سياسيون: غياب الأردن عن المفاوضات يثير القلق
كالة الناس –
قال سياسيون إن الأردن “قلق”، مما يجري حالياً في المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ أجمعوا أنه من “الضروري” وجود المملكة على طاولة المفاوضات، نظرا لمصالحها العليا المتعلقة بقضايا الوضع النهائي كالحدود والقدس وحق العودة واللاجئين.
وشدد هؤلاء السياسيون، في حديثهم لـ”الغد”، على ضرورة أن يطالب الأردن بوجوده في المفاوضات، إذ “لا يجوز أن يكون واقفا على حافة المفاوضات وجاهلا بما يجري فيها”.
وأشاروا إلى تأكيد جلالة الملك عبدالله الثاني بأن الأردن سيواصل دوره في دعم مسار مفاوضات السلام بما يحمي مصالحه العليا، خصوصا تلك المرتبطة بقضايا الوضع النهائي.
وكان جلالته قال، خلال استقباله أول من أمس وزير الخارجية الأميركي جون كيري، “إن الأردن مستمر في دعم جهود تحقيق السلام، وسيواصل دوره في دعم مسار مفاوضات السلام استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين ومبادرة السلام العربية، وبالتنسيق مع جميع الأطراف، وبما يحمي مصالحه العليا، خصوصا تلك المرتبطة بقضايا الوضع النهائي”.
واعتبر وزير الخارجية الأسبق، مدير المركز الملكي للدراسات الدينية، الدكتور كامل أبوجابر أن صاحب القرار الأساسي في شأن المفاوضات هم الفلسطينيون والأردنيون، كممثلين للعرب، لأن قضية فلسطين لا تهم الشعب الفلسطيني وحده، بل الأمة الاسلامية والعربية وبالذات الأردن.
وقال إن الأردن لها ارتباطات تاريخية وجغرافية وديمغرافية مع فلسطين، مضيفاً إن ما يحدث في فلسطين ينعكس مباشرة “لحظة حصوله” على الأردن، لذا فالأصل أن تكون المملكة على طاولة المفاوضات في حال كانت “جدية”.
وأوضح أن الأردن، وبحسب معاهدة السلام الموقعة مع إسرائيل العام 1994، “معني بالشأن الفلسطيني، وحتى إسرائيل اعترفت بذلك”، مؤكداً أن المعاهدة “أعطت الأردن الحق برعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، ولا يجوز أن يكون الأردن واقفا على حافة المفاوضات، وجاهلا بما يجري فيها”.
وشدد على ضرورة أن يكون الأردن “لاعبا أساسيا في المفاوضات التي تهم شعبه أيضا”، فنحن نتحدث عن مسائل مهمة ومحورية كالحدود والقدس واللاجئين.
وأشار أبوجابر إلى أن إسرائيل تلوح بوضع قواتها على طول نهر الأردن، وهذا ما ترفضه المملكة، “فجار الأردن هو فلسطين وليس إسرائيل”.
وبخصوص مراعاة المفاوضات للمصالح الأردنية العليا ومدى ثقة الأردن بذلك، قال أبوجابر “ننتظر من الجانب الفلسطيني أن يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، كما أنه من الضروري أن تطالب المملكة بوجودها في المفاوضات”.
وأشار إلى “حقوق الأردنيين من أصل فلسطيني، سواء منهم من أصبح أردنياً أو بقي لاجئاً”، فهؤلاء لهم حقوق في المياه والأرض.
كما أن الدولة الأردنية، التي كان لها السيادة على الضفة الغربية حتى العام 1967، “لها حقوق”، حسب أبوجابر، الذي أضاف إن الأردن اعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، “لكن هذا لا يلغي أن له حقوقا وعليه واجبات”.
ولفت إلى أنه ما يزال بالأردن أكثر من 10 مخيمات رسمية للاجئين الفلسطينيين، مؤكداً أن الأردن له الحق بالدفاع عن الفلسطينيين المتواجدين على أرضه.
وقال أبوجابر “إن الضفة الغربية لا تزال لغاية اليوم، وفقا للقانون الدولي، تحت السيادة الأردنية، وأن المجتمع الدولي بأكمله اعترف بهذه السيادة، بحكم القانون، وهو ما يسمى (دي جوري)”.
بينما “اعترفت كل دول العالم بما في ذلك إسرائيل بالسيادة الأردنية على الضفة الغربية، واقعا (أي بحكم الواقع)، وهو ما يسمى بـ(دي فاكتو)”، وفق أبوجابر الذي أكد أن هذا الاعتراف “لم يلغ حين إصدار قرار فك الارتباط”.
ويختلف رئيس الديوان الملكي الأسبق عدنان أبوعودة مع أبو جابر، بشأن هذه السيادة، معتبرا أن “سيادة الأردن على الضفة الغربية انتهت منذ يوم تخليه عن هذه السيادة”، مضيفاً إن موقف المملكة منذ ذاك الحين “هو من أجل التمهيد لإقامة دولة فلسطينية، أي حل الدولتين”.
ورأى أن الأردن معني بهذا الكلام، بسبب جواره مع الدولتين “الإسرائيلية القائمة والفلسطينية المنشودة”، وبالتالي فإن أي اتفاقيات ستنعكس عليه، معتبراً أن هذا الاهتمام الأردني “لا بد منه ولا بد من دعمه”.
وأكد أبوعودة “يجب أن يكون الأردن مطلعا على ما يجري في المفاوضات، كي لا يتأثر سلبا من النتائج، فهو يريد أن يحمي نفسه من النتائج السلبية إن وجدت”، معتبرا أن حل الدولتين هو ليس فقط كلمة بل هي قضايا تتعلق بالفلسطينيين، مثل القدس والحدود والمياه وحق العودة وقضية اللاجئين.
وفيما يتعلق بوضع قوات إسرائيلية على طول نهر الأردن، أوضح أبوعودة أن ذلك يعني “عدم إنسحاب إسرائيل من الضفة الغربية، وبالتالي فإن احتلالها لا يزال قائما”.
وقال إن الأردن في هذه الحالة سـ”يضطر لمواجهة جيش إسرائيل”، بينما يفترض أن معاهدة السلام “أنهت موضوع أي مواجهة بين الجيشين الأردني والإسرائيلي”.
وفيما يخص قضية اللاجئين وحق العودة، أكد أبوعودة ضرورة صون هذا الحق، وإلا فإن الأردن سـ”يتأثر سلباً بذلك، فوضعه مختلف بهذا الشأن عن أي دولة عربية أخرى”.
ولفت إلى الاختلاف بين ما قاله وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة عن المفاوضات بأننا “نحن في غرفة المفاوضات، ولكننا لسنا على الطاولة”، بينما قال رئيس الوزراء الأسبق معروف البخيت “يجب أن نكون على الطاولة، وليس في الغرفة”.
وتابع أبوعودة أن زيارات وزير الخارجية الأميركي جون كيري المتكررة للأردن، تعني “اعترافا منه بعلاقة المملكة بالمفاوضات الجارية، إذ يقوم بإطلاع الأردن على ما يجري في المفاوضات”.
رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، وتعليقا على تأييد مسار المفاوضات بما “يحمي مصالح الأردن العليا”، اعتبر أنها “تعبر عن تأييد حذر”، مؤكداً أنه يؤيد ذلك.
وكان المصري قال، خلال مهرجان ذكرى انطلاق الثورة الفلسطينية الذي أقيم بجمع النقابات المهنية مؤخراً، “إننا في الأردن داعمون ومؤيدون للحق الفلسطيني، وإن عيوننا ستظل مفتوحة لعدم الإخلال بالمصالح الأردنية أو بمستقبل العلاقات بين التوأمين”.
وحول مسار المفاوضات، اعتبر المصري أن ما فهمه بأن كيري يريد وضع مبادئ مقبولة، “لكنها عامة بدون تفصيل”، كالقدس عاصمة لفلسطين، مضيفاً إن ذلك “مقبول، لكن كيري لم يحدد أي قدس”.
وحول ما إذا كان يعتقد بأن الأردن مطلع على تفاصيل المفاوضات، قال المصري اعتقد “نعم مطلعون على الأمور”.
ويضع كيري إطارا عريضا للطرفين للتفاوض، بالإضافة إلى عناوين “مطاطة أو عامة”، وفق المصري الذي أوضح أن ما يجري الآن “ليس مفاوضات، حيث يحاول الأميركان إيجاد إطار عريض يقبل به الاثنان للتفاوض على تفاصيله”.
وقال إن الوزير كيري “يتحدث بتفاصيل عن موضوع الأمن، أما باقي الأمور فتكون عامة مثل القدس والمياه، للتفاوض عليها لاحقا”.
وأشار إلى أمور “غير مقبولة أردنيا وفلسطينيا”، قائلاً “سمعت أن كيري والإسرائيليين يتحدثون عن اعتبار اللاجئين في المملكة أردنيين، بينما بالضفة الغربية فلسطينيون”.
وتساءل المصري “ما هو موقفنا، وموقف الفلسطينيين، لو كان فعلا هذا ما يبحثون به؟”.