دينار «داعش» الذهبي .. هل تذكرونه؟
نخلة، سنابل، رمح مُتوج بدرع، خارطة العالم، الهلال كانت تلك رموزا لعملة تنظيم داعش الإرهابي صكها من الذهب الخالص والفضة، تحاكي نقود فجر الإسلام لكنها تغايرها تماما قبل أن تختفي .
لا زلت أذكر فيديو بثه التنظيم الأسوأ في العصر الحديث «داعش» ، لترويج العملة الجديدة , لم يغفل الفيديو الذي صور على طريقة أفلام هوليوود ، ذكر دوافع إصدار العملة مثل التحرر الإقتصادي من هيمنة الطغاة , مذكرا بقانون احتياطي الذهب الصادر عام 1934.
يشار هنا الى أن مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا سنة 1997 كان أول من طرح فكرة الدينار الذهبي الإسلامي كبديل للدولار، للتعامل التجاري والنقدي بين الدول الإسلامية، ولم تلاق هذه الفكرة آذاناً صاغية ؛ ليس بسبب الضغوط الدولية فحسب بل لصعوبة تطبيقها قبل أن يعاد طرح الفكرة ، بعد الانهيار الاقتصادي عام 2008 والارتفاع الكبير في سعر الذهب.
ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻭﺍﻻستقلال وفك الإرتباط بالإقتصاد العالمي يلزمه دولة راسخة قوية رصينة البنيان ، لكن الواقع أن التنظيم ما هو إلا كيان لمليشيات ومرتزقة لذلك فقد فشل ديناره الذهبي لحظة صكه مع كل روح بريئة يزهقها من دون وجه حق، لكن الأهم أنه لم يرتكز الى قوة اقتصادية قوامها العدالة بل هو ممول من السرقة والإغتصاب وبيع النساء وتهريب النفط وتجارة المخدرات والخطف والإبتزاز وبيع الاثار .
دعك من الكلام الكبير الذي رافق صك العملة , فقد جربناه على يد متلاعبين بعواطف الناس من زعماء تسلموا السلطة على أظهر الدبابات وكان حينها الحديث عن الإستقلال من القهر والإستعمار رائجا في دعوات الإشتراكية والعدالة والحرية التي سرعان ما تحولت الى فساد عظيم وطبقة حاكمة غرقت بالملذات وهزائم لم تضع على وقعها ثروات فحسب بل أنفس وسنوات طويله أعقبتها من التخلف والجهل .
فور الإعلان عنه واجه دينار داعش الذهبي كفكرة خرافية معوقات اقتصادية أولها في صعوبة حمله ونقله وندرة الذهب، الذي لا يزيد ما تم إنتاجه عالميًا حتى الآن عن 140 ألف طن؛ ما يعني أن ارتباط النمو الاقتصادي الدولي بحجم الإنتاج من الذهب مرهون باكتشاف المزيد من الذهب.لكن التنظيم أغفل حقيقة مهمة وهي مصادره , فمن أين يأتي إن لم يكن من الأسواق العالمية ومن المؤسسات الدولية التي يريد الإنفكاك عنها وهزيمتها ؟.
مثل كل التنظيمات السريالية , التي تتجاوز الواقع لكسب تعاطف البسطاء بإطلاق الوعود بالازدهار الاقتصادي والحياة الكريمة، دينار داعش كان مجرد فقاعة تحولت إلى سراب، فالعملة القوية كالدولار أو اليورو هي نتيجة طبيعية للتطورات الاقتصادية وتمثل اقتصادات عالمية قوية متمثلة بدول مستقرة ولها نفوذ سياسي فرض عملتها على العالم فأي تنظيم متهاوي بدأ يفقد أوصاله من هذا كله ؟.
المضحك أنه مع صك العملة فالتنظيم الذي بدا أن شمسه آفلة لا يملك أي طريقة لدفع مرتبات المقاتلين في صفوفه إلا الدولار الأميركي !!.