الظواهري للمجاهدين : تجنبوا قتل المسيحيين والشيعة !!
وكالة الناس – خطّ زعيم تنظيم «القاعدة» الشيخ أيمن الظواهري رسالة جديدة جاءت بمثابة دستور للمرحلة. استبدل أمير التنظيم العالمي الأسلوب القديم، فأوقف العمل بالنظرية الفقهية القائلة بأن «قتال المرتدّ القريب أولى من قتال الكافر البعيد». ودعا الظواهري علانية إلى اجتناب قتل الشيعة والمسيحيين والهندوس والصوفية من باب «درء المفاسد»، لـ«التفرّغ لضرب الرأس الأمريكي»
رضوان مرتضى
يُبايَع الأُمراء على السمع والطاعة، لكنّ أُمراء الجهاد هنا اختلفوا. لم يرُق لـ«داعش» وساطة زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري لحل الخلاف مع «جبهة النصرة» بـ«إبقاء القديم على قِدمه»، فخرج أمير الدولة أبو بكر البغدادي على أميره مصرّاً على أن «الدولة باقية». جديد الظواهري تجديدٌ في أسلوب عمل التنظيم. إبطالٌ لمنهج التنظيم الأصولي المتشدّد القائل بأنّ «قتال المرتدّ القريب أولى من قتال الكافر البعيد». واستبداله بأسلوب عمل جديد يقول بأن «ضرب الرأس كفيلٌ بتهاوي الأذناب»، بحسب وصف أحد الجهاديين. والتمعّن في قراءة الرسالة الثانية لأمير الجهاد الأصولي، (صدرت الأولى في حزيران الماضي)، والتي حملت عنوان «توجيهات عامّة للعمل العسكري»، يكشف تبدّلاً كبيراً في منهج عمل التنظيم وأسلوب تفكيره. ليس هذا فحسب، يضع البعض مضمون الرسالة في خانة انتقاد عمل «الدولة الإسلامية في العراق والشام» التي تُمعن تقتيلاً في مخالفيها.
هكذا تناقلت المواقع الجهادية منذ أيام مضمون الرسالة الأخيرة للظواهري التي صدرت عن «مؤسسة السحاب للانتاج الإعلامي»، المركز الإعلامي الرسمي المعتمد لدى تنظيم القاعدة الأصولي. تحدّث الظواهري في متن الرسالة عن شقّين يُفترض العمل عليهما في هذه المرحلة، أحدهما عسكري والآخر دعوي. فذكر أنّ العمل العسكري «يستهدف أولًا رأس الكفر العالمي أمريكا وحليفتها إسرائيل، وثانيا حلفاءها المحليين الحاكمين لبلادنا».
ورأى أن «استهداف أمريكا هدفه إنهاكها واستنزافها، لتنتهي لما انتهى له الاتحاد السوفياتي، وتنكفئ على نفسها من خسائرها العسكرية والبشرية والاقتصادية، وبالتالي تخف قبضتها على بلادنا، ويبدأ حلفاؤها في التساقط واحدا بعد آخر». واستشهد الظواهري بما جرى «في الثورات العربية باعتباره دليلاً على تراجع النفوذ الأمريكي»، معتبراً أن «ضربات المجاهدين لأمريكا في أفغانستان والعراق تسببت بإنهاك أمريكا». ورأى أنّه بسبب «تهديد أمن أمريكا منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001، بدأت أمريكا تسمح بتنفيس الضغط الشعبي، فانفجر في وجه عملائها».
وعرج الظواهري في رسالته، التي بدا أنّه يوجهها إلى «الأمة الإسلامية» ذات الهوى القاعدي، على مختلف البلاد التي تشهد صعوداً لنفوذ «القاعدة»، فرأى أن «الصراع في الشام مع عملاء الأمريكان، باعتبارهم لا يسمحون أصلًا بوجود أي كيان إسلامي، فضلاً عن أن يكون جهاديا، وتاريخهم الدموي في السعي إلى استئصال الإسلام معروف مشهود». ورغم تطرّقه إلى الحديث عن «عملاء الأمريكيين الذين يحكمون بلادنا»، وإشارته إلى استهداف عملائها المحليين، إلّا أنّه رأى أن ذلك «يختلف من مكان إلى آخر، والأصل ترك الصراع معهم إلا في الدول التي لا بد من مواجهتهم فيها». فاعتبر أنّ «في أكناف بيت المقدس الاشتباك الرئيسي والأساسي مع اليهود، ويُصبر على الحكام المحليين في سلطة أوسلو قدر الإمكان». كما ذكر أن «الصراع معهم في أفغانستان تابع لقتال الأمريكان». أما في باكستان، فـ «مُكمّل لقتال الأمريكان لتحرير أفغانستان، ثم إنشاء منطقة آمنة للمجاهدين في باكستان، ثم السعي إلى إقامة النظام الإسلامي في باكستان». وقال إن «هدف الصراع في العراق تحرير مناطق أهل السنة من خلفاء أمريكا الصفويين». وفي الجزائر «حيث الوجود الأمريكي قليل وغير ملحوظ، فالصراع مع النظام بغرض إضعافه، ونشر النفوذ الجهادي للمغرب الإسلامي وبلاد الساحل الأفريقي الغربي وبلاد جنوب الصحراء». وفي الصومال، «الصراع مع العملاء باعتبارهم رأس حربة الاحتلال الصليبي».
وخاض الظواهري في توجيهات لـ «المجاهدين»، رأى أنّها «مُلحّة في هذه المرحلة من جلب المصالح ودرء المفاسد»، فدعاهم إلى «عدم مقاتلة الفرق المنحرفة مثل الروافض والإسماعيلية والقاديانية والصوفية المنحرفة ما لم تقاتل أهل السنّة». ورأى أن الرد يجب أن «يقتصر على الجهات المقاتلة منها، مع بيان أننا ندافع عن أنفسنا، وتجنب ضرب غير مقاتليهم وأهاليهم في مساكنهم، وأماكن عبادتهم ومواسمهم وتجمعاتهم الدينية، مع الاستمرار في كشف باطلهم وانحرافهم العقدي والسلوكي». أما في الأماكن التي «تقع تحت سيطرة المجاهدين وسلطتهم، فيُتعامل مع هذه الفرق بالحكمة بعد الدعوة والتوعية وكشف الشبهات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما لا يسبب ضررا أكبر منه، كأن يؤدي إلى طرد المجاهدين من تلك المناطق، أو إلى ثورة الجماهير عليهم».
ودعا إلى «عدم التعرض للنصارى والسيخ والهندوس في البلاد الإسلامية، وإذا حدث عدوان منهم، فيُكتفى بالرد على قدر العدوان، مع بيان أننا لا نسعى إلى أن نبدأهم بقتال، لأننا مشغولون بقتال رأس الكفر العالمي، وأننا حريصون على أن نعيش معهم في سلام ودعة إذا قامت دولة الإسلام قريبا إن شاء الله». كذلك تطرق الظواهري في توجيهاته إلى «الامتناع عن قتل وقتال الأهالي غير المحاربين، حتى لو كانوا أهالي من يقاتلنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا»، والامتناع عن إيذاء المسلمين بتفجير أو قتل أو خطف أو إتلاف مال أو ممتلكات. كذلك دعا إلى «الامتناع عن استهداف الأعداء في المساجد والأسواق والتجمعات التي يختلطون فيها بالمسلمين أو بمن لا يقاتلنا».
أما في العمل الدعوي، فرأى أنّه «يهدف لتوعية الأمة بخطر الغزو الصليبي، وإيضاح معاني التوحيد بأن يكون الحكم لله، وتحقيق الأخوة الإسلامية ووحدة ديار الإسلام كمقدمة لقيام الخلافة»، مشيراً إلى أنّه «يتركّز على جبهتين:
الأولى: توعية وتربية الطليعة المجاهدة، التي تحمل وستحمل عبء إقامة الخلافة.
والثانية تتمثّل بتوعية الجماهير وتحريضها والسعي في تحريكها، لتثور على حكامها وتنحاز للإسلام والعاملين له». ودعا الظواهري المسلمين إلى «اعتبار ضرب مصالح التحالف الغربي الصليبي الصهيوني في أي مكان في العالم من أهم واجباتهم». كما دعاهم إلى «بذل قصارى جهدهم لفك أسارى المسلمين بشتى الوسائل بما في ذلك مهاجمة سجونهم أو خطف الرهائن من الدول المشاركة في غزو ديار المسلمين للمفاداة بهم». ونصح الظواهري بأنه «حيثما أتيحت لنا الفرصة لتهدئة الصراع مع الحكام المحليين لاستغلال ذلك للدعوة والبيان والتحريض والتجنيد وجمع الأموال والأنصار فيجب أن نستثمرها لأقصى درجة، فإن معركتنا طويلة، والجهاد بحاجة لقواعد آمنة، وإمداد متصل من الرجال والأموال والكفاءات».
كذلك تطرّق الظواهري إلى الخلافات مع باقي الجماعات الإسلامية، فقال إنّه «لا يجب أن يخرجنا الخلاف مع الجماعات الإسلامية الأخرى إلى الانصراف عن مواجهة أعداء الإسلام وخصومه عسكريا ودعويا وفكريا وسياسيا»، مشيراً إلى «ضرورة تأييدهم وشكرهم على كل عمل وقول صحيح يصدر منهم، ونصحهم في كل خطأ يبدر منهم، مع الحرص في الرد والنصح على بيان الأدلة بمنهج علمي وقور، بعيدا عن التجريح الشخصي والمهاترات». واعتبر أنّه «إذا تورطت جماعة تنتسب للإسلام في المشاركة في القتال مع العدو الكافر، فيرد عليها بأقل قدر يكف عدوانها، سدا لباب الفتنة بين المسلمين، أو الإضرار بمن لم يشارك العدو».
الاخبار