الملكة غاضبة
نذكر هنا صرخة كانت أطلقتها جلالة الملكة رانيا العبدالله حينما نادت بثورة تعليمية لكنها اليوم تعود وقد ضاق صدرها فقررت أن تحول الصرخة الى « غضب».
نعم الملكة غاضبة وقلقة ونحن كذلك والاف الأسر , على أحوال التعليم وعلى مستقبله في الأردن , بينما كان يفترض أن يحرز تقدما نراه يتراجع , وبينما كانت علامات التراجع تعطينا إشارات إنذار , أصبحت اليوم لا تطاق , وقد جاءنا في نتائج التوجيهي الخبر اليقين , ليس فقط في غياب التنسيق والتفاهم بين مركزي القرار في التعليم العام والعالي بل في إرتباك الإستراتيجيات وغياب التخطيط بعيد المدى , لكن السخط كان في أسلوب إعادة الهيبة للإمتحان العام على حساب النوعية وعلى حساب الطلاب وأسرهم .
ضمت الملكة صوتها بقوة الى من يطالب ب « كسر تابو الحديث عن المناهج» وهي التابوهات التي حدت من الإبداع والتفكير تحت ضغط قيم بالية , وأبقت الطلبة أسرى التلقين الذي لم يعد ينفع , بل على العكس , ظهرت علاماته السيئة في ثغرات قاتلة وهي إخفاق الطلبة في التعلم وفي القراءة وفي الكتابة , لأنهم اسرى روتين تعليمي لم يعد قائما الا في الدول المتخلفة .
الأهالي لا يثقون في التعليم العام ويذهبون بأبنائهم إليه لقلة المال , وبينما تمتص المدارس الخاصة معظم مداخيلهم , فها نحن نرى إنتاجها في التعليم لا يقل رداءة عن مستوى ما ينتجه التعليم العام , وبينما إهتمت المدارس الأهلية بالشكل للتفوق على نظيره المزري في مدارس القطاع العام , أهملت الجوهر , والنتيجة تجارة تدر أرباحا على مستثمرين لا علاقة لهم بالتعليم الذي بات يديره حفنة من المحاسبين وحملة الشيكات والكمبيالات والمحامين .
هل التعليم بخير , هناك قراءات كثيرة , لكن أهمها موقف المعلم , مستواه وكفاءته وإيمانه بمهنته , وهيبته في نظر تلاميذه الذين يعلمهم .
كان هناك من يقول دعوا الوزراء يعملون , فأنظر الى أين وصلت بنا سياسات بعضهم , فالتعليم ليس بخير , ,إن كان سيحتاج الى خطط جادة فنقترح هنا حوارا جادا حوله لأن التعليم يتفوق على سواه من الأولويات وإصلاحه يكفينا وزيادة من أجل مستقبل الأجيال , وماذا لدينا سوى القوى البشرية ثروة .
كنا ننظر باعجاب الى مبادرات الملكة رانيا ولم نزل لكننا اليوم نأخذها بقلق ونرى جلالتها وهي تسابق الوقت لتطوير وتحديث التعليم بدءا بالمعلم والمدرسة ونحن ننظر بألم الى ما يجري في هذا القطاع الحيوي والمهم في حياتنا جميعا وقد رأينا كيف ذهبت بعض التيارات الى محاولة إختطاف هذه المهنة المقدسة وتسييسها كأداة ضغط .