مفاجآت وتفاصيل رواية مختلفة: قصة الهروب الكبير من سجن أبو غريب العراقي والمذبحة الإنتقامية في التاجي
Share
لا يغطي الجدل السياسي المحتدم حاليا في مستوى البرلمان العراقي التفاصيل والحيثيات الواقعية المتعلقة بأكبر حادثة هروب من السجون في تاريخ العراق والتي نفذت بحرفية عالية بتخطيط من تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية في بلاد الرافدين.
وإستنادا إلى شهادات حية وميدانية وتوثيقات جمعتها القدس العربي خصوصا من مصادر جهادية حول المسألة وتداعياتها يمكن ترسيم تفصيلات رواية أخرى للحدث متباينة تماما مع رواية حكومة الرئيس نوري المالكي.
وهي جزئيات تكشف واحدة من أكبر عمليات التخطيط للهروب الجماعي من سجن محصن بأحدث التقنيات وأهمها في العصر الحديث حسب المحامي العراقي جبار عزام الذي يزور سجني أبو غريب والتاجي لمتابعة قضايا موكليه من المحكومين العراقيين.
وعنصر المفاجأة الأبرز في السياق يتمثل في الرواية التي قدمها مباشرة للقدس العربي وعبر إتصال هاتفي مسجل أحد السجناء العرب في العراق حيث يصر على أن سجن التاجي وخلافا لكل ما يشاع ويتردد لم تحصل فيه أي عملية فرار جماعية إنما عملية قتل جماعية منهجية إنتقامية طالب المئات من المساجين العرب السنة في سجن التاجي.
وفقا للشاهد الذي تحتفظ القدس العربي بإسمه لإعتبارات أمنية بعدما تم توثيق شهادته عبر اللجنة الأردنية للمعتقلين السياسيين والإسلاميين فإن عملية هروب جماعية مفاجئة ومباغتة وناجحة بإمتياز حصلت فعلا من سجن أبو غريب فيما يمكن القول بأن ما حصل في سجن التاجي لاحقا هو (إنتقام) شديد بالدم والنار من المساجين العرب في هذا السجن ردا على صدمة أبو غريب.
وروى الشاهد أنه سمع بإذنه صرخات المساجين العرب في سجن التاجي وهم يتعرضون لعملية قتل جماعية في باحة السجن وعلى أبوابه مشيرا لإنه تلقى من أهالي موقوفين عراقيين تأكيدات بأن السلطات العراقية تخفي قيام بعض الأجهزة العسكرية والميليشيات الشيعية العراقية بمهاجمة سجن التاجي بعد ساعات فقط من تنفيذ ونجاح عملية الهروب في سجن أبو غريب.
وقال الشاهد نفسه: لم تحصل عملية هروب لا جماعية ولا فردية من سجن التاجي لكن بعد تنفيذ عملية أبو غريب ونجاحها تم فتح أبواب السجن الإلكترونية والحديدية وإيهام السجناء وغالبيتهم الساحقة من المعتقلين العرب بأن السجن قيد الإقتحام حيث كانت إتصالات هاتفية قد حصلت بين فارين من سجن أبو غريب وزملاء لهم في سجن التاجي أبلغت بما حصل.
وفقا لهذه الرواية إعتقد العشرات من نزلاء سجن التاجي بأن تنظيم القاعدة حرر السجن بعد مهاجمته كما حصل في أبوغريب وسادت الفوضى باحات وأروقة وأزقة سجن التاجي وفتحت الأبواب وطلب بعض الحراس من المساجين المغادرة.
وقتها إنقسم السجناء العرب إلى قسمين الأول رفض الخروج إرتيابا بفتح الأبواب فجأة والثاني صدمته الفوضى وبعض المناوشات وصليات الرصاص بالهواء فغادر نحو 200 على الأقل من السجناء العرب غالبيتهم الساحقة من السعودية وتونس والجزائر والسودان والكويت وبعض دول الخليج.
وحسب التفاصسل فوجيء الهاربون في الساحة الترابية أمام أسوار سجن التاجي بالمئات من المسلحين وافراد القوات العراقية يطلقون عليهم النار بشكل عشوائي وجماعي.
نتيجة هذه المذبحة حسب الشاهد الذي نقل ما حصل عن زملاء له قابعون الأن في سجن التاجي بعضهم عراقيون مقتل ما لا يقل عن 150 سجينا عربيا وتحول واجهات السجن إلى اللون الأحمر ووقوع نحو خمسين جريحا يتعرضون الأن للتعذيب وترفض السلطات علاجهم.
وأفاد الشاهد بأن كل الروايات الصادر ة عن ما تبقى من سجن التاجي تشير إلى حقيقة ما وقع فيما لم تحصل عملية هروب فعلية من هذا السجن كما أعقب ما حصل فيه عملية الهروب الجماعية من سجن أبو غريب وكانت الإجراءات مقصودة وإنتقامية تماما في الوقت الذي تحدثت فيه تقارير الحكومة العراقية عن مقتل عدد من السجناء أثناء محاولتهم الهروب.
وقال الشاهد : إنقلوا عني للعالم ..سجن التاجي رائحته مفعمة بالموت فمن لم يسقط قتيلا من بين نحو 400 سجين عربي فيه يخضع حاليا لأبشع أنواع التعذيب وأضاف: موجة جنون إجتاحت قوات حراسة السجون وبعض الميليشات بعد نجاح عملية الهروب في أبو غريب وإنتهت بهجوم عنيف ودموي على نزلاء سجن التاجي.
وقال المحامي عزام للقدس العربي بأن السلطات وضعت على أبواب المشرحة أسماء العشرات من قتلى عملية السجون الأخيرة لكن أحد السجناء الذين تحدثت معهم القدس العربي هاتفيا في سجن أبو غريب في وقت سابق كان قد أفاد بأن السلطات العراقية صادرت جميع الأوراق الثبوتية للسجناء العرب ومنحتهم أسماء جديدة خالية من العائلات وزورت في هوياتهم في سجلات النزلاء.
وقال الشاهد الرئيسي في السياق بأن الحكومة العراقية متكتمة على ردة الفعل الدموية التي حصلت في سجن التاجي حيث قتل كثيرون داخل أروقة السجن ونقلت الجثث وهي مكبلة الأيدي فيما وجه نداء إستغاثة بأسم بقية النزلاء العرب خوفا من تصفيتهم جسديا علما بأن جميع المعتقلين العرب سجنوا بناء على نص في قانون العقوبات العراقي يتحدث عن الإرهاب فيما تم إعتقال الكثير منهم بدون محاكمة حقيقية ولأسباب تتعلق بمخالفة قوانين الإقامة حسب وكيل التنظيمات الجهادية المحامي موسى العبدللات.
ووصف الشاهد ما حصل بسجن التاجي تحديدا بانه (تصفية حسابات) مع المعتقلين العرب السنة بعدما حصل في أبوغريب مؤكدا: سمعنا عبر الهاتف صوت إطلاق النار من زملائنا في التاجي.
وأفادت اللجنة الأردنية لمتابعه السجناء الأردنيين في العراق بوجود ستة أردنيين في لا أحد يعرف مصيرهم في سجن التاجي تحديدا وهم: بلال محمد عبد الهادي, إسماعيل عبد الحميد, أديب مشهور حسن, وعبد القادر محمد وأحمد محمد وعلاء أحمد.
ويذكر ان سجن التاجي في بغداد يحتوي على أكبر تجمع للسجناء العرب المتهمون بالإرهاب أو بمخالفات جنائية .
خطة الهروب من أبو غريب
وفي سياق آخر حصلت القدس العربي من مصادر مقربة جدا من الجهاديين في العراق على بعض تفاصيل ما حصل في سجن أبو غريب حيث تمكن نحو 500 شخص على الأقل من السجناء من الإفلات والهرب بينهم 100 سجين عربي على الأقل جميعهم ينتمون لتنظيم القاعدة.
وبين الهاربين شخصيات من (الصف الأول) في تنظيم بلاد الرافدين التابع للقاعدة, الأمر الذي يفسر مستوى صدمة السلطات العراقية بسبب إتقان وحرفية العملية التي لن يتم الإفراج عن جميع تفصيلاتها إلا بعد تأمين مغادرة المعتقلين الهاربين.
ولم يكشف النقاب بعد عن هوية الشخصيات الأساسية الهاربة من سجن أبو غريب خصوصا من قيادات الصف الأول لإن السلطات العراقية كانت تمنح أعضاء التنظيمات الجهادية السنية أسماء وهمية مما يعقد عملية القبض على الفارين والتي تم تكريس جميع الأجهزة الأمنية لمتابعتها.
وعلمت القدس العربي بان عملية الفرار من أبو غريب كانت معقدة وإستخبارية وطويلة وتم التدرب عليها حيث تضمنت إحداث (شلل تام) في نظام الرقابة الإلكتروني في السجن المحصن قبل تفجير البوابات الرئيسية بعمليات (إستشهادية) ثم الإنتقال للجزء الأهم في خطة الهروب وهو تأمين ونقل الفارين وتنظيم هذه المسألة مما يتطلب إعدادا في منتهى الدقة والمثابرة.
ولإنجاز العملية تم تأمين 12 جهاديا إنتحاريا قاموا بقيادة شاحنات أو سيارات رباعية مفخخة بعبوات ناسفة والحرص على تفجير السيارات في نفس التوقيت لإحداث أكبر مساحة ممكنة من الصدمة للحراس وللمراقبة وللقوة الموجودة في محيط سجن أبو غريب وتعدادها يزيد عن ألف حارس وموظف.
وبعد نجاح عملية التفجير تولت مجموعة أخرى الإشتباك بالنار مع بقايا الحراس فيما حصلت مناوشات داخل السجن بعد إستيلاء بعض المساجين (بترتيب مسبق) على أسلحة بعض الحراس وإطلاق النار من عدة إتجاهات.
لاحقا بعد خروج نحو 500 سجين فعلا وتوزعهم بسرعة كانت بعض الشاحنات جاهزة في مناطق مجاورة لنقل السجناء المحررين وتامينهم إلى جهات غير معلومة حتى الأن.