نددت الولايات المتحدة الاربعاء بالاحداث الدامية في مصر التي تضع واشنطن في حرج متزياد بعد دعمها الضمني لازاحة الرئيس الاسلامي محمد مرسي.
وبعدما اوحى وزير الخارجية جون كيري قبل اسبوعين بانه يدعم تحرك الجيش في 3 تموز/ يوليو لعزل اول رئيس مدني منتخب في مصر، اطل على الصحافة الاربعاء “ليدين بقوة ما حدث اليوم من عنف واراقة دماء في مصر”.
ودان القمع “المؤسف” لانصار مرسي معتبرا ان عملية فض الاعتصام كانت “ضربة خطيرة للمصالحة ولامال الشعب المصري في انتقال ديموقراطي”.
وبعد شهر من التوتر قتل 278 شخصا عند تدخل قوات الامن لفض اعتصامات وتظاهرات انصار مرسي واعلنت مصر حالة الطوارئ في قرار “عارضه” البيت الابيض.
وطالب كيري باستئناف العملية الديموقراطية مشددا على ان “المسؤولية تقع على الحكومة الموقتة والجيش في منع مزيد من العنف وطرح خيارات بناءة من بينها تعديل الدستور وتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية” عام 2014.
وفي المقابل، وبعدما اعرب كيري مرارا في الاشهر الاخيرة عن دعمه للجيش المصري، لم يأت هذه المرة على ذكر المساعدة العسكرية السنوية بقيمة 1,3 مليار دولار التي تقدمها واشنطن للقاهرة.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جينيفر بساكي بشكل مقتضب “اننا نراجع باستمرار علاقتنا (مع مصر) وهذا يشمل المساعدة، لكن ليس لدي ما اعلنه” رافضة التحدث عن “حرب اهلية” في مصر.
وتجد الولايات المتحدة نفسها في موقف حرج منذ بداية الربيع العربي والاطاحة بالرئيس حسني مبارك في شباط/ فبراير 2011. ويرى بعض الخبراء ان واشنطن “واقعة بين فكي كماشة” منذ سنتين ونصف بين جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها محمد مرسي و”الليبراليين المناهضين للاسلاميين” بقيادة الجيش الذي استعاد السلطة بعد عزل الرئيس.
غير ان واشنطن تؤكد في مواقفها الرسمية عدم انحيازها لاي طرف.
وقال حسين ابيش الباحث في مجموعة العمل الامريكية حول فلسطين (امرييكان تاسك فورس فور بالستاين) “ان الولايات المتحدة في وضع دقيق للغاية لانها في الواقع لا تملك سوى القليل من النفوذ ووسائل الضغط”.
وواشنطن التي تحالفت على مدى ثلاثين عاما مع نظام مبارك المتسلط والمؤيد للغرب، تواجه منذ 2011 معضلة ما بين دعم التطلعات الديموقراطية لشريحة من الشعب المصري ومراعاة احد شركائها المقربين في العالم العربي والذي يرتبط مع اسرائيل بمعاهدة سلام.
وقال ابيش لوكالة فرانس برس “ان الامريكيين عالقين بين الاخوان المسلمين والمناهضين للاسلاميين… ويشعرون بانه ليس لديهم حلفاء طبيعيون” سواء من جانب العسكريين او الاسلاميين.
ومع وصول مرسي الى سدة الرئاسة وجدت الدبلوماسية الامريكية نفسها في موقف صعب وتبنت موقفا يدعو الى ارساء الديموقراطية والتنمية في “مصر الجديدة” الاسلامية. وفي اذار/ مارس قدم جون كيري للقاهرة مساعدة اقتصادية بقيمة 250 مليون دولار.
وبعد شهرين، منح القاهرة مساعدة عسكرية بقيمة 1,3 مليار دولار ما يجعل من الجيش المصري المستفيد الثاني من المساعدة الامريكية بعد اسرائيل. وقال كيري بهذه المناسبة “انه افضل استثمار قامت بها اميركا في المنطقة”.
وفي الوقت نفسه ابدى قلقه حيال “المسار” السلطوي الذي يسلكه نظام مرسي ووردت مواقف في واشنطن اوحت بان التحضير جار لتدخل من الجيش.
وفي الاول من اب/ اغسطس في باكستان اعلن كيري في تصريح مدو ان الجيش المصري بعزله مرسي يعمل على “اعادة الديمقراطية” قبل ان يتراجع فيما بعد مطالبا بانتخابات “ديموقراطية”.
وتحرص الادارة الامريكية على الدوام على تفادي الكلام عن “انقلاب” ضد مرسي حتى لا تضطر الى قطع مساعداتها عن القاهرة اذ يفرض القانون الامريكي تعليق اي مساعدة غير انسانية في حال حصول انقلاب عسكري على سلطات مدنية.
ولم يتردد السناتور الجمهوري جون ماكين في التحدث عن “انقلاب” ووجه انتقادا لاذعا الاربعاء الى جون كيري في تغريدة على موقع تويتر كتب فيها “كما كنا نتوقع ونخشى، انها الفوضى في القاهرة. والوزير كيري لم يساعد حين امتدح سيطرة العسكريين على السلطة