ماذا بعد؟
عند كتابة هذه السطور كانت عملية التصويت ما زالت جارية لإنتخاب مجلس نواب جديد , وعند قراءتها ستكون تركيبة المجلس الجديد قد ظهرت . فماذا بعد ؟.
هذه مرحلة مهمة , قد بدأت لها ما بعدها , لكن أول الأهم هو هل سيستعيد الناخب الأردني ثقته بممثليه بيديه , هذه مهمة وقعت بالفعل على عاتق المواطن الناخب , الذي فرغ من الإدلاء بصوته وحسم خياراته , عشائرية كانت أم سياسية أم إجتماعية أم دينية , فكل ما فعله سيجنيه بيديه , ولا يستطيع بعدها أن يلوم نتائج مخرجاته إن لم تكن مرضية , وسيشعر بالرضى إن كانت مناسبة لحجم التحديات .
يعجبني كثيرا الشعار الأهم الذي رفع كعنوان لهذه الإنتخابات التشريعية , نحن في الأردن نحتكم لصناديق الإقتراع مثل كل الدول الراقية , وفي بلدان ليست بعيدة يحتكمون للسلاح وبينما الحوار الديمقراطي الهادئ هو النتيجية , فالدم هو نتيجة لما نراه في الجوار.
هذه رسالة أصر جلالة الملك عبدالله الثاني أن يعمقها عندما قرر الذهاب بالشعب الأردني الى صناديق الإقتراع في حسم لخيار الإصلاح السلس والناعم مترفعا عن التحذيرات داخلية كانت أم خارجية نبهت الى التوقيت والى الظروف الإقليمية وغير ذلك .
تذهب سفينة الأردن بهدوء عبر بحر متلاطم , الى مرساها , عتبة جديدة في مسيرة الإصلاح التي نأت بنا عن تداعيات الربيع المر , وخرجت بنا من عنق الزجاجة .
طبيعي أن تتسم مرحلة السباق بمبالغات كبيرة في الشعارات المطروحة وخصوصا الاقتصادية , والتي غالبا ما يتخلى النواب الفائزون عن معظمها ليس لضعف قناعة , انما لأن الواقع يستدعي النظر الى القضايا بواقعية , ما يتطلب اجتراح حلول منطقية ومطالب مناسبة لحجم الامكانات, فالشعارات شيء والدخول الى معترك الحلول شيء آخر.
اليوم ..تكون تركيبة مجلس النواب الثامن عشر قد عرفت , ما يعني أن مرحلة السباق قد بلغت خط النهاية بكل ما فيها من حماسة وشعارات , والتركيبة المتوقعة بلا أدنى شك ستمثل كل شرائح واتجاهات المجتمع الأردني , فليس هناك من غياب سوى حفنة لم تفلح في دعواها لمقاطعة الإنتخابات وهي لا تمثل سوى نفسها .