أبو الطبايخ
في عصر المماليك الذي تم افتتاحه رسميا عشية انهيار الدولة الأيوبية باغتيال شجرة الدر، وانتهى بالإحتلال العثماني للعالم العربي . في ذلك العصر الملتبس ، الحائر بين البطولات الكبرى والهزائم المدويية وبين العلم والجهل وبين وبين وبين…في ذلك العصر لا يهمنا هنا سوى مصطلح (الدوادار)، وربما مصطلح آخر هو(جاشكنيز).
الدوادار ، تعني بلهجة المماليك (التركيةعلى الأغلب) حامل الدواة ، وتعني تحديدا الكاتب . نقصد الكاتب الذي يعمل مع الحكومة للتدوين والتخمين وما بينهما من قضايا تتعلق بالحبر والدواة، والكتابة للولاة وتحديدة قيمة الضرائب ، ناهيك عن تحرير الإتفاقات العلنية والسرية مع الإقطاعيين وغيرها من الأمراء الأقوياء أو الخصوم المنافسين.
أما الجاشكنير ، فهي مهنة رفيعة كانت تطلق على رجل بعينه ، كانت مهمته تقتصر على الأكل من الطعام قبل أن يأكل منه المملوك المناوب ، خشية أن يتم تسميمه، يعني هو ذواق أكل وشرب السلطان ، ليس لغايات التمتع ، بل لغايات التأكد من خلوه من السم. وهذه المهنة لا يقوم بها حاليا سوى مدراء المدارس في اليابان ،الذين يقومون بتناول الوجبة من الطعام الذي يتناوله تلاميذ المدارس قبل نصف ساعة من تقديمه للتلاميذ ، وذلك حتى لا يتم تسميم المستقبل، وقد كتبت عن هذا الموضوع في مقال سابق.
بين الدوار دار والجاشكنير كانت تدور المعارك للإستيلاء على السلطة، التي كانت تنتهي على الأغلب لصالح الجاشكنير ، الذي كان يسمم معلمه ويستولي على السلطة ، ويعين جاشكنيرا جديدا لا يلبث أن يستولي على السلطة بذات الطريقة ، وفي حالات قليلة تمكن الدوار دار من الإستيلاء على السلطة ، لأنه كان يعرف الاعيبها ونقاط ضعف السلطان ويستغلها لصالحه، لحين أن يفهم اللعبة الدواردار الجديد ويستولي على السلطة.
الغريب أن أمر تداول السلطة في ذلك الوقت كان يتم بتكرار ممل ، دون ان يستفيد السلطان الجديد من خطأ السلطان القديم ، وكان أبو الطبايخ يستولي على السلطة ويقع في ذات الخطأ أمام جاشكنيره الجديد أو دورداره الطامح.
ترى هل اختلفت المعادلات حاليا في العالم العربي ؟؟؟؟
ghishan@gmail.com