بالصور : من هم الإيزيديون ؟
وكالة الناس –
بعبارة ‘أنقذونا نحن نذبح تحت راية لا إله إلا الله’، ارتفعت صرخة النائبة الوحيدة التي تمثل الطائفة الإيزيدية في البرلمان العراقي، فيان دخيل، في مداخلة أبكت نواباً عراقيين، قبل أن تنهار في نهايتها ويعينها زملاؤها على الوقوف.
انهيار ‘دخيل’ جاء بعد قتل مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش سابقاً) المئات من أفراد الأقلية الإيزيدية ودفنهم بعضهم أحياء، واتخاذهم المئات من النساء سبايا لهم، بعد أن خيروهم بين اعتناق الإسلام أو الموت، وحاصروا 50 ألف إيزيدي في الجبال الواقعة في الشمال الغربي من العراق دون غذاء أو ماء… فما هي الطائفة الإيزيدية، ومن هم الإيزيديون الذين وجهوا أنظار العالم نحو مذابح تنظيم داعش وجرائمه مجدداً؟
يعود السبب وراء الهجوم الذي يتعرّض له الإيزيديون اليوم على يد داعش، وفي السابق على يد الجهاديين، هو ديانتهم الفريدة من نوعها، فهي مزيج من ديانات عدة مثل اليهودية والمسيحية والإسلام والمانوية والصابئة، وتختلف معتقداتهم ورموزهم الدينية عن الديانات السماوية الثلاث، فهم يعتبرون الله ربهم، ولكنهم يؤمنون بأن الملك على الأرض هو الطاووس الذي يعتقدون بأنه يحكم الأرض مرفقاً بـ 7 ملائكة خاضعة للرب الأعلى، بحسب شبكة ‘بي بي سي’ الإخبارية.
ويعتبر الملك طاووس عند الإيزيديين تجسيداً لذات الإله ولا ينفصل عنه، لذا فإن هذه الديانة تعتبر من الديانات التوحيدية.
ويصلي الإيزيديون إلى الملك طاووس 5 مرات يومياً، كما أن عندهم له تسمية أخرى هي ‘شيطان’، الأمر الذي عرضهم للاضطهاد والاستهداف، نظراً لأن كلمة ‘شيطان’ ترتبط بإبليس عند المجتمعات العربية، وبالتالي يعتقد خطأً أنهم ‘عبدة الشيطان’، بحسب شبكة ‘ سي بي اس’.
وتشير الممثلة الخاصة السابقة للمجتمعات المسلمة، في إدارة وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون ووزير الخارجية الحال جون كيري، فرح بانديث، إلى أنه ‘تجد الكثير من الصفات المشتركة بين الإيزيدية وغيرها من الأديان، بما في ذلك الإسلام والمسيحية، لكنها تبقى ديانة مستقلة بذاتها، ولها إيمانها الخاص، وتعاليمها هي ما يقوم به الإيزيديون منذ آلاف السنين’، بحسب ‘سي بي اس’.
إلى جانب ربط تعاليمهم بعبادة الشيطان، يواجه الإيزيديون الاضطهاد لسبب آخر أيضاً، هو الفهم المغلوط لحقيقة تسميتهم، حيث يعتقد المتشددون من السنة، أمثال تنظيم الدولة الإسلامية، أن هذا الاسم يرجع إلى ثاني حكام الدولة الأموية، يزيد بن معاوية (647-683 ميلادية).
إلا أن دراسة حديثة أظهرت أن هذه التسمية لا علاقة لها بهذا الخليفة الأموي، أو حتى بمدينة يزد في فارس، بل هي مشتقة من الكلمة الفارسية ‘إيزيد’ والتي تعني الملاك أو الإله، لذا فإن اسم الإيزيديين ببساطة يعني ‘عبدة الرب’، وهو ما يعمد الإيزيديون من خلاله إلى وصف أنفسهم، بحسب شبكة ‘بي بي سي’.
ويعرف إله الإيزيديين الأعظم باسم ‘ئيزدان’، ويحظى بمكانة عالية لديهم بحيث لا يمكن عبادته بشكل مباشر، ويعتبرونه صاحب قوة كامنة، فمع أنه هو خالق الكون إلا أنه ليس حارسه.
ومن أبرز طقوسهم الدينية الدعاء، وهو لثلاث فترات، مع شروق الشمس وغروبها، يدعو فيه الإيزيديون بالخير والسلام للبشرية جمعاء عامة ومن ثم لهم، بحسب موقع ‘آي 24’.
و’مصحف رش’ هو كتاب الإيزيديين المقدس، ويطلق عليه أيضاً تسمية ‘الكتاب الأسود’، إلى جانب كتاب ‘الجلوة’ لعدي بن مسافر، وأما الأماكن والمواقع المقدسة لديهم فهي وادي لالش في العراق، حيث الضريح المقدس للشيخ عدي، ويذهبون إليه للحج.
ويصوم الإيزيديون في السنة أكثر من مرة، ويدعوهم دينهم للصيام طول السنة، فللإيزيدي الصوم متى يشاء، ولكن هناك صوم عام يسمى صوم ‘إيزي’، أي صيام الله لمدة 3 أيام، يصادف غالباً شهر ديسمبر(كانون الأول)، لأن الإيزيديين يتبعون التقويم الشرقي القديم، وفي هذه الأيام الثلاث، يصومون عن كل ملذات الدنيا، وفي اليوم الرابع بعد الصيام يصادف العيد المسمى ‘رۆژيێت ئيزي’، وفقاً للموقع.
ويقدّر عدد الإيزيديين في العالم بحوالي 2.5 مليون نسمة، موزعين على عدد من الدول، خاصة تركيا وإيران وجورجيا وأرمينيا، ولغتهم الأم هي الكردية، وهي لغة صلواتهم وأدعيتهم وطقوسهم وكتبهم الدينية، ولكنهم يتحدثون العربية أيضاً.
ويعتبر الأمير تحسين بك من كبار شخصيات الديانة الإيزيدية في العراق والعالم.
وفي العراق تحديداً، حيث يشن داعش هجماته، يبلغ عدد الإيزيديين حوالي 350 ألف نسمة، يعيش معظم أفرادها في الشمال، قرب الموصل ومنطقة جبال سنجار والقرى المحيطة بها، وكذلك قضاء زمار، ويشكلون 70% من سكان قضاء سنجار، حيث يبلغ عددهم 24 ألف نسمة.
وفي المناطق النائية جنوب شرقي تركيا على الحدود مع العراق وسوريا، بدأت الحياة تدب من جديد في قراهم التي كانت مهجورة في السابق، وبدأت تشهد بناء منازل جديدة من قبل تلك المجتمعات أنفسهم.
وتعرض أتباع الديانة الإيزيدية على مر التاريخ للاضطهاد والمجازر، بسبب فتاوي التكفير والخروج عن الدين، بدءاً من أيام مير جعفر الداسني، إلى حملات القرنين السادس والسابع عشر، ومن ثم حملات ولاة بغداد العثمانيين، مروراً بحملات الأنفال في العراق، خلال فترة 1963 -2007 وفتاوي المتطرفين، وإحلال هدر دم الإيزيديين ونكبة سنجار أغسطس(آب) 2007.
وتفيد بروفيسورة الدراسات الكردية بجامعة ‘إيكسيتر’، كريستين أليسون، أن ‘الإيزيديين تعرضوا للاستهداف بعد رفضهم الانضمام لصفوف الجيش العثماني’.
وفي 1892، شن العثمانيون حملة لتحويل الإيزيديين عن دينهم، ما أسفر عن مقتل الآلاف منهم، والاستحواذ على دار عبادة لهم، ناهيك عن إجبار أمير إيزيدي على التحول إلى الدين الإسلامي، وفقاً لشبكة ‘سي بي اس’ نيوز.
وتحت حكم صدام حسين، أصبح الإيزيديين نشطون تحت ‘الحركة الوطنية الكردية’، لكنهم استهدفوا مجدداً، إلى جانب الأكراد، من قبل صدام وسياساته.
ويعتبر أسوأ ما يصيب معتنق الإيزيدية أن يُطرد من مجتمعه، حيث إن ذلك يعني أن روحه لا يمكن لها أن تتجدد، لذا فإن اعتناق ديانة جديدة يعد أمراً غير وارد.
وكما هو الحال مع ديانات الأقليات الأخرى في المنطقة، كالدروز والعلويين، لا يعتنق ديانة الإيزيدية إلا من ولد بها، ولا يمكن اعتناقها دون ذلك.
وعلى الرغم مما يواجهونه من تضييق واضطهاد لقرون، فإن الإيزيديين لم يتركوا دينهم أبداً.
وإذا ما طرد متطرفو تنظيم الدولة الإسلامية الإيزيديين من العراق وسوريا، فإن هناك احتمالية أكبر لأن يستقروا في مناطق جنوب غربي تركيا، حيث يمكنهم هناك أن يمارسوا معتقداتهم في سلام.
يذكر أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمر قواته بالتدخل في العراق بعد علمه بالإبادة الجماعية التي تعرضت لها أقلية الإيزيديين، حيث وجه ضربتين جويتين على مواقع تنظيم ‘الدولة الإسلامية’ شمال العراق.
كما قامت طائرات عسكرية أمريكية بإلقاء حاويات تضم ماء وعشرات الآلاف من رزم المواد الغذائية لآلاف المواطنين العراقيين المهدّدين من قبل الدولة الإسلامية (داعش) في جبل سنجار، ووصلت قوات من ‘البيشمركة’ إلى الأماكن التي ألقيت فيها المساعدات الغذائية بهدف توزيعها على المحتاجين.
ولكن ليس واضحاً بعد ما إذا كانت هذه الغارات أو المساعدات ستكون كافية لإنقاذ آلاف الإيزيديين الذين يهددهم داعش، لا سيما وأن متشددي تنظيم ‘الدولة الإسلامية’ يهددون بقتل أكثر من 300 أسرة من الأقلية العرقية الإيزيدية، ما لم يعتنق أفرادها الإسلام.