ضغوط أميركية وأوروبية لدفع إسرائيل لمفاوضات الحل النهائي
تسعى الولايات المتحدة الاميركية الى عقد مفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين تتناول قضايا الحل النهائي وفي مقدمتها اللاجئون والقدس.
وذلك من خلال الجولات التي يقوم بها وزير الخارجية الامريكية جون كيري. وقد استبقت اسرائيل الجهود الامريكية لرفض نقاط عديدة فيما سمي «بمشروع كيري» الذي وصفه نتنياهو باللاأخلاقي وقد سارعت دول الاتحاد الاوروبي بفرض شكل من المقاطعة على اسرائيل.
في واقعة تعتبر الاولى من نوعها، هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وزير الخارجية الأميركي جون كيري على خلفية تصريحاته التي ادلى بها في ميونيخ مؤخرا، والتي قال فيها، إن أمن اسرائيل مجرد وهم ملوحا بالمقاطعة ضدها في حال بدت رافضة للسلام. وعدّ نتنياهو ما وصفها بمحاولات فرض المقاطعة الاقتصادية على إسرائيل بانها غير أخلاقية وغير مبررة و لن تحقق هدفها.
ونقلت صحيفة «يديعوت احرونوت «في موقعها على الإنترنت عن نتنياهو قوله، إن دعوات التهديد بالمقاطعة بما فيها الدعوات التي أطلقها وزير الخارجية الاميركي جون كيري ستؤدي إلى تمسك الفلسطينيين بمواقفهم وبالتالي الى ابعاد فرص السلام. وأكد نتنياهو، ان أي ضغط لن يدفع به الى التنازل عن المصالح الحيوية لإسرائيل وعلى رأسها أمن مواطني اسرائيل، على حد تعبيره.
بدوره ندد وزير الشؤون الاستخباراتية الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، بتصريحات وزير الخارجية الأمريكي التي ادلى بها ووصفها بغير المحتملة والضارة مشيراً إلى استحالة إدارة إسرائيل للمفاوضات تحت التهديد، على حد قوله.
أما وزير البناء والإسكان الإسرائيلي اوري ارييل، فرد بالقول، إن الأمر الوحيد الذي يعدّ وهماً هو شعارات السلام التي جاء كيري لتسويقها هنا ، مشيراً إلى أن الفلسطينيين لم يحلموا بوسيط «متزن» كهذا على حد تعبيره .
وكان وزير الخارجية الأمريكي حذر في تصريحات ادلى بها بالأمس اسرائيل تبدد الهدوء الأمني القائم حال فشلت المفاوضات بالاضافة الى اتساع دائرة المقاطعة؛ ما عدّته الأخيرة تهديداً مبطناً.
تخوف من تداعيات حملة
مقاطعة أوروبا لمنتجات المستوطنات
تحاول الحكومة وأوساط الأعمال في إسرائيل تفادي حملة تطالب بمقاطعة منتجات المستوطنات وأنشطتها التي قد تؤدي الى عقوبات محتملة من الاتحاد الاوروبي شريك اسرائيل التجاري الاول.
«إن المقاطعة الأوروبية المتزايدة بدأت تشكل خطرا كبيرا، وأن هذه الحالات تسلط الضوء على الخطر والمشاكل التي تتعرض لها إسرائيل بسببها، وبالرغم من أن القرار ليس حكوميا إلا أنه صدر من شركات خاصة وكبيرة ولا يوجد للحكومات أي تأثير أو التصرف ضد هذه الشركات، ونعتقد أن هذه المقاطعة ستتوسع «. هذا ما ذكره موقع «والا» العبري نقلا عن مسؤول سياسي إسرائيلي.
من جانبها قالت «زهافا غال اون» رئيسة حزب ميرتس الإسرائيلي: «أدعو رئيس الوزراء نتنياهو لوقف دفن رؤوسنا في الرمال وعلى الفور وتجميد الاستيطان بصورة كاملة».
وأضافت غال أون «أن مثل هذه القرارات ستحول إسرائيل لدولة منبوذة كما تم سابقا عزل كوريا وجنوب أفريقيا»، إن العالم يفقد صبره وخطر المقاطعة على إسرائيل يزداد يوما بعد يوم».
أما المؤرخ الاسرائيلي المعروف زئيف ستيرنهيل الخبير في شؤون الفاشية في اوروبا قال في مقال نشرته صحيفة هآرتس: ان «معاداة السامية ليست الدافع وراء حملة مقاطعة المستوطنات التي تتسع في اوروبا،
بل ان المقاطعة هي اولا نوع من الانتفاضة على الاستعمار والفصل العنصري السائدين في الاراضي الفلسطينية»، معتبرا ان «هذا الرأي يشاطره افراد من جميع اطياف الساحة السياسية، بما في ذلك اشخاص يحتقرون معاداة السامية ويدعمون اسرائيل بالكامل».
وكما ذكرت وكالة «سما» الاخبارية، فقد انعكس اتساع تأثير حركة المقاطعة في اعلان الممثلة الاميركية سكارليت جوهانسون قرارها التخلي عن دورها كسفيرة لمنظمة اوكسفام البريطانية الذي اعتبر «غير متلائم» مع ترويجها لشركة صودا ستريم الاسرائيلية التي تملك مصنعا في الضفة الغربية المحتلة.
وافادت صحيفة هآرتس ان الحكومة المنقسمة حول هذه المسألة ستعقد اجتماعا استثنائيا في الاسبوع المقبل.
ونشرت يديعوت احرونوت، الصحيفة الاسرائيلية الاوسع انتشارا، اطارا يذكر حوالى عشر شركات عامة وخاصة قطعت علاقاتها مؤخرا مع شركات اسرائيلية بسبب مساهمتها في الاستيطان.
وحذر وزير المالية الاسرائيلي يائير لابيد هذا الاسبوع من الاسوأ في حال فشل مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، وكشف عن خلاصات تقرير وضعته اجهزته حول عواقب مقاطعة جزئية من طرف الاتحاد الاوروبي الذي يمثل ثلث تبادلات اسرائيل.
واشارت الدراسة الى ان «الصادرات قد تتراجع بحوالى 20 مليار شيكل سنويا (4,2 مليار يورو) واجمالي الناتج الداخلي بحوالى 11 مليار شيكل سنويا» (حوالى 2,3 مليار يورو من 190 تقريبا)، على ما افاد لابيد، مضيفا ان «9800 موظف قد يسرحون على الفور».
وقال «اننا في مرحلة فاصلة في حركة المقاطعة، علينا التحرك بشكل طارئ»، متحدثا عن سابقة نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا.
لكن وزير العلاقات الدولية يوفال ستاينيتز اكد ان «اسرائيل تملك الادوات لمنع حصول مقاطعة».
وحث حوالى 100 رجل اعمال اسرائيلي مؤخرا رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو على اغتنام فرصة الجهود الاميركية للتوصل الى السلام مع الفلسطينيين حيث حذره بعضهم من اتساع مدى المقاطعة.
وقامت شركات اسرائيلية بنقل انشطتها المثيرة للجدل بلا اثارة الانتباه من الضفة الغربية الى اسرائيل، لكن هذا التوجه ما يزال محدودا بحسب وسائل الاعلام الاسرائيلية.
وفي تقرير حول صودا ستريم بعنوان «دراسة حالة لانشطة الشركات في المستوطنات الاسرائيلية» اشارت منظمة «من يستفيد من صناعة الاحتلال الاسرائيلية» الى المكاسب المالية الكبيرة ولا سيما الضريبية التي تحصل عليها الشركات الناشطة في المستوطنات.
وتذكر الوثيقة الصادرة في 2011 بعيد دخول صودا ستريم الى البورصة الاميركية مقابلة مع مؤسس الشركة بيتر وايزبرغ يبرر فيها اختيار موقع ميشور ادوميم في الضفة الغربية المحتلة عام 1996 لاقامة المصنع الرئيسي بانه «صفقة جيدة وليس تحركا سياسيا». ويقر طلب الانضمام الذي قدمته الشركة الى سلطات البورصة الاميركية بمخاطر المقاطعة و»الدعاية السلبية» الناجمة عن اختيار الموقع لكنها اوضحت ان نقل المصنع مكلف و»كفيل بتقليص المكاسب الضريبية التي نستفيد منها حاليا».
الخارجية الإسرائيلية
تعترف بعجزها عن مواجهة المقاطعة
اعترفت الخارجية الإسرائيلية بعجزها عن مواجهة موجة المقاطعة، مشيرة إلى أنها تستخدم الوسائل السياسية والقضائية لمكافحتها، لكنها تؤكد أنها غير فعالة حيال الشركات الخاصة.
فقد أوضح تقرير لموقع «واي نت» العبري أن الخارجية الإسرائيلية تمارس ضغوطا على حكومات أوروبية كي تقف في وجه دعوات مقاطعة إسرائيل، موضحا أنه تم تحقيق عدة نجاحات في هذا الجانب، ملمحا إلى أن المفاوضات منحت مرونة لإسرائيل وساعدتتها في التصدي للمقاطعة.
وقال التقرير إن وزارة الخارجية تعترف بأن إسرائيل عاجزة عن مواجهة المقاطعة التي تبادر إليها الشركات الخاصة، معتبرة أن مواجهتها حرب خاسرة. وينقل عن مسؤول في الخارجية قوله أنه من العبث إطلاق حملة مضادة لمقاطعة منتجات المستوطنات.
ويضيف التقرير أن إسرائيل نجحت حتى الآن في كبح عدة مبادرات للمقاطعة. ويشير إلى أنه حتى في البلدان التي تعتبر شعوبها غير ودية اتجاه إسرائيل لم يتم بعد سن قوانين للمقاطعة، لكن وزارة الخارجية لا تستبعد أن يبادر سياسيون للدفع بقوانين للممقاطعة في ظل ما اسمته «موجة العداء الجارفة لإسرائيل».
ويذكر التقرير أن وزير المالية، يئير لابيد، استعرض في مؤتمر الأمن القومي الاسرائيلي الذي عقد الأسبوع الماضي نتائج بحث أجري حول المقاطعة . وقال لابيد في كلمته إن تفجر المفاوضات من شأنه يلحق ضررا بالصادرات بحوالي 20 مليار شيكل. كما توقع أن يرد الاتحاد الأوروبي على فشل المفاوضات بإلغاء الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ما يعني خسارة 3.5 مليار شيكل.
وأوضح البحث الذي استعرضه لابيد أن قطاع الزراعة سيعاني من تراجع في الصادرات، مشيرا إلى أن شبكات تغذية أوروبية خاصة في بريطانيا والدول الاسكندنافية تطبق الحظر على منتجات المستوطنات.
وقدم لابيد قائمة بالشركات والمؤسسات التي تطبق المقاطعة، ومنها: منظمة العمال الإيرلندية، ونقابة المعلمين الإيرلندية التي تطبق حظرا على الجامعات الإسرائيلية، ونقابة عمال بريد كندا، وومنظمة التعليم الأمريكية التي أعلنت انضمامها للمقاطعة الأكاديمية لإسرائيل، إلى جاب صندوق التقاعد النرويجي الذي قرر بيع اسهمه في شركة «إلبيت» بسبب دورها في بناء جدار الفصل، وصندوق التقاعد الهولندي الذي أعلن مقاطعة البنوك الإسرائيلية، وشركة المياه الهولندية التي أعلنت مقاطعة شركة المياه الإسرائيلية «مكوروت»، وشبكة تسويق بريطانية كبيرة.
«يديعوت احرونوت» تنشر
اسماء دول ومؤسسات اقتصادية تقاطع إسرائيل
نشرت صحيفة ‹يديعوت احرونوت› قبل أيام أسماء المؤسسات الاقتصادية والدول التي تقاطع إسرائيل وليس فقط المستوطنات.
وأوضحت الصحيفة أن صندوق التقاعد الحكومي في النرويج باع أسهمه في شركة ‹البيت معرخوت›، كما قرر صندوق الاستثمار الحكومي عدم الاستثمار في شركتي ‹أفريقا إسرائيل ‹ و›دانيا سيبوس›.
وأشارت إلى أن شركة القطارات الحكومية في ألمانيا انسحبت من إقامة خط سكة حديدية لأنها تمر من الأراضي المحتلة، فيما الغي معرض ‹تل أبيب المدينة البيضاء› في بلجيكا، وأعاد مهرجان الأفلام في اسكتلندا منحة قدمتها السفارة الإسرائيلية.
ولفتت الصحيفة أن بلدية ميركويل في استراليا أعلنت مقاطعة إسرائيل والشركات التي تتعامل معها، كذلك مقاطعة البرتقال ‹جافا› وشوكولاتة ‹مكس برنر›.
وبينت أن شركة المياه الحكومية في هولندا أعلنت عن مقاطعة شركة المياه الإسرائيلية ‹مكوروت›، كما قاطع صندوق التقاعد ‹pggm› البنوك الإسرائيلية، وفي جنوب إفريقيا أعلنت وزيرة الخارجية أن وزراء الحكومة يقاطعون إسرائيل ويرفضون زيارتها، فيما دعا مجلس التجارة إلى مقاطعة معدات إسرائيلية.
وأوضحت الصحيفة أن شبكة السوبر ماركت التعاونية في بريطانيا تقاطع بضائع المستوطنات، كذلك شبكة ‹ماركس أند سبنسر› منذ العام 2007، فيما أعلنت نقابة العمال في ايرلندا عن مقاطعة منتجات وخدمات إسرائيلية، وأعلنت نقابة المعلمين دعمها للمقاطعة الأكاديمية لإسرائيل.
وفي كندا، تبنت نقابة موظفي البريد مقاطعة إسرائيل، ونظمت الكنيسة البروتستنتية حملة لمقاطعة المستوطنات، كما أعلنت الجمعية لدراسات الولايات المتحدة (asa) في أميركا عن مقاطعة إسرائيل أكاديميا، وسحب صندوق التقاعد ‹tia kref› استثماراته من شركة جرارات لبيعها معدات للبناء في المستوطنات.
بنوك أوروببة كبرى تقاطع البنوك الإسرائيلية
أعلنت إدارة بنكين أوروبيين يعد ان من أكبر البنوك في شمالي القارة مؤخرًا نيتهما مقاطعة البنوك الاسرائيلية «مزراحي- طفحوت»، «بوعليم» و»ليئومي»، على خلفية نشاطاتهم في المستوطنات، حيث يصنفها الاتحاد الأوروبي كغير قانونية وتضر بمسيرة التسوية.
وذكر موقع «والا» الاسرائيلي أن بنك «نوردا» السويدي هو البنك الأكبر في الدول الاسكندينافية وبنك «دنسكا بانك» الأكبر في الدنمارك يخدمان 16 مليون زبون في أرجاء أوروبا وتقدر قيمة ممتلكاتهما بمئات مليارات الدولارات، ويعد ان من بين أكبر 500 شركة في العالم.
وأوضح ان البنكين قد أعربا عن نيتهما فرض مقاطعة على البنوك الإسرائيلية المذكورة على ضوء تورطها في نشاطات بخلاف القانون الأوروبي.
وفي أعقاب هذا الإعلان نقل الموقع عن مصدر إسرائيلي مسئول قوله، إن المقاطعة الأوروبية أصبحت أخطر من أي وقت مضى، وهي آخذة في الازدياد.
وذكر مصدر رسمي إسرائيلي أن اسرائيل لا تستطيع أن تقدم احتجاجا للحكومات الأوروبية بسبب مقاطعة البنوك، لأنها شركات خاصة لا تستطيع الحكومات إرغامها على التعامل مع البنوك الإسرائيلية.