الأردن وتركيا: حرارة ودفء مع غول وحوار (جاف) مع آردوغان وصريح وتفصيلي حول سوريا مع أوغلو
عمان- القدس العربي: لا يمكن مرة أخرى بناء صورة متكاملة عن ما دار بين الزعيمين الأردني عبدلله الثاني والتركي رجب طيب آردوغان في اللقاء المغلق اليتيم بين الجانبين في أنقره الثلاثاء.
ولكن يمكن الإستناد إلى إحتفالية الصحافة التركية بالجانب البروتوكولي والإجتماعي من هذه الزيارة خصوصا بعدما إقتصر ملفها السياسي على اللقاء القصير مع آردوغان قياسا بسلسلة نشاطات مع رئيس الجمهورية التركية عبدلله غول.
مراقبون متخصصون إعتبروا من البداية بان وقفة العاهل الأردني الأخيرة في تركيا عكست (الحميمية) القديمة بين مؤسسة القصر الأردنية ومؤسسة الرئاسة التركية.
بالمقابل بدا أن الإتصالات (السياسية) خصوصا تلك التي تختص بسوريا والملف الفلسطيني إحتفظت بدرجة حرارة متدنية مع أن المؤسسة العسكرية في الجانبين تربطهما علاقات قديمة تجددت عبر آليات التنسيق الدولية والإقليمية التي فرضتها معادلة اللاجئين السوريين جنوبي تركيا وشمالي الأردن.
سياسيا لا يوجد الكثير يمكن توقعه من لقاء القيادة الأردنية مع آردوغان الذي يواجه بدوره تحيدات السؤال السوري في ظل سيناريوهات متعددة من الواضح أن عمان إختارت مبكرا إحداها خصوصا بعد توقفها المهم على محطة موسكو.
اللافت في هذا الإتجاه وحسب مصادر داخل الوفد الأردني الذي رافق الملك في تركيا أن الجانب الأردني ركز كثيرا على ملفين يتعلق الأول بأسس إنجاح التسوية السياسية الكبرى في سوريا وفقا لمعايير السيناريو الروسي الذي لا زال السيناريو الأصلب والأقوى على الأرض وفي الميدان.
لذلك تحدث العاهل الأردني مع آردوغان عن أهمية وضرورة الإنتقال السلمي للسلطة في سوريا في تكرار لموقف عمان الذي سبق الجميع في التحذير من خيارات العنف على حد تعبير الناطق الرسمي بإسم الحكومة الأردنية سميح المعايطة الذي أشار في معرض حديثه له مع (القدس العربي) عن إتصالات ومشاورات أردنية تشمل بيروت وأنقره وكل الدول الشقيقة والصديقة.
ولذلك أيضا لاحظ المرافقون بأن أجواء اللقاء مع آردوغان على الأرجح كانت (رسمية) تماما ولم يتخللها حوارات معمقة ليس فقط بسبب عمق المسافة الفاصلة بين الموقفين التركي والأردني في المسألة السورية ولكن بسبب عدم وجود ما يمكن أن تضيفه عمان لأردوغان في هذا السياق خارج سياق إصطياد لحظة مفصلية وتاريخية تراجع فيها نفوذ التصور القطري التركي للحل في سوريا.
هنا حصريا يمكن ملاحظة أن اللقاء مع آردوغان كان على شكل (غداء رسمي) وبدون حرارة إجتماعية وإن كان السياق قد إكتمل بزيارة قام بها وزير الخارجية داوود أوغلوا للعاهل الأردني في مقر الضيافة التركي تخللها على الأرجح تقديم إيضاحات تركية تضمنت كما علمت القدس العربي ما يسميه أوغلو بالملاحظات السالبة على التصور الروسي والإحتمالات التي يثيرها تقسيم سوريا.
أوغلوا ناقش حصريا الملف السوري وتعرض للتفاصيل وهو ما لم يحصل في الغداء الرسمي مع آردوغان الذي كان على شكل تبادل مختصر للموقف السياسي وتبادل رسائل ونصائح وهو أصلا الهدف السياسي الأعمق من زيارة العاهل الأردني لتركيا.
بالمقابل لاحظ خبراء بأن اللقاء الأردني مع آردوغان لم يتخلله جولات أو إغراق في المجاملات خلافا لما حصل مع الرئيس عبدلله غول وهو صديق قديم للعاهل الأردني كما فهمت (القدس العربي) حيث إصطحب غول ملك الأردن بزيارة لمصنع طائرات هليوكبتر وترتبت معه عدة نشاطات إجتماعية شملت حتى زيارة الملكة رانيا العبدلله لمعهد تقني إضافة للأجندة الإقتصادية والإستثمارية للزيارة واللقاء.
الملفت للنظر بعد تقليب تفاعل الصحافة التركية مع الزيارة أن العشاء الرسمي الذي أقامه الرئيس غول حضره قائد الجيش التركي وزوجته وغلب عليه الطابع العائلي الحميم.
تلك بطبيعة الحال إشارة إلى أن العلاقة بين المؤسستين عابرة حتى للحكومات التركية المنتخبة وتأخذ طابعا معزولا عن سياقات برنامج الأولويات عند آردوغان.
أما الموضوع الثاني سياسا الذي ركز عليه الأردن فمرتبط بعبارة موصولة للإستراتيجية الأردنية تحاول توفير إسناد تركي لخيار المفاوضات والدولتين في فلسطين وبنفس الوقت إستثمار العلاقات الأردنية بإسرائيل لتبريد المواجهة الدائمة مع آردوغان على أمل تخصيص مسافة للاعب التركي المهم في معادلة المفاوضات التي يحاول الأردن إطلاقها على هامش القضية الفلسطينية خصوصا قبل زيارة الرئيس باراك أوباما للمنطقة.