لعبة التفاوض من أجل التفاوض!
حالة التفاوض من اجل التفاوض، وخلق مساحات زمنية غير محدودة في حل المشاكل الاقليمية العالقة، حالة نزعم ان مجترحها هو المسؤول الاسرائيلي. ونظن ان الكثيرين لم ينسوا كلمة اسحق شامير في مؤتمر مدريد الذي دعت اليه الولايات المتحدة بعد اغتيال العراق كنمط من التعويض العاطفي. وقتها قال شامير: لن يفرض علينا احد حلاً، وتستطيع ان نفاوض عشرة اعوام دون ان نوصل احدا الى شيء .
البدعة الصهيونية صار عمرها اكثر من عشر سنين، ويمكن ان تمتد في التفاوض الفلسطيني – الاسرائيلي خمسين سنة اخرى.. حتى لم يعد هناك شيء للتفاوض عليه. ويبدو ان اطرافا كثيرة في هذه المنطقة، وعلى خريطة النفوذ الدولي تعلمت من اليهود لعبة المفاوضات من اجل المفاوضات وعندنا عينه الامس بعد لقاء الصين.
فقد اشعر اوباما وبوتين تجمع العشرين بان تقدما جديا حدث في المسألة السورية.. وقد تطوعت اكثر من جهة لنشر تفاصيل الاتفاق. وبعد اقل من اربع وعشرين ساعة شهد العالم شكوى الرئيس الأميركي بان روسيا غير جادة وانها تتراجع بعد كل انجاز وطيلة سنوات الكارثة.
والحكمة كانت دائما يمنية، فالحوثيون يفاوضون منذ اشهر في الكويت، واستطاعوا خلالها الضحك على الجميع، وخاصة على الامم المتحدة. اذ انها كحركة انقلابية ميليشياوية اختطفت الدولة، كسبت اعتراف الجميع بها طرفاً رئيسياً من اطراف النزاع، وعادت فأعلنت انها حكومة، وبدأت بزيارة العراق في اعلان شيعيتها وشيعية الحكومة العراقية، التي استقبلتها «رسمياً». وهي مستعدة الآن للذهاب مرة اخرى الى الكويت والتوقيع على اتفاقات مصالحة.. ثم التهرب منها لانها ببساطة غير معنية بالمصالحة او بالاكتفاء بنصف الكعكة وفي لبنان تدور منذ سنوات «جلسات» الحوار اللبناني يلعب فيها حزب الله دوراً مزدوجاً، فهو معارض لكنه يشارك في كل الحكومات، وهو يتعامل مع الجميع «كالثلث المعطل» لكنه لا يعطل حصته، وإنما يعطل الدولة اللبنانية، فهي الان بلا رئيس، وبلا برلمان، وبلا حكومة لان للحكومة قرارها ولحزب الله قراره.
صار التفاوض الاقليمي او الاممي مادة لممارسة اعجب لا اخلاقية سياسية في القرن الواحد والعشرين الجديد، وصار قصف المدن وتهديها، وطرد الملايين من وطنها، موقف سياسي تحارب فيه روسيا اميركا، ويحارب العرب ايران، وتحارب تركيا الجميع وتصالح الجميع.
اغلب الظن ان العرب وحدهم هم الذين يدفعون ثمن «مرويجية» التفاوض، هل تتذكرون حالة المرويجية في لعبة «السيجة» التي كان يلعبها العجائز في الحارات المتربة؟