نعم كنت مع ترامب لأنه كان ضد إيران !
خلافاً لما هو متبع في «عالمنا» الثالث البائس، حيث يتم إستفزاز الناس بكل طرق الإستفزاز مع إقتراب لحظات إعلان نتائج المسابقات الإنتخابية، وهذا إنْ كانت هناك مسابقات انتخابية، فإن الإطباء والخبراء، مع ازدياد حالة التوتر التي غدت تعم الشارع الأميركي في ظل الأجواء المشحونة مع اقتراب لحظات إعلان نتائج الإنتخابات الأميركية، قد وجهوا إرشادات إلى المواطنين الأميركيين الذين كان وصل بهم التوتر ذروته إلى التقليل من شرب القهوة خلال متابعة إعلان النتائج تلفزيونيا وبممارسة الرياضة للتخفيف من مستويات ضغط الدم وتجنب الإصابة بالنوبات العصبية .
منذ أن بدأت معركة الإنتخابات الرئاسية الأميركية وأستقر خيار الحزبين المتنافسين، الحزب الديموقراطي والحزب الجمهوري، على المرشحين اللذين خاضا معركة من أقسى المعارك الإنتخابية في تاريخ الولايات المتحدة بدأنا نسمع من يسألون ويتساءلون : «هل أنت مع هيلاري كلنتون أم دونالد ترامب»؟! وحقيقة أن عظمة أميركا ومكانتها الدولية هي التي تجعل العالم كله معنيٌّ بهذه الإنتخابات وتجعل حتى الذين يخوضون المعارك في الموصل وفي حلب وفي اليمن ينسون همومهم ويذهبون إلى همٍّ من المفترض أنه همٌّ أميركي لا علاقة لمعظم شعوب الكرة الأرضية لا به ولا بأهله!!.
وبالطبع فإن المؤكد أن الأميركيين إن ليس كلهم فبأغلبيتهم إن هم اهتموا بأي إنتخابات خارج بلدهم الولايات المتحدة فإنهم يهتمون، هذا إن هم إهتموا بأي إنتخابات ، بالإنتخابات البريطانية والفرنسية والألمانية والإيطالية على إعتبار أن جذورهم في هذه البلدان.. أما بالنسبة لانتخاباتنا في هذا الوطن العربي، الذي تعتبر الإنتخابات حتى الشكلية في بعض أقطاره «السعيدة» عملة نادرة، فإنها لا تثير حتى المغتربين من أبنائه الذين عندما يسمعون بأن هناك إنتخابات رئاسية، في إحدى جمهوريات ليس الموز وإنما الذبح البدائي والمعتقلات والسجون، ويضحكون وحالهم كحالنا حتى يستلقون على ظهورهم!!.
وهنا وإذا أردتم الحقيقة فأنا، العبد الفقير إلى الله جلَّ شأنه، قد كان إهتمامي كبيراً بهذه الإنتخابات الأميركية وقد جعلتني هذه المتابعة أرابط أمام شاشة الـ «Fox News» وأفتعل صراخاً مدوياًّ بين فينة وأخرى ليس لأني تأثرت بعبارة قالتها هيلاري كلنتون أو حركة «قرعاء» قام بها دونالد ترامب ولكن لأُشعر نفسي وأشعر «الجيران» أنني مهتم بهذه الإنتخابات أكثر من إهتمامي بالإنتخابات اللبنانية الأخيرة التي حققت للجنرال ميشال عون أمنية العمر وأيضاً أكثر من اهتمامي بتلك الإنتخابات التي أحرز فيها صدام حسين رقم مائة في المائة حسب البيان الذي أصدره عزت الدوري الذي لا أعرف أين هو الآن.
والآن وبعد هذه المقدمة التي شكلت لبعض من قرأها ما يمكن اعتباره:»خرط القتاد» أو ابتلاع تين «الصَّبر» بلا تقشير فإنني وقد تابعت هذه المعركة الإنتخابية، التي هي بالتأكيد أكثر ديموقراطية من الإنتخابات السورية التي تنافس فيها نحو عشرة فقط مع الرئيس بشار الأسد الذي حصل وللأسف على نسبة 99.99 في المائة فقط من أصوات الناخبين فإنني كنت محتاراً طوال كل هذه الفترة… فهل أنا مع هيلاري كلنتون أم مع دونالد ترامب؟!.
أنا مع هيلاري كلنتون لأنها مرشحة الحزب الديموقراطي وقبل ذلك لأنها أول سيدة تترشح للإنتخابات الرئاسية ولأنها ذات ميول يسارية ولأن لها موقف متقدم على مواقف باراك أوباما تجاه الأزمة السورية ثم ولأن عهد زوجها بيل كان عهد الإهتمام بالقضية الفلسطينية وبصراحة لأن طلتها لا يمكن أن تقارن بطلة منافسها دونالد ترامب الذي عندما يفتح شدقيه على أقصى مدى لهما «أتخيل» أنني أمام تمساح مفترس يريد ابتلاعي .
ثم بصراحة، والصراحة في هذه الأيام مكلفة جداً، فأنا كنت مع دونالد ترامب لأنه له موقفاً حازماً تجاه إيران وتجاه عربدتها في هذه المنطقة وكنت ضده لكثرة ما أبدى من نفاق مقرف لإسرائيل وسياساتها العدوانية أما بالنسبة للسيدة هيلاري كلنتون فقد كنت معها لأنها كانت «مناضلة» طلابية ولأن والدها كان يسارياًّ.. والبعض يقول أنه كان شيوعياًّ.. أنا مع هيلاري كلنتون لأنها فازت في هذه الإنتخابات؟!.