القاعدة في بلاد الرافدين”.
وبحسب خبراء، فإن البغدادي تولى مهام قيادة تنظيم لم يتجاوز تعداد مقاتليه ألف عنصر، ويعاني من استعداء التنظيمات الجهادية الأخرى، لا سيما القاعدة الأم التي احتفظت بولائها لأسامة بن لادن.
وأدت الأحداث المتسارعة في سوريا إلى سطوع نجم البغدادي الذي نجح في أغسطس/آب 2011 بتأسيس فرع سوري لتنظيمه باسم “جبهة النصرة” وبقيادة مساعده أبو محمد الجولاني الذي أصبح من أبرز الجماعات المناوئة لنظام الرئيس بشار الاسد.
أدى الخلاف المتفاقم بين البغدادي والجولاني مطلع 2013 الى توحيد جناحي التنظيم تحت اسم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” التي عرفت، لاحقاً، اختصارا بـ”داعش”، فيما احتفظ الجولاني ببيعته لزعيم القاعدة الجديد أيمن الظواهري الذي طالب بـ”فك” الارتباط بين الجناحين المتصارعين.
حتى هذا التاريخ لم تمتلك أجهزة الأمن العراقية والأمريكية سوى بضعة صور قديمة لإبراهيم عواد التقطت له اثناء اعتقاله في معتقل بوكا أواسط 2004؛ لكن ضابطاً كبيراً في وزارة الداخلية العراقية كان قد قطع شوطاً واسعاً في جمع ارشيف عواد ابراهيم البدري وبات “الشخص الغامض” أكثر وضوحاً لأجهزة الأمن العراقية، بحسب مصدر مطلع.
وقاد اعتقال شقيق البغدادي المدعو “شمسي عواد”، الذي يعمل برعي الأغنام في ضواحي سامراء، الأجهزة الأمنية إلى اكتشاف مقر اقامة زعيم “الدولة” في بيجي ووضع يدها على “الكنز الثمين” الذي يتضمن مراسلاته مع شبكة ولاته الشرعيين والعسكريين ووثائق مهمة أخرى عن الهيكلية القيادية للتنظيم.
ويقول المصدر واسع الاطلاع إن الأجهزة الأمنية ضبطت عدة دفاتر من المذكرات الشخصية التي كتبها البغدادي أثناء فترة اعتقاله في بوكا وما بعد إطلاق سراحه، وتتضمن المذكرات تنظيرات وتأصيلات فقهية لما يسمى بـ”السلفية الجهادية”.
ويضيف المصدر أن الكنز الثمين يضم أيضا المكتبة الشخصية للبغدادي بضمنها تعليقات بخط يده على مراجع سلفية لابن تيمية وابن قيم الجوزية ومحمد بن عبد الوهاب وآخرين.
أدى الوصول الى مقر اقامة البغدادي، بحسب المصدر، الى اتضاح ملامح شخصية زعيم “الدولة”، ودفع مديرية الجرائم الكبرى ومكافحة الارهاب، التابعة لوزارة الداخلية، الى سحب ارشيف البغدادي من دوائر الدولة الرسمية.
فتم سحب نسخ من أوراقه الثبوتية من دوائر الجنسية والجوازات ودفتر الخدمة العسكرية من وزارة الدفاع، بالاضافة الى مخاطبة وزارتي التربية والتعليم لتزويدها بوثائقه الدراسية للمرحلتين الثانوية والجامعية فضلاً عن اطروحته في مرحلة الدكتوراه التي نالها من الجامعة الاسلامية المعروفة سابقة باسم جامعة صدام للعلوم الاسلامية.
ويؤكد المصدر المطلع أن أرشيف البغدادي بقي تحت تصرف ضابط كبير في وزارة الداخلية العراقية، مشيراً الى أن الارشيف يعد كبيراً جداً وتم التحفظ عليه في عدة خزانات.
ويبدو أن “الكنز الثمين” أخذ طريقه الى الاهمال على خلفية حملة الاقالات التي طالت عدداً من كبار ضباط الامن في مايو/أيار 2011 اثر محاولة اقتحام معتقل الجرائم الكبرى وتهريب عدد من قيادات “الدولة” وبينهم والي بغداد حذيفة البطاوي الذي لقي حتفه في مواجهات استمرت لعدة ساعات.
اقالة الضابط الكبير، الذي فضل المصدر المطلع وصفه بـ”الخبير بشؤون القاعدة”، أدى الى اهمال قاعدة بيانات مهمة عن زعيم أخطر تنظيم جهادي عرفته منطقة الشرق الأوسط بعد القاعدة.
ويعلق المصدر بالقول إن “قرارات ارتجالية افقدت الأجهزة الأمنية خبراء في التنظيمات الجهادية”، مؤكداً أن “نتائج هذه القرارات صبت في صالح داعش والقاعدة بشكل غير مباشر”.
ومع تصدر البغدادي وتنظيمه لنشرات الانباء العالمية، بعد سيطرته على الموصل في يونيو/حزيران الماضي، باتت الحاجة ملحة للعثور على “الكنز الثمين” للاجابة عن سيل الاسئلة التي تثار حول التنظيم وزعيمه وسر قوته التي سيطرت على ثلث الاراضي العراقية في غضون شهر.
ومنذ يونيو/حزيران الماضي نفت الادارة الأمريكية امتلاكها معلومات مؤكدة عن زعيم “الدولة”، ولا عن الفترة التي قضاها في معتقل بوكا، معللة ذلك بتساهل مسؤولي السجن بتنظيم الملفات الشخصية للمعتقلين في بداية افتتاح أكبر السجون التي كان الجيش الأمريكي يديرها جنوب مدينة البصرة.
وبعد ثمانية اشهر من الجدل الدائر حول البغدادي وتنظيمه الغامض، نشرت قناة “سي بي إس نيوز” الأمريكية، الاسبوع الماضي، جزءا من الارشيف العراقي الذي تضمن أوراقا ثبوتية ووثيقة تخرّج تكشف تخطيه المرحلة الثانوية بقرار لكونه “أخاً لشهيد”، فضلاً عن مستواه الدراسي.
كما تضمن الارشيف صوراً لمراحل مختلفة من حياة البغدادي الذي بدأ صوفياً، كما يقول المصدر، ومن ثم تحول الى تبني فكر الإخوان المسلمين وبعدها صار عضواً في حزب التحرير، لينتهي سلفياً جهادياً في مسيرة تحول فكري صاخبة.
وتظهر الصور البغدادي وهو يعتمر العمامة العراقية لكنه استبدلها، في وقت لاحق، بالعقال و”الغترة” في دلالة على تبنيه الفكر السلفي.
ويلفت المصدر الى أن الصدفة وحدها التي كشفت عن ارشيف زعيم “الدولة” بعد أن تم اهماله خلال السنوات الماضية في خزانات مركونة في احدى الدوائر الامنية.
. –
