خامنئي .. وكل حجٍّ !
المؤسف حقاً أنَّ مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي اقترب من أن يكون نسخة أخرى من حمدان قرمط الذي استعان بأبي سعيد الجنابي فملأ بلاد المسلمين جوراً وهلاكاً ودماءً بدل أن يملأها عدلاً وقد انتهى به الأمر، كما هو معروف، إلى ارتكاب أبشع جريمة عرفها تاريخ الإسلام والمسلمين عندما انتزع «قرامطته» الحجر الأسود من الكعبة المشرفة وحيث لم يسترد إلى مكانه الطاهر إلاّ بعد إثنين وعشرين عاماً وبعد تهديدات حاسمة من عبيدالله المهدي مؤسس الدولة الفاطمية الإسماعيلية.
ويقيناً إننا لا نتمنى، وبالطبع أنَّ أي مسلم وأي عربي لا يتمنى، أنْ يحيد المذهب الشيعي «الشريف» عن القيم النبيلة، التي أرساها جعفر الصادق وبعده موسى الكاظم وهي قيم إسلامية بقي يتمسك بها السلف الصالح ولا تزال تتمسك بها غالبية المسلمين إن ليس كلهم، وأن يجد المسلمون في كل أرجاء المعمورة وإذا بهم أمام حالة «قرمطية» جديدة على غرار تلك الحالة التي كانت حالة مرضية ولكن عابرة في التاريخ الإسلامي وحيث أُرتكبت مجازر ومذابح دامية وتجاوزات آثمة عندما غزا أتباع حمدان قرمط هذا الدين الحنيف بالتشوهات والإنحرافات والأفكار والمفاهيم الفاجرة.
حتى مراحل قريبة، قبل أن تكون هناك بدعة :»الولي الفقيه» التي أقحم الصفويون «المستقتلون» على السلطة والحكم هذا المذهب الشريف فيها والتي لا يزال معظم «آيات الله» من العرب يرفضونها، ما كان هناك كل هذا التوتر وكل هذه المشاحنات المفتعلة.. فجعفر الصادق كان ولا يزال يعتبر في طليعة أئمة المسلمين مثله مثل أبي حنيفة النعمان ومثل محمد بن إدريس الشافعي و مالك بن أنس وأحمد بن حنبل رضي الله عنهم جميعاً وأرضاهم ومعهم موسى الكاظم.. والمهدي المنتظر وكل آل البيت الأطهار.
وحقيقة، وهذا يوجع القلب ويؤلم الضمير، أن ما باتت تفعله إيران في كل موسم حج من كل عام قد عمَّق الشرخ الذي أوجدته الثورة الإيرانية وللأسف في الكيان الإسلامي الواحد وبين الشيعة وإخوتهم السنة وهنا فإن ما لا يمكن السكوت عليه أو التغاضي عنه هو أن السيد علي خامنئي، الذي من المفترض أنه بحكم موقعه ومكانته للمسلمين كلهم وأنه ضد أي تشويش وأي إرباك لحجاج بيت الله الحرام الذين جاوا إلى مكة والمشاعر المقدسة من أربع رياح الأرض، بات يعترض هذه المناسبة العظيمة وفي كل عام بتصريحات بل بشتائم هدفها «التشويش» والإساءة و»التوتير» وإشغال زوار بيت الله الحرام بقضايا سياسية جانبية.
إن الحج فريضة مقدسة مثلها مثل الصلاة والصوم ومثل الشهادتين والمفترض أن يحرص كل مسلم وبخاصة من هو معمم مثل السيد مرشد الثورة والولي الفقيه علي خامنئي على ألاّ تتحول هذه المناسبة الطاهرة إلى مناسبة سياسية وإلى مهرجان تباغض وتباعد واقتتال كما بات يسعى إلية سنويا وفي مثل هذه الأيام المقدسة… والسؤال هنا هو : لماذا يا ترى يحصل هذا كله بينما الأوضاع والظروف المتأججة في العالم الإسلامي وفي هذه المنطقة على وجه التحديد تتطلب ألا يقول قائد في موقع هذا «القائد» إلا خيراً .. وإلا ما يجمع المسلمين ولا يفرقهم وإلا ما يزيدهم إلاّ تحاباً وتقارباً.. ويرص صفوفهم لمواجهة عدوهم المشترك.
ربما أن «العتب».. عتب المسلمين كلهم وفي هذه المناسبة السنوية الطاهرة غير جائز وغير مطلوب من حالة كحالة :»حسن نصر الله « وحالة قاسم سليماني.. وهادي العامري وقادة كل هذه الميليشيات الطائفية إن في العراق وإن في سورية وإن في اليمن أيضاً.. أما بالنسبة للسيد علي خامنئي الذي يحتل هذا الموقع الذي يحتله فإن المؤكد أن المسلمين كلهم لا يعتبون عليه وفقط بسبب كل هذه التصريحات التوتيرية التي دأب على إطلاقها في كل موسم حج هُم بل يغضبون غضباً شديداً لأن المقصود هو زرع الفتنة وهو الإساءة لهذه المناسبة وهو دق أسافين البغضاء والتنافر بين الإخوة.. أصحاب العقيدة الواحدة .