تقرير أممي: طرفا النزاع في سوريا ارتكبا انتهاكات جسيمة ضد الأطفال
قال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في تقرير ان جماعات المعارضة المدعومة من الغرب في سوريا تجند الاطفال اللاجئين في الدول المجاورة وان قوات الحكومة السورية تحتجز الاطفال الذين لهم صلات بالمعارضة وتعذبهم. في سياق آخر، أبلغ مدير المخابرات الوطنية الامريكية جيمس كلابر الكونجرس أن الاتفاق الذي أبرم العام الماضي للتخلص من الاسلحة الكيماوية السورية جعل الرئيس بشار الاسد في وضع أقوى ولا فرصة تذكر فيما يبدو لان تتمكن المعارضة قريبا من حمله على ترك السلطة. وأفادت مصادر متطابقة ان سوريا لم تحترم التزاماتها الدولية في مجال تدمير ترسانتها الكيميائية ولم تحترم المهلة التي انتهت أمس الاربعاء لنقل 1200 طن من العناصر الكيميائية خارج اراضيها، فيما تحدث نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد عن «صعوبات» تواجهها بلاده «في اطار مكافحتها للارهاب قد تحول دون تنفيذ» بعض التزاماتها في عملية نقل وتسليم اسلحتها الكيميائية، مجددا في الوقت نفسه المضي من اجل «التنفيذ التام» لهذه الالتزامات.
ووجد التقرير الدولي أن قوات الحكومة السورية مسؤولة الى حد بعيد عن انتهاكات جسيمة ضد الاطفال في المراحل الاولى للنزاع المستمر منذ قرابة ثلاثة أعوام ثم مع اشتداد النزاع وتمكن المعارضة المسلحة من زيادة تنظيم صفوفها ارتكبت بدورها عددا متزايدا من الانتهاكات ضد الاطفال.
وقال بان في التقرير المؤرخ في 27 كانون الثاني ونشر على الانترنت الثلاثاء «المعاناة التي تكبدها الاطفال في الجمهورية العربية السورية منذ بدء النزاع كما يوثقها هذا التقرير لا توصف ولا يمكن قبولها».
واتهمت الامم المتحدة جانبي النزاع من قبل بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد الاطفال لكن هذا اول تقرير يقدم لمجلس الامن الدولي يعرض بالتفصيل مدى استفحال المشكلة. ويتناول التقرير الفترة من أول اذار 2011 الى 15 تشرين الثاني 2013. وقال بان ان جماعات المعارضة المسلحة تجند الاطفال وتستخدمهم في أدوار مساعدة وفي القتال. وقال تقرير بان ان الامم المتحدة تلقت من داخل سوريا «تقارير متواصلة عن قيام جماعات مرتبطة بالجيش السوري الحر بتجنيد الاطفال واستخدامهم» لكن ذلك لم يتم كسياسة معتمدة أو بصورة منهجية. ولم ترد للامم المتحدة تقارير تفيد بالتجنيد الرسمي للاطفال على أيدي القوات الحكومية. وقال بان ان القوات الحكومية «مسؤولة عن اعتقال الاطفال واحتجازهم تعسفيا وتعذيبهم للظن أنهم مرتبطون بالمعارضة او لارتباطهم فعليا بها واستخدام الاطفال كدروع بشرية».
إلى ذلك، قال مدير المخابرات الوطنية الامريكية جيمس كلابر «الاحتمالات في الوقت الحالي تشير الى أن الاسد أصبح الان في وضع أقوى فعليا عما كان عليه عندما ناقشنا الموضوع العام الماضي بفضل موافقته على التخلص من الاسلحة الكيماوية مع بطء هذه العملية». وقال كلابر ان حكومة الاسد ستظل في السلطة على الارجح في غياب اتفاق دبلوماسي على تشكيل حكومة انتقالية جديدة وهو ما يعتبره كثير من المراقبين أمرا بعيد المنال. وقال للجنة المخابرات بمجلس النواب «اتوقع استمرار الوضع الحالي لفترة أطول.. حالة من الجمود المستمر حيث لا يستطيع لا النظام ولا المعارضة تحقيق انتصار حاسم».
واعلن مايكل لوهان الناطق باسم منظمة حظر الاسلحة الكيميائية ان الوضع «واضح» و»لا مجال لمزيد من التعليق». واضافة الى 700 طن من العناصر الكيميائية الاكثر خطورة التي كان يفترض ان تكون نقلت خارج الاراضي السورية في 31 كانون الاول، كان من المفترض ايضا ان تكون 500 طن اضافية من العناصر الكيميائية المصنفة «من الفئة الثانية» قد اخرجت أمس. لكن لم تغادر الاراضي السورية سوى شحنتين من العناصر الكيميائية في السابع والسابع والعشرين من كانون الثاني عبر ميناء اللاذقية. ونقلت وكالة الانباء الرسمية (سانا) عن المقداد قوله ان «الصعوبات التي تواجه سورية، لا سيما في اطار محاربتها للارهاب قد تحول بين وقت واخر دون تنفيذ بعض الالتزامات». واضاف «على الدول الداعمة للمجموعات الارهابية المسلحة أن تعي أنها تقوم بجرائم ضد الانسانية»، مشيرا الى انه «لا يمكن التساهل على الاطلاق عندما يتعلق الامر بنقل الاسلحة الكيميائية من سورية الى خارجها». واكد المقداد مضي بلاده «بكل عزم وقوة ومصداقية من أجل التنفيذ التام للاتفاقيات مع الامم المتحدة ومنظمة حظر الاسلحة الكيميائية».
في سياق آخر، أعلنت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) التابعة للامم المتحدة أمس انها بدأت حملة تلقيح ضد شلل الأطفال في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق الذي تحاصره القوات النظامية السورية منذ أشهر. وقال المتحدث باسم الوكالة كريس غانيس ان «الأونروا نقلت عشرة الاف لقاح ضد شلل الأطفال الى مخيم اليرموك». وتم في الاونة الاخيرة ادخال دفعات عدة من المساعدات الغذائية الى المخيم الذي يخضع لحصار خانق منذ اشهر ويعيش فيه نحو 18 الف شخص. وشاركت في العملية منظمات تابعة للامم المتحدة بالتنسيق مع السلطات السورية، وبعد وفان نحو تسعين شخصا على الاقل داخل المخيم بسبب نقص الغذاء وعدم وجود الرعاية الطبية الملائمة، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان وناشطين.
على الأرض، عقدت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ولواء «صقور الشام» الاسلامي المقاتل ضد النظام في سوريا اتفاق هدنة يقضي بوقف الاقتتال الدائر بينهما منذ اسابيع في شمال سوريا، بحسب نص الاتفاق الذي نشر على مواقع الكترونية أمس. وياتي ذلك في وقت تخوض كتائب مقاتلة بينها «الجبهة الاسلامية» التي ينتمي اليها «لواء صقور الشام» معركة ضارية ضد «الدولة الاسلامية» منذ مطلع كانون الاول في مناطق عدة، ما تسبب بمقتل حوالى 1500 شخص.