«دعـوة» بـوتـيـن: محاذير ومخاوف !
ربما, بل المؤكد، أنَّ من حق الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) أنْ يتريث وأن يتردد قبل موافقته على دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بجمعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فهناك كما هو معروف مبادرة فرنسية لحل القضية الفلسطينية على أساس القرارات الدولية وما كان تم الإتفاق عليه باتت تتخذ مسارات جدية واعدة وهنا فإن الخوف والمخاوف هو أن يكون هدف هذه الدعوة هو قطع الطريق على هذه المبادرة التي تعتبر هي بصيص الضوء الجدي الوحيد في هذه المرحلة الظلامية .
إنه معروف أنَّ «أبو مازن»، كان الله في عونه، لا يستطيع رفض دعوة بوتين هذه ولاعتبارات متعددة وكثيرة كما أنه وفي الوقت ذاته يجب أن يكون حذراً من أن يستغل نتنياهو وبرضى من «الداعي» هذه الدعوة و»يميت» مبادرة الرئيس الفرنسي فرانسو أولاند إنْ تدريجياً وخطوة بعد خطوة وإنْ بالضربة القاضية .
لقد قال المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف في أعقاب لقاء مع أعضاء في القيادة الفلسطينية في رام الله :»إن موقفنا واضح ومعلن ولا رجوع عنه بالإعتراف بدولة فلسطينية.. ونحن ندعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني خصوصاً تقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة التي نعترف بها منذ أكثر من نصف قرن.. إنه من دون تسوية هذه القضية صعبٌ جداًّ الحديث عن السلام والأمن والإستقرار في المنطقة».. لكن ومع أن هذه المواقف الروسية معروفة فإنَّ ما يثير بعض الشكوك هو قول هذا المسؤول الروسي: «نحن مستمرون في المشاورات والإتصالات مع الطرفين حول شكل ومضمون هذا اللقاء وزمانه»!!.
والمشكلة هنا هي أنه معروف عمق العلاقات التي تربط الرئيس الروسي برئيس الوزراء الإسرائيلي بل وأن هناك مؤشرات سابقة ولاحقة على وجود إتفاقيات تحالف سري وفي المجالات كافة بين روسيا فلاديمير بوتين وبين بنيامين نتنياهو وهذا في حقيقة الأمر يعزز الشكوك بأن الهدف الفعلي والحقيقي لهذه الدعوة هو إحباط المسعى الفرنسي وإخراج الإسرائيليين من مأزق رفض هذا المسعى الذي بات يأخذ في الآونة الأخيرة أبعاداً فعلية جدية .
وهكذا فيقيناً إنَّ هذه «الدعوة» التي جاءت في ذروة الإنهماك بالمبادرة الفرنسية الآنفة الذكر فلسطينياً وفرنسياً وعربيا ودوليا قد جعلت (أبومازن)، المعروف بعلاقاته الحميمة القديمة بموسكو إن في عهد الإتحاد السوفياتي وإن في هذا العهد، يواجه إحراجاً فعليا فهو لا يستطيع رفض دعوة بوتين هذه وهو في الوقت ذاته لا يستطيع أن يغامر بالموافقة عليها بدون أي ضمانات مؤكدة ويخسر كل ما قام به الفرنسيون ومازالوا يقومون به ولذلك فإنه، أي الرئيس الفلسطيني، قد استطرد بعد إعلان استعداده لقبول هذه الدعوة وحضور هذا اللقاء المقترح مع بنيامين نتنياهو: «إن ما يهمني هو العمل للوصول إلى دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 والقدس الشرقية عاصمتها «.
إنها مشكلة بالفعل فالفلسطينيون لا يستطيعون رفض هذه الدعوة التي وجهها إليهم رئيس دولة صديقة هي روسيا الإتحادية وهم في الوقت ذاته يخشون من أن تكون هذه المسألة من أولها إلى آخرها لعبة بين فلاديمير بوتين وبنيامين نتنياهو لقطع الطريق على المبادرة الفرنسية التي بدأت تتخذ في الآونة الأخيرة أبعاداً جدية ضاغطة على الإسرائيليين والتي ينطبق عليها، في ظل كل هذه المستجدات التي باتت تغرق فيها هذه المنطقة وبات ينشغل بها العالم بأسره، ذلك المثل القائل :»عصفور في اليد خيرٌ من عشرة على الشجرة».