بلقنة المنطقة ولبننة المنطقة!
لا حاجة لمزيد من الكتب والدراسات حول التدخل الأميركي في الشأن اللبناني. والذين يحاولون الآن توصيف التفاصيل من 1967 إلى 1976 نعيدهم الى تحذيرات أردنية كثيرة من عواقب بلقنة لبنان كمختبر لبلقنة المنطقة .
وقد نجحت الأيدي التي صمّمت الأزمة اللبنانية في اشعال نار إعادة بلد «مثقف» كلبنان إلى ميليشيات طوائف ومذاهب، وتم جرَّ الفلسطينيين الى التركيبة، فخرج لبنان من الظلمات دون مواصفات الوطن الذي تعيش فيه «العائلات اللبنانية» في ظل كيان ديمقراطي نسبي إلى ما هو أسوأ، فلبنان الآن ليس دولة بمعنى الدولة الحديثة، وإنما هو طوائف تدور حول قوة ميليشاوية شيعية يقول زعيمها دون أن يرفّ له جفن: نحن نقبض من إيران رواتبنا ونفقاتنا ونأخذ أسلحتنا وطعامنا وشرابنا، ولذلك فنحن لنا ولاء واحد هو ولاؤنا.. للولي الفقيه في طهران .
والمختبر اللبناني وصل إلى قمة نضوج نظرية البلقنة، فانداح على سوريا والعراق وليبيا واليمن.. وتغيّر الاسم: بدل بلقنة المنطقة، صار لبننة المنطقة.
هناك دول تحمل الفيروس اللبناني.. دول فاشلة، موجودة فقط على الخارطة.. لكنها فعلاً غير موجودة عملياً إلاّ في بيانات القتل والتهجير والتدمير وأخبارها على الفضائيات. فأين الرئيس السوري والبرلمان السوري؟. أين الجيش السوري الذي لا يستطيع السيطرة على بلدات كداريا ودوما وكفر بطنا تشكل جزءاً حقيقياً من العاصمة دمشق؟. وأين رئيس وزراء العراق.. هل هناك مجلس وزراء؟!. هل هناك رئيس جمهورية؟. هل يمكن ان نصدق أن الجيش العراقي العظيم هرب في الموصل من ألف داعشي وترك وراءه أسلحة ثلاث فرق مدججة بالدبابات والمدافع الأميركية الحديثة، وأموال البنك المركزي العراقي؟. وهل العراق دولة او كونفدرالية أو تجمعات وكيانات مذهبية وعنصرية متناحرة ولها ولاءاتها المختلفة.. خارج العراق؟!.
وأين اليمن السعيد، ووحدته، وملايينه في زاوية الجزيرة العربية؟!. هل هو فعلاً دولة؟ هل يمكن ان تنتهي حربه الداخلية إلى المصالحة والعودة إلى صنعاء.. مهما طال السفر؟!.
من الصعب أن نتابع حالة اللبننة فهي تكاد تشمل الجميع.. إلا فيما ندر. وعلى الجميع أن يقبل تحذيرات الأردن من بلقنة المنطقة منذ عام 1975، وأن يفهم حجم اخلاصها الوطني والقومي. وأن يفهم موقعها الحالي من الحلول المطروحة لإعادة المنطقة العربية إلى ما كانت عليه: عربية لها مواصفات الوطن .