متغيرات درامية!
توافق الروس والاميركيين على عدم انعقاد جلسة مجلس الامن بطلب روسيا، واجماع الرئيسين بوتين واوباما على عدم نشر توافق كيري – لافروف في المسألة السورية، يعني ان الضربة الجوية الاميركية للجيش السوري في دير الزور، لم تكن نتيجة خطأ في حسابات الصواريخ الذكية الجو – ارض الاميركية، وانما كانت تحذيرا جادا لروسيا (وطبعا لايران وسوريا) انها ليست مسيطرة على المشهد السوري، وانها لا تستطيع ان تنفرد على الارض او في تقرير مصير عملية الحل السياسي للمسألة السورية.
القناعة بان ادارة اوباما عاجزة عن وقف الاستفراد الروسي في سوريا، ليست واقعية تماما، فما يزال الرئيس اوباما قائدا عاما للجيوش الاميركية، وقادرا على اتخاذ قرارات حاسمة، وقبل ضربة دير الزور انعقد مجلس الامن القومي الاميركي في البيت الابيض، واتخذ القرار الذي قلب الموازين في اقل من اثنتي عشرة ساعة.
لقد طاش رئيس النظام السوري على شبر ماء، بعد صلاة عيد الاضحى في مدينة داريا الخالية من السكان، حيث تحدث عن السيطرة على كل سوريا فنموذج افراغ داريا او المعظمية، او قرى القلمون من سكانها لا يمكن ان يتكرر، وقد فهم بشار – وهو ليس ذكيا ابداً – ان تركيا صارت في جيب روسيا.. اي في جيبه، وان دخولها لجرابلس وريف حلب هو لصالح نظامه، وان جيوش الجنرال سليماني تسيطر فعلاً على اربع عواصم عربية.. ومنها عاصمته.
والمراقب العربي يجب ان يفهم ان ما يجري في العراق يؤثر تأثيراً مباشراً على الوضع في سوريا، وان عملية الهجوم على الموصل تأخذ بعين الاعتبار اوضاع الرقة وهي العاصمة الاولى لداعش.
هناك ترابط في مصائر دول الهلال الخصيب، نتجاوزه حين لا نفهم معنى وحده المصالح ووحدة المصير! ان نقف معاً ونسقط معاً واذا كان للاردن حساباته المختلفة فلأنه لا يعتقد ان النظام السوري هو نظام قابل للحياة رغم وجود سبعين الف «متطوع للدفاع عنه» وان الوضع في العراق غير قابل لاستمرار الفوضى والنهب وفرض التخلف الايراني عليه، وان الدولة الفلسطينية مشروع حي، وان لبنان رغم انعدام سيادة الدولة فيه لا يمكن اقامة الصلاة على كيانه، وانتمائه لامته بهذه البساطة.
للأردن موقف مختلف، لا علاقة له بالحسابات المتداولة في المزاد القائم، وهو النظام السياسي الاقوى في المنطقة رغم ظروفه الاقتصادية.. التي تبقى افضل الظروف المماثلة في محيطه العربي. واهم ما في الدور الاردني حفاظه على قواه الداخلية واهمها: وعي المواطن والجيش والامن. فمجرد البقاء واقفا هو موقف مؤثر على من حوله. ومع ذلك فالاردن لن يبقى كما هو اذا تطلب الوضع تحركه شمالا او شرقا. وقد تحرك في الاربعينيات. وكان لجيشه تأثير حاسم رغم انه الجيش الأصغر.
الاردن ليس الحجر المرذول في هذا الركام فهو: حجر الزاوية في بناء الوطن.