الاعتداءات الإسرائيلية مقدمة لمواجهات إقليمية
رد الفعل العربي على الاعتداء الإسرائيلي سيظل في إطار الإدانة، والادانات العربية لا تتوحد الا عندما تكون موجهة لاسرائيل لكنها إدانات لا تتضمن هذه المرة التعبير عن التضامن مع النظام. وهذا ما تدركه تل أبيب التي تجد نفسها طليقة للتصرف ضد نظام معزول في المجتمع الدولي. بالمقابل كيف سيتضامن المواطن العربي ضد الاعتداء وهو يعيش منذ يومين أخبار عمليات التطهير الطائفي في بانياس والبيضاء ومشاهد ذبح الأطفال والنساء وتصفية المئات !.
السؤال المحير الذي يتوارد إلى السوريين والعرب لايزال هو: لماذا هذا النظام أسد على الأطفال والنساء والمدنيين العزل ونعامة عندما تصفعه إسرائيل عن اليمين والشمال ؟ لماذا يكشف جيشه في كل يوم عن ترسانة هائلة من مختلف أنواع الأسلحة التي يستخدمها لإخضاع شعبه فيما لا يجرؤ على اطلاق قذيفة مدفع او صاروخ سكود او إرسال طائرة إلى سماء إسرائيل ؟.
سنسمع نفس المزاعم التي يروجها النظام بالادعاء بانه مستهدف، ولأنه نظام ممانعة ومقاومة إلى آخر مخزون هذه البضاعة المستهلكة الغارقة في بحر دماء السوريين. سياسته الراضخة لإسرائيل قائمة منذ عقود، فهو لم يرد من قبل على غارات إسرائيلية ضربت مختبراته في عمق دمشق وفي أقصى الشمال، لم تكن آنذاك ثورة ( ولا إرهابيون ) مرة أخرى هو أسد على شعبه نعامة أمام إسرائيل..
منذ حصار بيروت عام ٢٠٠٠ من قبل قوات العدو الإسرائيلي وحتى جريمة اغتيال الحريري لم يقم هذا النظام بأي عمل عسكري ضد إسرائيل بحجة أنها تريد جره إلى حرب لا يستطيعها وانه يعمل على بناء توازن استراتيجي معها، وعندما كانت القوة العسكرية الإسرائيلية تدمر لبنان على أهله مرات ومرات، كانت قواته المتواجدة على الأرض اللبنانية منشغلة بفك وإعادة تركيب المشهد السياسي في لبنان وتدوير الصراع بين الطوائف ليستقر على موازين تحالفاته السياسية والطائفية مع ايران.
لهذا لم يكن النظام مؤذيا لإسرائيل فهو المجرب بالجولان واحتلالها المنسي. والناس في سوريا والمنطقة يعرفون ان قرية شبعا اللبنانية محتلة لكنهم لا يكادون يتذكرون الجولان. وعند كل صاروخ يطلقه على حلب او المدن السورية الأخرى او مشاهد تدمير طائراته للأحياء وتحويل المدن والقرى إلى خرائب تطرح الجولان الحائرة دموعها على جيش أدار لها ظهره ليتفرغ لقتال شعبه.
أرى ان ما يجري من تطورات ومن اعتداء إسرائيلي على مراكز النظام لا يعبر عن(دعم) اسرائيلي للثورة إنما يرتبط بتدخل ايران بالصراع السوري عبر قوات حزب الله في ريف حمص ودمشق وغيرها الذي رافقه سيل من التصريحات لمسؤولين في طهران أكدوا أنهم يدعمون نظام الأسد وانهم لن يسمحوا بسقوطه.
التطورات الأخيرة تسجل انتقال الصراع إلى دائرة مواجهات إقليمية أوسع بين طهران وتل أبيب على قاعدة المواجهة حول المشروع النووي الايراني وبأدوات محلية هي نظام الأسد وحزب الله، وهي تطورات لا تبتعد واشنطن عنها بعد ان ذكرت بانها وافقت سلفا على ( الضربات ) الإسرائيلية وأوباما الذي يستعد للقاء بوتين في الشهر المقبل يريد ان يجلس معه وسط تغييرات على الأرض لعلها تقنع الرئيس الروسي بالضغط على الأسد لإنهاء حرب المذابح والعودة لحل سياسي يقوم على مرحلة انتقالية يقرر فيها السوريون مصيرهم.